عقد المرشحون الثلاثة لانتخابات الرئاسة الجزائرية السادة أحمد طالب الإبراهيمي ومولود حمروش وعبدالله جاب الله اجتماعاً في مقر الحملة الانتخابية للسيد حسين آيت أحمد، وفي حضور السيد أحمد جداعي، الأمين العام بالنيابة لجبهة القوى الاشتراكية. وقدم الثلاثة في الاجتماع تعاطفهم مع آيت أحمد بعد الأزمة القلبية الخفيفة التي اصيب بها السبت. ووقعوا بياناً مشتركاً كان فريق المرشحين الأربعة أعده وصدق عليه. ولوحظ ان البيان المكون من ثلاث صفحات كان شديد اللهجة، إذ سجل فيه المرشحون الأربعة، آيت أحمد وحمروش والإبراهيمي وجاب الله، ملاحظاتهم على تنقلاتهم في الولايات خلال الحملة الانتخابية، ملاحظين ان "المواطنين متعطشون للحرية والعدل، ويطالبون باقتراع نزيه وشفاف يعكس اختياراتهم بكل وفاء". ورصد البيان "مخالفات وضغوطاً واستفزازات ومضايقات تمارس ضد المواطنين"، خصوصاً انصارهم، معرباً عن الأسف "لعدم احترام الضمانات والوعود" التي أعلنها الرئيس اليمين زروال وقائد الأركان العامة للجيش الفريق محمد العماري. وكان المسؤولان الكبيران أكدا الشهر الماضي ان الجيش لن يتدخل في الانتخابات لمصلحة أي مرشح، وان عملية الاقتراع ستكون حرة وشفافة. وقال بيان المرشحين الأربعة: "إن وسائل الإعلام العمومية وضعت من دون أي استحياء في خدمة مرشح واحد، وفي خدمة الأحزاب التي تسانده، بينما لا يعامل المرشحون الآخرون إلا بتغطية متحيزة ومشوهة لنشاطاتهم"، في إشارة إلى المرشح السيد عبدالعزيز بوتفليقة الذي يقول منافسوه إنه يحظى بدعم بعض قادة الجيش. ويبدي المرشحون الأربعة، مرة أخرى، "قناعتهم المشتركة في أن اقتراعاً مغلقاً تحدد الأجهزة نتائجه مسبقاً، يعرض البلاد لأخطار جسيمة في المجالات المختلفة". ويلفتون الرئيس الجزائري ورئيس حكومته السيد اسماعيل حمداني، إلى هذه "التجاوزات"، ويطالبون باتخاذ "اجراءات عقابية"، ويلحون على "توضيح التشكيلة الدقيقة للهيئة الناخبة من جهة، وضمان تغطية تلفزيونية منصفة لنشاطات كل المرشحين". ويعتبرون الانتخابات ذات طابع استراتيجي تتجاوز رهاناتها "مجرد انتخاب رئيس للجمهورية وتمثل فرصة حقيقية ومناسبة قصوى للقطيعة مع العنف ومع الممارسات التسلطية". ودعا المرشحون الموظفين وأفراد قوى الأمن إلى إدراج عملهم ضمن "الاحترام الصارم للقانون ولاحباط كل المحاولات الرامية إلى عرقلة أو تحويل أو تدليس التعبير الحر لإرادة المواطنين". ودعا المرشحون الأربعة الرأي العام إلى أن يشهد "أنهم لم يدخروا أي جهد لضمان هذا الاقتراع"، داعين "جميع الجزائريين والجزائريات إلى الحفاظ على يقظة متزايدة ودائمة لضمان انجاز اقتراع سليم ونزيه". وأعلن المرشحون الأربعة أنهم قرروا التنسيق ميدانياً من أجل: - تبادل المعلومات في شأن التجاوزات. - الاتفاق على ما ينبغي القيام به من أعمال لتفاديها أو القضاء عليها أو مواجهتها. - مراقبة السير النزيه للاقتراع واطلاع الرأي العام على كل المستجدات. وخلص