إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    تميز المشاركات الوطنية بمؤتمر الابتكار في استدامة المياه    الملك يضيف لؤلؤة في عقد العاصمة    إطلاق أول «بودكاست» في المسؤولية المجتمعية    اجتماع قادة الصناعة المالية الإسلامية في اللقاء الاستراتيجي الثاني لمناقشة الابتكار المستدام    أنا ووسائل التواصل الاجتماعي    الذكاء الاصطناعي والإسلام المعتدل    الفيحاء يواجه العروبة.. والأخدود يستقبل الخلود.. والرياض يحل ضيفاً على الفتح    وزير الرياضة: دعم القيادة نقل الرياضة إلى مصاف العالمية    نيمار يقترب ومالكوم يعود    التركي: الأصل في الأمور الإباحة ولا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص    النضج الفكري بوابة التطوير    برعاية أمير مكة.. انعقاد اللقاء ال 17 للمؤسسين بمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة    نور الرياض يضيء سماء العاصمة    قيصرية الكتاب تستضيف رائد تحقيق الشعر العربي    الشائعات ضد المملكة    الأسرة والأم الحنون    سعادة بطعم الرحمة    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    في الجولة الخامسة من يوروبا ليغ.. أموريم يريد كسب جماهير مان يونايتد في مواجهة نرويجية    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    بهدفين في الدوحة| الاتفاق ينفرد بالصدارة عبر بوابة العربي القطري    قمة آسيا للذئاب    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    باحثة روسية تحذر الغرب.. «بوتين سيطبق تهديداته»    سعود بن بندر يستعرض إستراتيجية «تطوير الأحساء»    الزميل رابع يحتفل بزفاف إبنه د. صالح    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    إشادة أوروبية بالتطور الكبير للمملكة ورؤيتها 2030    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    60 صورة من 20 دولة للفوتوغرافي السعودي محتسب في دبي    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    دشن الصيدلية الافتراضية وتسلم شهادة "غينيس".. محافظ جدة يطلق أعمال المؤتمر الصحي الدولي للجودة    إعلاميون يطمئنون على صحة العباسي    «مساعد وزير الاستثمار» : إصلاحات غير مسبوقة لجذب الاستثمارات العالمية    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    مشروعات طبية وتعليمية في اليمن والصومال.. تقدير كبير لجهود مركز الملك سلمان وأهدافه النبيلة    أمير الرياض يرفع الشكر والتقدير للقيادة على إطلاق «مشروع قطار الرياض»    ميقاتي يحذر النازحين من العودة السريعة.. وإسرائيل تعلن اعتقال 4 من حزب الله    وزير الرياضة : 80 فعالية عالمية زارها أكثر من 2.5 مليون سائح    البنيان: رصدنا أكثر من 166 مشروعا تعليميا في 2025    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الحياة" تلتقي في لندن مؤلف كتاب "جواسيس جدعون" : معلومات اضافية عن عمل "الموساد" ستضمها الطبعة الجديدة
نشر في الحياة يوم 25 - 03 - 1999

أثار الموضوعان اللذان نشرتهما "الحياة" الشهر الجاري آذار/ مارس عن كتاب "جواسيس جدعون" للكاتب البريطاني غوردون توماس نشر حديثاً عن "الموساد"، اهتماماً كبيراً بين القرّاء، إذ وردت إلينا العديد من الاستفهامات والتعليقات. وبدوره ذكر السيد توماس ل "الحياة" أنه تلقى معلومات جديدة من مصادر مختلفة مذ نشر الكتاب، فشرع بإعداد طبعة مزيدة ومنقّحة.
وثارت حول الكتاب الكثير من الدعاية في الإعلام الدولي لادّعائه بأن "الموساد" سجّل أحاديث جنسية بين الرئىس بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي، وأنه لا يزال للموساد عميل يُعرف بلقب "ميغا" يعمل في قلب أو في محيط مجلس الأمن القومي.
اسرائيل والولايات المتحدة نفتا الإدعاءات، لكن توماس قال ل "الحياة" إن مصدريه في هذه الرواية هما مسؤولان رفيعان في "الموساد"، احدهما لا يزال في الخدمة، والآخر تقاعد أخيراً.
