بدا الانقسام واضحاً في صفوف دول حلف شمال الأطلسي في شأن توجيه ضربات جوية على يوغوسلافيا، في وقت أعربت دول في منطقة البلقان عن معارضتها للتدخل العسكري الدولي في مشكلة كوسوفو. في غضون ذلك، أكدت بلغراد تصميمها على التصدي لأي عمليات أطلسية تتعرض لها وهددت بالانتقام من أي دولة تشارك في "الهجوم" عليها أو تقدم تسهيلات لذلك. واتخذت السلطات الصربية اجراءات وصفتها مصادر ديبلوماسية بأنها "يمكن أن تساهم في تهدئة الأوضاع في كوسوفو". وأكدت مصادر اعلامية محلية استعداد بلغراد لتقديم تنازلات لتهدئة الاستياء الدولي منها. وجاء ذلك في وقت وصل إلى بلغراد أمس الأحد وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان ايغور ايفانوف وايغور سيرغييف في زيارة غير معلنة سابقاً، واجتمعا مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش. ووصف تلفزيون بلغراد الزيارة بأنها "في مجال المساعي المكثفة للحيلولة دون قيام حلف شمال الأطلسي بشن غارات جوية على يوغوسلافيا بسبب الوضع في اقيلم كوسوفو". وتزامن وصول الوزيرين إلى بلغراد مع صدور بيان حكومي جديد في موسكو، أعرب عن القلق الروسي الشديد في شأن اعتزام الحلف الأطلسي لتنفيذ غارات جوية على يوغوسلافيا. وظهرت تحركات اقليمية حثيثة تؤكد المخاوف من أن تؤدي الغارات الأطلسية إلى نتائج سلبية في تصعيد خطير للوضع في البلقان وزيادة التعقيد لمشكلة كوسوفو. وأعلنت مقدونيا، الدولة الشريكة في برنامج الأطلسي للسلام، عن رفضها استخدام أراضيها في أي عمل عسكري ضد يوغوسلافيا وكوسوفو. واختتم أمس مؤتمر قمة اقليمي استغرق يومين في اليونان شاركت فيه رومانيا وبلغاريا بالاعلان عن معارضة الدول الثلاث تدخل الحلف الأطلسي عسكرياً في مشكلة كوسوفو. وأوضح رئيس الوزراء اليوناني كوستاس سيميتش ان دول البلقان "هي التي ستدفع ثمن أي هجمات عسكرية للحلف الأطلسي على يوغوسلافيا". وأفاد وزير الخارجية اليوناني تيودوروس بنغالوس أنه اتصل هاتفياً بنظرائه في عدد من دول الحلف الأطلسي بينهم الألماني والفرنسي والايطالي، وقال إنهم "غير مرتاحين جميعاً لفكرة ضربات جوية". ونقلت صحيفة "دنيفني تيلغراف" الصربية الصادرة أمس في بلغراد عن مصادر قريبة من الحكومة قولها "ان بلغراد مستعدة لتقديم تنازلات لم تحددها بهدف تفادي تهديدات الحلف الأطلسي". وأعلنت بلغراد عن تشكيل حكومة موقتة لإدارة شؤون كوسوفو تتكون من 17 عضواً بينهم 9 من سكان الاقليم الألبان والأتراك وأقليات أخرى. لكن الحركة الوطنية الألبانية رفضت المشاركة في هذه الحكومة واعتبرتها أنها "صنيعة المخططات الصربية". إلا أن رئيس الحكومة زوران انجيلكوفيتش، وهو صربي، أعلن أن "المهمة الأساسية لحكومته هي إشاعة الاستقرار في الاقليم وتوفير الظروف الملائمة لتسوية الصراع عن طريق المفاوضات". ويتوقع ان يجتمع اليوم الاثنين البرلمان اليوغوسلافي في بلغراد لتصديق اجراءات وانشاء مؤسسات بهدف تهدئة الأمور في كوسوفو. وفي كوسوفو، أعلنت السلطات الصربية وقف القتال بشكل كامل واصطحبت مجموعة من الصحافيين والمراقبين الأجانب في جولة في الثكنات العسكرية لتؤكد لهم أنه "تم سحب الدبابات والمدافع من مناطق المواجهات". ولم تسمع في الاقليم خلال الساعات الپ48 الأخيرة سوى أصوات نيران قليلة اعتبرتها مصادر المراقبين غير مؤثرة على الهدوء النسبي في الاقليم. كما فتحت الطرق الرئيسية في أنحاء كوسوفو أمام حركة المواصلات المدنية ورفعت الحواجز التي كانت وضعتها القوات الصربية فيها.