استعدت بلغراد للحرب في ما بذلت أمس الخميس المساعي الأخيرة من جانب موسكو وواشنطن لايجاد حل لأزمة كوسوفو. وكشفت مصادر اعلامية صربية وصول أسلحة روسية متطورة الى يوغوسلافيا تحسباً لضربات جوية أطلسية. في غضون ذلك سارع رعايا الدول الغربية الى مغادرة جمهوريتي صربيا والجبل الأسود في وقت بدأت موجة نزوح جديدة من ألبان كوسوفو الى البانيا إثر انتشار اشاعات حول عزم الميليشيات الصربية على استغلال الغارات الأطلسية لتنفيذ عمليات انتقامية واسعة ضد ألبان الاقليم. وجاء ذلك في وقت اجرى وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف محادثات في بلغراد أمس الخميس مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش قبل توجهه الى لندن لحضور اجتماع الدول الست التي تشكل مجموعة الاتصال. وذكر بيان صدر بعد الاجتماع ان "استخدام القوة أمر مرفوض لأنه سيقوض النظام العالمي وسيادة الدول". وعاد المبعوث الأميركي الخاص ريتشارد هولبروك الى بلغراد أمس بطلب من وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت التي التقى بها وبالأمين العام لحلف شمال الأطلسي خافيير سولانا في بروكسيل واطلعهما على نتائج مهمته في بلغراد وبريشتينا. وأبلغ مصدر صربي مطلع "الحياة" هاتفياً من بلغراد ان ايفانوف حصل على وعد من ميلوشيفيتش "بتنفيذ كل مطالب مجلس الأمن حول وقف النار وسحب القوات العسكرية الصربية التي شاركت في الهجمات الأخيرة والسماح بعودة جميع النازحين الألبان الى ديارهم باشراف منظمات انسانية دولية واجراء مفاوضات مع البان كوسوفو برعاية روسية - اميركية". وأضاف المصدر ان ميلوشيفيتش "قبل بوجود أي عدد يرتأيه مجلس الأمن من المراقبين الدوليين للاشراف على تنفيذ قراراته في كوسوفو شريطة ان يكونوا من المدنيين غير المسلحين". وحول عودة هولبروك، أكد المصدر عدم وضوح ما يحمله من اقتراحات جديدة لكن ميلوشيفيتش سيعيد التأكيد على أن يوغوسلافيا لن ترضخ للتهديدات الأطلسية وستقاوم أي هجوم عليها بكل الوسائل المتوفرة لها ولن تقبل بأي وجود عسكري دولي في أراضيها لأن ذلك يتعارض مع مواد أساسية في الدستور اليوغوسلافي الذي ينص صراحة على خيانة كل من يدعو أو يسمح بدخول قوات اجنبية الى الأراضي اليوغوسلافية". وأضاف المصدر ان ميلوشيفيتش سيوضح لهولبروك ما ذكره لايفانوف "بخصوص الالتزام بمطالب مجلس الأمن والقبول بمراقبين مدنيين من أميركيين وروس ودول منظمة الأمن والتعاون الأوروبية". من جهة أخرى، ذكرت صحيفة "داناس" المستقلة الصادرة في بلغراد أمس ان يوغوسلافيا "حصلت على أسلحة متطورة من روسيا بينها صواريخ أرض - جو يمكنها اسقاط الطائرات التي ستهاجم المواقع الصربية". وتردد في أوساط بلغراد ان روسيا وضعت أقماراً اصطناعية للمراقبة فوق اجواء البلقان لرصد أي هجمات يقوم بها الحلف الأطلسي على يوغوسلافيا قبل وقوعها. وتسارعت الاستعدادات الصربية لمواجهة التهديدات الأطلسية وذكرت صحف بلغراد أمس ان اجراءات الدفاع الشعبي بتسليح المواطنين للدفاع عن مناطقهم اتخذت ضمن متطلبات قرارات الطوارئ في جميع أنحاء يوغوسلافيا. وبدأت محطات الاذاعة والتلفزيون بتقديم برامج ارشادية حول اخلاء القتلى والجرحى وتقديم الاسعافات الأولية ومنع أعمال السلب والنهب وتوزيع المواد الضرورية على السكان. وتجري حملة واسعة في انحاء يوغوسلافيا لتنظيف ملاجيء الغارات الجوية والتدريب على كيفية استخدامها عند سماع أصوات صفارات الانذار التي جرى استخدامها للتأكد من صلاحيتها. وتسود في صربيا اجواء العداء لرعايا الدول التي تؤيد الضربات الجوية على يوغوسلافيا وخصوصاً تجاه حاملي الجنسية الأميركية. ووضعت رقابة على وسائل الاعلام الأجنبية ومراسليها في يوغوسلافيا. وغادر كثير من الرعايا البريطانيين والأميركيين والألمان والكنديين والفرنسيين وغيرهم الأراضي اليوغوسلافية بما في ذلك السياح في منتجعات جمهورية الجبل الأسود الواقعة على ساحل البحر الادرياتيكي. وفي كوسوفو تزايد قلق السكان الألبان من انتقام صربي في حال وقوع غارات جوية على يوغوسلافيا. وذكرت صحيفة "كوخادتيورا" الالبانية ان أعداداً من النازحين عبروا الحدود الى البانيا. وتفيد المعلومات من كوسوفو انه بقي حالياً حوالى 30 ألف جندي وشرطي من القوات الخاصة في أنحاء كوسوفو اضافة الى الآلاف من عناصر ميليشيات "شيشيلي" و"اركان" التي ارتكبت جرائم في البوسنة وأخذ هؤلاء يطلقون التهديدات علناً بذبح ألوف الألبان انتقاماً لأي غارات غربية على الصرب.