يقول توماس إن كتابه يطرح مسائل مهمة عن السلام في الشرق الاوسط، ويُظهر "الموساد" كجهاز استخبارات غير مستقر تتنازعه الأجنحة. فللموساد جدول اعماله الخاص، وهو "مستعد للقيام بأي عمل كان، ورشوة أياً كان، وتدمير أي شخص يعترض طريقه... وذلك في سبيل إسرائيل".
ويشير توماس الى ان كتباً قليلة نسبياً وضعت عن "الموساد"، وتشمل كتابين - "من طريق الخداع" و"الوجه الآخر للخداع" وضعهما عميل سابق لل "موساد" من أصل كندي يدعى فيكتور اوستروفسكي. وحاولت الحكومة الإسرائيلية اتخاذ تدابير قضائية في نيويورك للحؤول دون نشر كتاب اوستروفسكي الأول، لكنها نجحت فقط في منحه المزيد من الدعاية. ويرى توماس ان الكثير مما كتبه اوستروفسكي صحيح، بما فيه الإدعاء بأن "الموساد" قتل امبراطور الاعلام روبرت ماكسويل.
ثمة كتاب آخر لعميل سابق للموساد يدعى آريه بن- منياحي بعنوان "غنائم حرب"، غير ان توماس يقرّ بأن البعض يرى في الكتب رواية مضخّمة للأحداث محورها بن- منياحي نفسه.
في "جواسيس جدعون"، يدّعي توماس انه سلّط اضواء جديدة على احداث كثيرة لعب "الموساد" فيها دوراً مركزياً او مهماً منذ إنشائه عام 1951. ثمة تفاصيل حول تخطيط وتنفيذ عمليات قتل مختلفة، كاغتيال زعيم "الجهاد الإسلامي" فتحي الشقاقي، ومحاولات اغتيال فاشلة كانت نتائجها كارثية على اسرائيل، سيما منها محاولات اغتيال خالد مشعل في عمّان عام 1997 وعبدالله زين في سويسرا عام 1998.
ويكشف الكتاب مناهج "الموساد" في التجنيد والإعداد، وشبكة "الكتساس" ضباط مهمات و"الكيدونز" عملاء متخصصون في الإغتيالات والدور الحيوي الذي يلعبه "السايانيم" - المساعدون اليهود المتطوعون - الذين يساندون "الكتساس".
ويقول توماس إن ثمة 4 آلاف سايانيم في بريطانيا وحوالي 15 ألفاً في الولايات المتحدة. ويورد احداثاً عديدة منها:
- لدى "الموساد" معلومات مهمة حول سقوط طائرة ال"بان ام" الرحلة 103 في لوكربي، تحتفظ بها لاستخدامها "ورقة مساومة" في ما لو كثّفت واشنطن ضغطها على "الموساد" ليوقف نشاطاته في الولايات المتحدة.
- "الموساد" أعدّ محاولة نزار هنداوي في لندن العام 1986 لاستخدام صديقته الايرلندية لتفجير طائرة لشركة "العال" الإسرائيلية. ونجح "الموساد"، من خلال توريط سورية في المحاولة، في إجبار بريطانيا على قطع علاقاتها مع سورية.
- "الموساد" جنّد ودرّب الفلسطيني اسماعيل صوّان من الضفة الغربية، وحمله على التجسس في لندن على رأس القوة 17. وسعى "الموساد" لاحقاً "لتوريط" صوّان في قتل رسام الكاريكاتور الفلسطيني ناجي العلي، لكن صوان ابلغ البريطانيين كل التفاصيل عن علاقته ب"الموساد"، فأغلق البريطانيون محطة "الموساد" في لندن.
- نجح "الموساد" في تحسين موقف الفاتيكان بقوة لمصلحة إسرائيل من خلال الكشف عن وقوف ايران وراء محاولة اغتيال البابا التي نفّذها التركي محمد علي أقجا في أيار مايو 1981.
