انتهت امس الحملة الرسمية لانتخابات الرئاسة في الجزائر، بعدما قطع المرشحون السبعة، وممثلوهم، عشرات الآلاف من الكيلومترات في الولايات ال48. وفيما بدأ امس الاقتراع في ولايتي ايليزي وورقلة الجنوبية، عبر الصناديق الجوالة، واستمر لليوم الثاني للجاليات في الخارج، بذل المرشحون الجهد الاخير لاقناع المواطنين المدعوين الى الاقتراع العام بعد يومين راجع ص5. وفي حين لا يزال احتمال المفاجآت مفتوحاً، خصوصاً في اجتماع كان من المقرر ان يعقده ليل أمس او صباح اليوم المرشحون الثلاثة مولود حمروش وأحمد طالب الابراهيمي وعبدالله جاب الله وممثل عن المرشح حسين آيت احمد، تستمر مخاوف هؤلاء من نسبة اقبال قليلة على الاقتراع، ومن مدى تجاوب قاعدته الائتلاف الحزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي وحركة النهضة وحركة مجتمع السلم مع الدعوة الى تأييد السيد عبدالعزيز بوتفليقة الذي يستقطب وحده الانتقادات والاتهامات بأنه استمرار للوضع القائم، والذي ترجح التقديرات انه سيفوز بالرئاسة من الدورة الأولى. ولم يستبعد حمروش، في مؤتمر صحافي رداً على سؤال يتعلق بامكان الانسحاب من المنافسة، اي احتمال. وأوضح ان الاجتماع الرباعي سيخصص لتقويم الحملة والاجراءات المتخذة و"كل الاحتمالات موضوعة في اذهاننا". لكن اوساطاً مطلعة لاحظت ان المرشحين الأربعة لا يمكنهم الانسحاب من دون سند قانوني لا تتوافر حتى الآن عناصره. وأكدت ل"الحياة" ان الاجتماع الذي سيعقب لقاء وزير الداخلية سيشدد في بيانه الذي يتولى مديرو الحملات صوغه على "عدم الاعتراف بالانتخاب في حال التزوير" الذي يخشون ان يمارس لمصلحة بوتفليقة. وفي هذا الاطار اكد الرئيس اليمين زروال، لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في عهده، انه يتعهد التزام الحياد و"توفير الشروط الملائمة لسير نزيه وشفاف ومنصف لمختلف العمليات الانتخابية". وبعدما شدد على "استمرارية الدولة على رغم تعاقب الرجال والأحداث"، ابدى ارتياحه الى سير الحملة الانتخابية، وقال ان الاحتجاجات، مهما كثرت "لم ترق الى التشكيك في النزاهة... الجو العام الذي يتكرس فيه المسار القانوني والمادي للانتخاب اندرج ضمن الرصانة والمسؤولية". واعترف السيد محمد بجاوي رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات بحصول "تجاوزات"، لكنه أكد انه طرح مع ممثلي المرشحين اعضاء اللجنة "كل المشاكل المتعلقة بهذا الموضوع واتضحت الرؤية عند كل طرف". وأشار في حديث الى صحيفة "العالم السياسي" امس الى ان ممثلي آيت احمد والابراهيمي اللذين انسحبا من اجتماع الأسبوع الماضي لم يستقيلا وانه لا يزال ينتظر رداً منهما على استفساره عن موقفهما. وأضاف: "في حال حدث تزوير خلال الاقتراع سنعلن عنه مباشرة ... وفي حال ثبوت ذلك سنطبق النصوص القانونية". لكن منافسي المرشح الأوفر حظاً، يشيرون دائماً الى ان التزوير ليس بالضرورة تقنياً، وانما يتمثل في الضغوط التي مورست سابقاً على الاحزاب من اجل دعم بوتفليقة، وكان آخرها انضمام حركة مجتمع السلم الى حملته. وقال حمروش في هذا الصدد، خلال مؤتمره الصحافي انه "لو كان مرشح الوضع القائم بوتفليقة يتمتع بالتأييد الواسع لما احتاجت السلطة الى الضغط على هذه الاحزاب وفرضت عليها موقف المساندة له". ويشير هؤلاء ايضاً الى انحياز الادارة. واعتبر حمروش انه لو كان الفوز سيتم بأصوات الناخبين "لما لجأت السلطة الى تسخير الاجهزة الادارية في تنظيم حملة" بوتفليقة، واصفاً الأخير بأنه "مرشح الادوات المكلفة بالتزوير"، ومكرراً التحذير من "نتائج وخيمة في حال حصل ذلك". وأنهى حمروش حملته امس بمهرجان كبير في قاعة حرشه في العاصمة حيث القى بوتفليقة بعد ظهر أول من أمس خطاباً طويلاً أمام حشد كبير من أنصار الائتلاف الحزبي الداعم له. وكان "الأمير الوطني للجيش الاسلامي للانقاذ" السيد مدني مزراق دعا في بيان نشر امس جميع الجزائريين الى المشاركة في الانتخابات، مؤكداً بذلك التوجه الذي اعرب عنه سابقاً مسؤولون في "الجبهة الاسلامية للانقاذ". وفيما كان السيد رابح كبير مسؤول الهيئة التنفيذية في الخارج دعا قبل ايام الى تأييد الابراهيمي، لم يحدد مزراق اي اسم لمرشح معين. لكنه طالب "صناع القرار" ب"تمكين الشعب من التعبير عن رأيه بحرية". ولاحظ مراقبون ان موقف مزراق يبقي الباب مفتوحاً لمفاوضات لاحقة تتعلق بالهدنة المعلنة منذ نحو 18 شهراً بين "جيش الانقاذ" والسلطة. وفي حين لا يزال الموقف من "الجبهة" و"الجيش" مدار اخذ ورد، يعتقد ان اصوات انصار "الحزب المحظور" قد تتوزع على اكثر من مرشح. وإذا كان قسم منهم سيلبي دعوة كبير الى تأييد الابراهيمي، يأمل جاب الله بالحصول على قسم آخر، في حين قد يتجه قسم ثالث الى بوتفليقة الذي قد يكون قادراً على المفاوضات على حل وعلى رعايته، علماً انه شدد، في مهرجانه المركزي اول من امس على "ان المصالحة لا تعني تبني الحزب المحظور وتحدي المجتمع المدني، وان الحوار هو بين الاحزاب المعتمدة داخل الدستور". لكنه أضاف: "نبقي الباب مفتوحاً لنسمع للذين تاهوا في الجبال. صدورنا وقلوبنا تتسع للجميع شرط الا تكون الأيدي ملطخة بالدماء".