حلّت امس الذكرى الاولى لوصول حكومة التناوب في المغرب برئاسة السيد عبدالرحمن اليوسفي وسط توقعات متفائلة باستمرار تحقيق نمو عال للعام الثاني على التوالي. واصدرت مراكز الدراسات الاقتصادية توقعات ايجابية تخص ما تبقى من السنة الجارية بانتظار عرض الموازنة الجديدة وبرنامج التخطيط في ايار مايو المقبل. وتشير هذه التوقعات الى امكان بلوغ نمو بنسبة 4.7 الى خمسة في المئة عام 1999 نتيجة موسم الامطار الغزيرة ونسبة النمو المرتقبة داخل الاتحاد الاوروبي وقوة اليورو، وتأثر هذه العوامل الخارجية والطبيعية بمقدار 53 في المئة من اجمالي الناتج القومي المغربي. وعلى اهميتها لا تبدو نسب النمو المرتقبة كافية لمعالجة الصعوبات الاجتماعية في المغرب التي تحتاج الى معدلات لا تقل عن سبعة في المئة على فترة زمنية طويلة نسبياً. ويشكل اعتماد الناتج القومي المحلي على الزراعة 17 في المئة الذي يعتمد بدوره على التساقطات المطرية صعوبات اضافية للمخططين وهو ما دفع المغرب منتصف التسعينات الى تغيير مواعيد الموازنة المالية تماشياً مع المواسم الزراعية. وكان الجفاف انهك الاقتصاد المغربي في الثمانينات والتسعينات ما رفع معدلات البطالة لدى المتعلمين من 14 في المئة عام 1985 الى 18 في المئة عام 1996. وفي العام الماضي بلغ النمو الاجمالي 6.3 في المئة لكن ذلك لم يمنع من ارتفاع نسبة بطالة الشباب بنحو نقطة ونصف النقطة لتقترب النسبة الى 19 في المئة من الفئة النشيطة. ويقول تقرير خاص عن المغرب اصدره البنك الدولي الاسبوع الماضي وحصلت عليه "الحياة" ان الاقتصاد المغربي بات رهين ثلاثية مترابطة تقوم على: الماء والتنافسية الدولية وتوسيع التجارة الخارجية ما يقتضي في المغرب كسب المعارك على الجبهات الثلاث وفي شكل متوازن. ويشير التقرير الى انه من الممكن على المدى المتوسط، توقع نمو في حدود ستة في المئة مع حلول عام 2001 ما قد ينجم عنه عملياً تقليص اعداد العاطلين عن العمل وهذا بدوره يحتاج الى رفع حجم الاستثمارات العمومية والاجنبية وزيادة تنافسية الشركات المحلية. ولعل من شأن تحسّن موارد الخزانة الجبائية توجيه جزء اضافي من النفقات صوب معالجة القضايا الاجتماعية والخلل بين المدن والأرياف. ويعتقد التقرير ان الاصلاحات السابقة تعزز وضع المغرب داخل الاتحاد الاوروبي بعد تطبيق اتفاق الشراكة لكن التحديات ستواجه القطاع الخاص الذي عليه استغلال الفرصة لرفع درجة تنافسيته وديناميته الخارجية. وينمو القطاع غير الزراعي بنحو 3.5 الى اربعة في المئة سنوياً، لا سيما في قطاع الطاقة والبناء والمواصلات لكن التطور الاكبر سجله قطاع السياحة الذي زاد العام الماضي 13 في المئة مسجلاً مليوني سائح اجنبي ومداخيل بلغت 1.7 بليون دولار جعلت السياحة للمرة الاولى منذ سنوات بعيدة تحتل قائمة مصادر المغرب من العملة قبل الفوسفات وتحويلات المهاجرين التي نمت ستة في المئة. كما زادت الصادرات المغربية من المواد المصنّعة بنسبة خمسة في المئة في المتوسط في ظل شروط غير مريحة للتجارة العالمية. ورافق تحسن المبادلات الخارجية استقرار في معدلات التضخم التي تراوح دون نسبة 2.5 في المئة مع تحسن تدريجي في الطلب الداخلي. كما تعزز احتياط النقد لدى البنك المركزي الى خمسة بلايين دولار وتقلصت الفوائد على الديون الخارجية بنسبة 13.7 في المئة وتراجع عجز ميزان المدفوعات في وقت استقر عجز الميزان التجاري. ويبدي الخبراء احياناً تحفظات على التعليق على بعض الاحصاءات المغربية بسبب تغيراتها المفاجئة كما حل منتصف التسعينات عندما داهم المملكة المغربية جفاف قاس كلّف ثلاث سنوات من جهود النمو. ويقول الخبراء يجب انتظار نتائج السنة الثانية من حكومة السيد عبدالرحمن اليوسفي للتعرف على توجهات الموازنة الجديدة وظروف تحصيلها وانفاقها. وتبدو الاسابيع المقبلة حاسمة في رسم ملامح آخر موازنة مغربية في القرن العشرين وربما اكثرها انتظاراً وترقباً لفئات واسعة من السكان والمهتمين.