- سعى "الموساد" إلى تجنيد مساعد مدير فندق "الريتز" هنري بول، للحصول على معلومات عن نزلاء الفندق من الشرق الأوسط. وكان هنري بول سائق السيارة التي قضى فيها مع الأميرة ديانا ودودي الفايد عام 1997. كما اقدم "الموساد" على تدمير الوزير البريطاني السابق جوناثان ايتكن عبر تزويد المحققين للدفاع عن ايتكن، في دعوى التشهير، معلومات عن قيامه بتغطية هوية الشخص الذي قام بتسديد فاتورته في فندق "الريتز".
- "الموساد" جنّد الصحافي الإيراني فرهاد بازوفت الذي عمل في صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية. وكان النظام العراقي أعدم بازوفت عام 1988 بعد ضبطه متجسّساً.
- في خلال الإنتفاضة استخدم "الموساد" نظام "بروميز" الكومبيوتري لتكنولوجيا الإستخبارات المركّز في الأردن لاكتشاف هوية قادة منظمة التحرير الفلسطينية الذين كان الأردنيون يتعقّبونهم، ما سمح لعملاء "الموساد" باغتيال عدد من هؤلاء القادة.
- تنكر عميل ل"الموساد" في زي بدوي لعبور الصحراء العراقية في كانون الاول ديسمبر 1990 وكشف معلومات حيوية عن قدرة صواريخ "سكود" العراقية. وسبق ل"الموساد" أن اغتال ذاك العام الدكتور جيرالد بول الذي كان يسهم في تطوير "المدفع العملاق" لصالح العراق.
ومع أن قرّاء "الحياة" كانوا لا شك مهتمين بمحتوى كتاب "جواسيس جدعون"، تساءل البعض منهم كذلك، من هو غوردون توماس؟ ولمَ وافق مسؤولون كبار سابقون وحاليون في "الموساد" وفي اجهزة استخبارات أجنبية أخرى على التحدث اليه، ما لم يكن لديهم دوافع خاصة؟
التقت "الحياة" توماس الذي يبلغ السادسة والستين من العمر، في خلال زيارة قام بها الى لندن من ايرلندا حيث يقطن، لتسويق كتابه الذي صدر عن داريّ "مكميلان" في لندن و"سانت مارتينز برس" في نيويورك.
وأوضح توماس ان فكرة كتاب "جواسيس جدعون" تعود الى العام 1994 حين تلقى اتصالاً هاتفياً من زفي سبيلمان، وهو منتج افلام يُعرف بأنه قناة ل"الموساد"، سأله فيه إن كان مهتماً بإعداد فيلم وثائقي عن "الموساد". وسافر توماس الى تل أبيب والتقى مئير عميت الذي شغل منصب المدير العام ل"الموساد" بين عامي 1963 و1968.
ويقول توماس إنه تحادث مع عميت لأيام عدة، فأخبره عميت بأن ثمة معلومات كثيرة خاطئة متداولة عن "الموساد"، وادعاءات بقيام الجهاز بتنفيذ عمليات لم يقم بتنفيذها او بإهمال نَسْب عمليات قام بها فعلاً، اليه. كذلك كان قلقاً لوجوب عدم اعتبار "الموساد" مجرّد "حثالة".
كما التقى توماس نائب ديفيد كيمحي المدير العام ل"الموساد" رافي ايتان، الذي شغل ما يقارب الربع قرن منصب مدير العمليات في "الموساد"، والمسؤول السابق عن الإستخبارات العسكرية، اوري ساغوي، وآري بن ماحي ومسؤولين آخرين.
وأخذ المسؤولون السابقون ل "الموساد" سنة تقريباً للموافقة على تصويرهم شخصياً في الفيلم.
وعرضت القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني السنة الماضية الفيلم الوثائقي ومدته 70 دقيقة وكان بعنوان "آلة التجسس - رجال الموساد"، وهو احد الافلام الوثائقية التي عرضها التلفزيون البريطاني في مناسبة الذكرى الخمسين لقيام دولة اسرائيل. ويظهر الفيلم عميت يتحدث الى توماس في حرم "الموساد" ويكشف اليه النصب التذكاري ل"الموساد". وللمرة الأولى يسمح "الموساد" في الفيلم ببث فيلم عن قصف اسرائيل المفاعل النووي العراقي عام 1981. كما شرح رافي ايتان الطريقة التي خطف بها ادولف ايخمان في بيونس ايرس عام 1957.
