طورت الادارة الاميركية في اليوم الثالث من الغارات الجوية الاطلسية ضد يوغوسلافيا امس، موقفها من الازمة عندما حاول الرئيس بيل كلينتون الفصل بين الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش وبين الشعب الصربي، واضعاً اللوم كله على الرئيس اليوغوسلافي بهدف تحطيم زعامته، ما اعتبره مراقبون تمهيداً لاطاحته. راجع ص6 و7 وهزمت غالبية ساحقة من اعضاء مجلس الامن مشروع قرار روسي طالب بوقف فوري للضربات الاطلسية ضد يوغوسلافيا واستئناف المفاوضات. وجاء ذلك في وقت اتهم وزير الخارجية الروسي الولاياتالمتحدة بتعطيل اجتماع لمجموعة الاتصال الدولية حول البلقان، بعدما كانت دعوة روسية الى هذا الاجتماع "لقيت ترحيباً اوروبياً" حسب ايفانوف الذي اعلن ابعاد ممثلي "الاطلسي" من موسكو. واعلن الحلف ان قواته اسقطت مقاتلتين صربيتين من طراز "ميغ-29" وان قوة حفظ الاستقرار الاطلسية في البوسنة أسرت الطيارين. وفي وقت سعت الحكومات الأوروبية الى تهدئة مخاوف مواطنيها من اتساع نطاق الحرب في البلقان، شهدت الدول المجاورة ليوغوسلافيا حال غليان شعبية احتجاجاً على الضربات. وسادت مخاوف من محاولة ميلوشيفيتش توسيع نطاق الحرب بقصفه قرى البانية في اطار تعقب جنوده للألبان الذين تم اعتقال عدد كبير من قياداتهم وتفجير مؤسسات اجتماعية وإعلامية تابعة لهم في كوسوفو. وقال كلينتون في رسالة تلفزيونية الى الشعب الصربي انه ليس لدى الولاياتالمتحدة وحلفائها الأوروبيين اي نزاع معه "اذ نحترم تاريخكم وثقافتكم"، مذكراً بالقتال المشترك ضد النازية في الحرب العالمية الثانية. وحمل على ميلوشيفيتش واتهمه بالعمل ضد مصالح الشعب الصربي وتعريضه لعدم الاستقرار والعنف والعزلة بشنه حرباً في البوسنة وكرواتيا ناهيك عن شنه حملة وحشية ضد الشعب الألباني في كوسوفو. وأوضح كلينتون ان اعمال ميلوشيفيتش تهدد مستقبل كوسوفو داخل يوغوسلافيا. وأضاف: "كان في استطاعته المحافظة على كوسوفو وصربيا واعطائكم السلام. ولكنه بدلاً من ذلك هدد مستقبل كوسوفو وجلب عليهم الحرب". وقال الرئيس الاميركي ان اعمال الرئيس اليوغوسلافي ادت الى تعميق المرارة في كوسوفو بشكل ادى الى إلحاق الاذى بامكانية تعايش الكوسوفيين والصرب معاً هناك. وكرر القول ان حلف شمال الاطلسي يؤيد "رغبة الشعب الصربي في المحافظة على كوسوفو كجزء من بلادكم". وان اتفاق رامبوييه لحظ ذلك. وتابع انه كلما تم ايجاد حل سلمي للنزاع بسرعة، كلما تمت المحافظة على كوسوفو داخل صربيا مع ضمان حقوق شعبها، وكلما اقتربت صربيا من الانضمام الى اوروبا. وأعرب عن امله بأن يعي ميلوشيفيتش بأن الطريق التي يسير عليها لا يمكن الاستمرار فيها كونها ستؤدي الى التدمير الذاتي. وأعربت وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت بدورها عن ارتياحها لسير العمليات العسكرية الاطلسية في حين ابدت مصادر الادارة قلقها من استمرار العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش اليوغوسلافي في كوسوفو، خصوصاً في ضوء معلومات افادت عن وقوع اعمال قصف ضد مواقع داخل البانيا. وفي