البيان إلى تأكيد ان الموقعين عليه يحتفظون ب"حقهم إذا لم تتم الاستجابة لمساعيهم في ان يتخذوا، في الوقت المناسب، الاجراءات المناسبة بناء على تطورات الأوضاع". في غضون ذلك، هدد ممثلو المرشحين في اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات الرئاسية بالانسحاب في حال عدم ادراج طلباتهم ضمن جدول أعمال اللجنة. وتتعلق الطلبات بقضية "عدم المساواة والانصاف" في التغطية التلفزيونية للحملة الانتخابية، و"الانحياز الواضح" لمصلحة بوتفليقة، وكشف العدد الاجمالي لهيئة الناخبين الذي تقدره وزارة الداخلية ب17 مليوناً و490 ألف ناخب. ويطعن المرشحون الأربعة في هذا الرقم. ويظهر من بيان ممثلي المرشحين الأربعة أنهم يلوحون بالانحساب من الانتخابات إذا لم تستجب طلباتهم. وتضامناً مع آيت أحمد، أعلن حمروش تجميد حملته الانتخابية في ولايتي تيزي وزو وبجاية يومين أمس واليوم. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" إن اجتماعاً مهماً سيعقد بين المرشحين الأربعة، وربما يلتحق بهم مرشحون آخرون مثل مقداد سيفي، بعد انتهاء الحملة الانتخابية لاتخاذ "القرار المناسب" في حال استمرار ما يرونه انحيازاً لمصلحة بوتفليقة. وكان المرشحون الأربعة قدموا سابقاً لائحة بمطالبهم. وأعلنت وزارة الداخلية أنها قبلتها. ولكن، وفي انتظار القرارات التي ستنفذها الوزارة في شأن هذه المطالب، يرى مراقبون ان عدم الاستجابة لها قد يدفع الأربعة إلى الانسحاب من السباق الرئاسي، مع ما يحمله هذا التطور من انعكاسات على عملية الاقتراع الرئاسي بمجملها. ومعلوم ان المادة 161 من قانون الانتخاب تؤكد أنه "لا يقبل أي انسحاب للمرشح بعد ايداع الترشيحات إلا في حال وفاة أو حدوث مانع قانوني". ويمنح القانون اجلاً آخر لتقديم ترشيح جديد. لكن لا يمكن ان يتجاوز هذا الاجل شهراً. وفي حال وفاة أحد المرشحين أو حدوث مانع بعد نشر قائمة المرشحين، يتم تأجيل الاقتراع لمدة أقصاها 15 يوماً. أما في حال انسحاب أو حدوث مانع لأي مرشح من المرشحين الفائزين بالدورة الأولى، فإن المجلس الدستوري سيعلن بطلان الانتخابات ويمددها 60 يوماً للقيام من جديد بجميع الاجراءات الانتخابية. إلى ذلك، اتهمت حركة تجمع السلم حمس المرشحين الأربعة بعدم استشارة الأطراف كافة في شأن تحركهم. وقالت مصادر متطابقة ان الحركة اقترحت على الأربعة اقتراح مرشح واحد وانسحاب الثلاثة كشرط لتزكيتها لهم بحجة "المحافظة على وحدة الاصوات وعدم تشتتها". ولم يستبعد اعضاء من الحركة تأييد بوتفليقة إذا لم يتفق الأربعة على اختيار واحد منهم للمنافسة على الرئاسة وانسحاب البقية لمصلحته. ويستبعد المرشحون الأربعة الانسحاب من أجل كسب الأصوات. لكنهم يطالبون بالعمل المشترك مع البقاء أحراراً في الترشح. ويرون ان العمل المشترك في ما يتعلق بالدعم يأتي في الدورة الثانية وليس الأولى. وتجرى الدورة الثانية بعد أسبوعين من الدورة الأولى المقررة في 15 نيسان ابريل الجاري.