لمَ اختار "الموساد" التحدث الى توماس؟ يقول ان احد الاسباب انني "فهمت كيفية التحدث اليهم. فأنا اعلم كيف اطرح مستوى اهتماماتي بشكل يدفعهم لإطلاعي على امور معينة". سبب آخر انهم "يعلمون انني سأتحقق من صحة كل ما يقولونه لي".
لدى سؤاله ان كان هدف الكتاب توفير دعاية جيدة ل"الموساد" بعد فترة امتدت لسنوات عديدة تلطخت خلالها صورة الجهاز بشكل كبير على المستوى الدولي، يردّ توماس بأن جوهر الكتاب هو ان كثراً من قطاع الإستخبارات الإسرائيلي يعتقدون بأن بنيامين نتانياهو ليس مقبولاً كرئيس للوزراء في نواحٍ شتّى، من بينها تدخّله في المسائل الإستخباراتية.
ويكتب توماس ان نتانياهو أصرّ على عملية اغتيال خالد مشعل في عمّان، على رغم تحذيرات المدير العام ل"الموساد" آنذاك، داني ياثوم، بأن ذلك سيقضي على العلاقات مع الأردن. وقد وبّخ نتانياهو ياثوم على الفشل المحرج لمحاولة الإغتيال، وتضاعف غضبه في تشرين الاول اكتوبر 1997 مع الكشف عن عميل كبير ل"الموساد" يدعى يهودا جيل اقدم على اختلاق تقارير سرية للغاية ينسبها الى "عميل" خيالي في دمشق. وشكّلت محاولة ياثوم لاغتيال مسؤول "حزب الله"، عبدالله زين، في سويسرا القشّة التي قصمت ظهر البعير، فقدّم استقالته.
ويدّعي الكتاب ان سارة زوجة بنيامين نتانياهو طلبت ان يزوّدها "الموساد" نبذة شخصية بسيكولوجية عن قادة عالميين، وطلبت بخاصة تفاصيل عن النشاطات الجنسية للرئيس بيل كلينتون.
وينتهي الكتاب مع تعيين افرايم هاليفي مديراً عاماً للجهاز قبل سنة، وقيام كل من "سي.آي.إي" و"أم.آي.6" بإبلاغه ايثارهما الانتظار ومراقبة كيفية معالجته للأزمة الداخلية ل "الموساد" قبل تعهدهما التعاون معه على قاعدة ان لا اسرار بينها.
وأمضى توماس حوالي ثلاث سنوات في الابحاث لوضع الكتاب الذي يقع في 354 صفحة، وقام بمحاورة اكثر من مئة شخص يعملون مباشرة او بشكل غير مباشر ل"الموساد" أو لأجهزة استخبارات اخرى. ومع ان توماس يذكر اسماء محاوريه العشرين الأساسيين، ويعرض لائحة واسعة من الكتب والصحف التي اطلع عليها، غير انه وفي مقاطع عديدة من الكتاب، يُحجم عن تقديم مصدر للمعلومة في حادثة معينة. وأبلغ عدد من القرّاء "الحياة" ارتيابهم في بعض المعلومات التي وردت في الكتاب وسجلوا بعض الأخطاء الفاضحة، إذ يذكر توماس مثلاً انه في العام 1976 "دعا الزعماء المسيحيون الجيش السوري الى لبنان للحصول على دعم اضافي في مواجهة حزب الله المؤيد لإيران".
يتمتع توماس بأسلوب سلس في الكتابة، إذ يمكن قراءة الكتاب كرواية. ويبدو احياناً ان اعجابه ب"الموساد" يأخذه بعيداً، فالعرب الذين يتعقبهم "الموساد" يُنعتون دائماً ب"الإرهابيين العرب".