نيويورك، هزمت الغالبية الساحقة من اعضاء مجلس الامن مشروع قرار روسي، طالب مجلس الأمن بالوقف الفوري للقصف العسكري ضد يوغوسلافيا واستئناف المفاوضات. ولقي مشروع القرار دعم ثلاث دول فقط، هي روسيا والصين وناميبيا وعارضته 12 دولة بينها ثلاث دائمة العضوية هي الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا، اضافة الى البحرين والبرازيل وكندا وهولندا وماليزيا والارجنتين وغامبيا وغابون وسلوفينيا. وتحدث السفير الروسي سيرغي لافروف قبل التصويت قائلاً "ان في الميزان اليوم القانون الدولي وقانون الغاب". ووصف قصف حلف شمال الاطلسي بأنه "تمرد على القانون" وعلى الشرعية الدولية وحق الدول بالسيادة. واتهم الدول التي اعتبرت التصويت لصالح القرار معارضاً للاجماع الدولي بأنها تمارس "الابتزاز". وقال ان دول حلف الاطلسي تستخدم القوة العسكرية لفرض وقائع سياسية جديدة، وتسرق من مجلس الامن الدولي صلاحية الحفاظ على الامن والسلم الدوليين بتصرفها انفرادياً. الضربات الاطلسية ووجه حلف شمال الاطلسي ضرباته قبل غروب الشمس امس للمرة الاولى، انطلاقاً من سفينة حربية اميركية. وسقطت صواريخ "كروز" في منطقة "افالا" جنوب بلغراد حيث نصب الجندي المجهول واجهزة ارسال اذاعية وتلفزيونية واجهزة التحكم بالاتصالات. وحمّلت لندن حكومة بلغراد مسؤولية توسيع الصراع نتيجة قصف مواقع في داخل البانيا. وقال وزير الدفاع البريطاني جورج روبرتسون "انه بعد جديد اتخذه النزاع في كوسوفو". وافاد جنرال بريطاني في حلف شمال الاطلسي ان القوات الصربية "تواصل هجماتها الوحشية على سكان كوسوفو". وكانت مصادر البانية في بريشتينا افادت ان اكثر من 30 البانياً قتلوا نتيجة العمليات الصربية في كوسوفو منذ بدء الغارات الاطلسية وتزامنت هذه الاتهامات مع ما أفاد به وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف بأن الحلف الاطلسي "يقدم دعماً فاضحاً للانفصاليين الألبان". واضاف ان الولاياتالمتحدة "عرقلت محاولة روسية لترتيب اجتماع لمجموعة الاتصال لوقف الهجمات عندما ابدت كل العواصم الاوروبية موقفاً ايجابياً الا ان واشنطن تمسكت برفضها لهذه الدعوة". واشار ايفانوف الى ان "100 قتيل و400 جريح سقطوا بسبب الضربات الاطلسية". الى ذلك اعلن في موسكو ان الرئيس الروسي بوريس يلتسن "كلف رئيس بلدية موسكو يوري لوجكوف مقابلة الرئيس الفرنسي جاك شيراك والاعراب له عن قلقه البالغ". وذكرت بلغراد ان الغارات التي شنها حلف شمال الاطلسي في انحاء يوغوسلافيا "دمرت 30 مؤسسة تعليمية". وكانت المصادر العسكرية الاطلسية افادت انه "تم الحاق ضرر كبير بالاهداف في صربيا وكوسوفو نتيجة دقة توجيه الصواريخ والقذائف". ومن جهة اخرى، عبر الحدود الى مقدونيا امس مئات النازحين الألبان وهم في حال مأسوية وأكدوا لپ"الحياة" ان الضربات الاطلسية "زادت من العنف الصربي ضدهم وانها لم تفعل ما يفيد في وقف الآلة الحربية الصربية في كوسوفو". وفي مقدونيا تولت قوات من حلف الاطلسي حراسة مباني سفارات دول الحلف في سكوبيا خشية تعرضها لمزيد من الاعمال الانتقامية.