وهو يصف رافي ايتان كالآتي: "بصفته نائب مسؤول العمليات في "الموساد"، تواصل المسيرة المستمرة لرافي ايتان بحمله الى اوروبا للعثور على الإرهابيين العرب وإعدامهم. وهو يستخدم، لإنجاز ذلك، قنابل تعمل بجهاز للتحكم عن بعد، ومسدسات ممتازة ل"الموساد" من نوع "بيريتا"، وحيث يتوجب إنجاز العمل بسكون، يستخدم يديه العاريتين إما لخنق ضحيته بواسطة سلك معدني او لتسديد لكمة الأرنب القاتلة. كان يقتل دوماً من دون أي احساس بالذنب".
وضع توماس 37 كتاباً، غالبيتها حول مسائل استخباراتية، كما تلقى مساعدة مهمة من والد زوجته الراحل، الألماني يواكيم كرايز، الذي قاد شبكة "أم.آي.6" في دريسدن في السنوات الاولى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
ويثني توماس كذلك على العون الذي تلقّاه سابقاً من صديقه، بيل باكلي، الذي كان مسؤول محطة "سي.آي.إي" في بيروت وقتل خلال احتجازه رهينة هناك. وكانت لتوماس اتصالات بالمدير السابق ل"سي.آي.إي" وليم كايسي.
لا شك في ان حياته ملأى بالأحداث الغريبة، إذ يخبرنا مثلاً كيف انه خلال تمضيته اجازة عائلية في الولايات المتحدة قبل سنوات، وحين كان كورت فالدهايم مستشاراً للنمسا، قام عدد من الرجال اليهود المجهولين - ويعتقد انهم عملاء ل"الموساد" - بإعطائه بعض الوثائق الموضوعة باللغة الألمانية عن مزاعم الماضي النازي لفالدهايم. واطلع والد زوجته الألماني على الوثائق، فقال انها ملفّقة. وعُرض على توماس مئة ألف دولار دفعة اولى اذا وضع كتاباً مستنداً الى هذه الوثائق، تليها 150 ألف اخرى لدى انجازه الكتاب، لكنه رفض العرض.
ولد غوردون توماس في ويلز، مطلع الأربعينات، ودخل ثانوية القاهرة للذكور خلال عمل والده في سلاح الجو الملكي في مصر. انتقل والده لاحقاً في فترة الحرب الى حيفا فاستقرت العائلة تالياً في كينيا وجنوب افريقيا.
في السابعة عشرة من عمره وضع كتاباً بعنوان "السقوط في الخطر"، عن قصة حقيقية لجاسوس بريطاني في روسيا، نُشر مسلسلاً في صحيفة "ديلي اكسبرس" اللندنية عام 1954، والتي ارسلته الى مصر عام 1956 لتغطية ازمة السويس.
وفي موازاة عمله في "ديلي اكسبرس"، راسل توماس صحفاً أخرى، في الولايات المتحدة وكندا، وعمل منتجاً في شبكة "بي.بي.سي.". ويقول ان كتبه السبعة والثلاثين بيع أكثر من 40 مليون نسخة في مختلف أنحاء العالم وتُرجمت الى 23 لغة.
كما عمل في صناعة الأفلام، لا سيما في فيلم "رحلة الملعون" الذي جمع نجوماً عالميين فاي داناواي، وجيمس مايسون، وأورسون ويلز، ورُشّح لخمس جوائز اوسكار نال منها اثنتين. ويستند الفيلم الى كتاب توماس الذي يحمل العنوان نفسه، ويعرض قصة مركب تائه في المحيط للاجئين اليهود، خلال الحرب العالمية الثانية، لا ترغب اي دولة في استقباله، فيُرغم على العودة الى اوروبا.
ويقول إنه تلقى قبل ايام قليلة رسالة عبر البريد الإلكتروني من رجل كتب عرضاً لكتاب "جواسيس جدعون" ل"أسوشييتد برس" ذكر فيها "اشعر بوجوب الكتابة اليك اذ انك معادٍ للسامية". ويردّ توماس بأنه كيف له ان يكون معادياً للسامية في حين وصفت صحيفة نيويورك تايمس كتاب "رحلة الملعون" ب"القصة القاسية للجلد والشجاعة اليهوديين".
ووقّع توماس عقداً بقيمة مليون جنيه استرليني حوالي 6،1 مليون دولار لإعداد سلسلة من ستة افلام تلفزيونية مدة كل منها ساعتان، تستند الى كتاب "جواسيس جدعون"، بمعدل فيلم واحد كل 18 شهراً، تقوم بإعداد الأفلام مؤسسة "هيلكون انترناشيونال" وينتجها مارتن ليتماير وسكوت ميلاني.
واختير سيناريو الفيلم الأول، وهو بعنوان "طريق تحت سكة الحديد"، الذي يدور عن قصة الأميرة ديانا ودودي الفايد من منظور "الموساد"، من بين 1200 نص ستقدّم الى "سوق الأفلام والبرامج الدولية" ميبكوم في كان.
الفيلم الثاني سيتمحور حول كيفية سرقة عملاء "الموساد" عام 1966 الطائرة المقاتلة الأكثر سرّية في العالم، ال"ميغ 21"، بإخراجها من العراق. والثالث عن اختطاف أيخمان، والرابع عن عملية عنتيبي، والخامس بعنوان "جواسيس البابا"، والسادس عن عمليات الإغتيال التي قام بها "الموساد".
ويعمل توماس حالياً على فيلم وثائقي عن تحطم طائرة "العال" في أمستردام عام 1992، التي كُشف حديثاً انها كانت تنقل مواد كيماوية تُستخدم لإنتاج غاز "السارين" المميت.
والمواد الكيماوية وفّرتها مؤسسة أميركية، وكان من المقرر ان تصل الى "مؤسسة الأبحاث البيولوجية" قرب تل أبيب، ويقول توماس ان في المؤسسة نفسها تمّ تطوير السمّ الذي استخدم في المحاولة الفاشلة لاغتيال مشعل. وسيُبيّن الفيلم ان رحلات كثيرة مماثلة جرت لنقل مواد كيماوية من الولايات المتحدة الى اسرائيل.
منذ صدور كتاب "جواسيس جدعون"، حصل توماس على مواد جديدة، إذ بعثت له بالفاكس مثلاً 90 صفحة تتضمن معلومات جديدة عن روبرت ماكسويل. كما اتصل به هاتفياً الخبير بالإتصالات الذي طوّر نظام "بروميز"، وليم هاملتون، ليخبره قصة حول قيام ايتان يوماً بانتحال هوية محام من القدس والسفر الى الولايات المتحدة مدعياً انه محام.
خلال زيارته الى لندن، اجرى توماس حواراً مطولاً مع محمد الفايد الذي أبلغه أنه يترقب تطورات "مثيرة" في غضون اربعة اسابيع مرتبطة بصدور تقرير القاضي الفرنسي عن مقتل ديانا ودودي. وبدا الفايد متلهفاً للحصول على معلومات من توماس عن نظام "بروميز"، وكرر لتوماس عرضه السابق بدفع مليون جنيه استرليني لسوق المسؤول عن مقتل دودي وديانا الى المحكمة.
ويقول توماس ان الفايد "لا يرى انني ذهبت بعيداً كفاية في كتابي ذلك انني لم اقم بإدانة العائلة المالكة".
منذ صدور الكتاب، غدا توماس كذلك مهتماً للغاية بقضية الفلسطينيين سمر العلمي وجواد البطمة اللذين ينفّذان حكماً بالسجن 20 عاماً لإدانتهما عام 1996 بالتورط في محاولة تفجير السفارة الإسرائيلية وبلفور هاوس في لندن عام 1994.
يشتبه البعض منذ زمن بعيد بأن ل"الموساد" يداً في "توريط" الفلسطينيين، ويرى توماس بعض اوجه الشبه بين قضيتهما وعمليات اخرى ل"الموساد" في لندن، خصوصاً قضيتي هنداوي واسماعيل صوّان. وبدأ توماس العمل على إعداد نسخة منقحة ومزيدة لكتابه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.