أعطى المجلس الدستوري الجزائري مساء أول من أمس "تأشيرات التأهل" للمنافسة في الانتخابات المقررة في 15 نيسان ابريل المقبل الى سبعة مرشحين، هم رئيسا حكومتين سابقان ووزيرا خارجية سابقان وزعيمان تاريخيان وزعيم حزب إسلامي. وقدّم التلفزيون ليل الخميس بياناً لرئيس المجلس السيد سعيد ابو شعير يُعلن فيه قبول ترشيح السادة حسين آيت أحمد وعبدالعزيز بوتفليقة ومولود حمروش ويوسف الخطيب وسعد جاب الله عبدالله ومقداد سيفي وأحمد طالب الابراهيمي. كذلك اعلن رفض ترشيح عشرة آخرين ينتمون الى فئتين، إحداهما استوفت كل الشروط المطلوبة باستثناء شرط العدد المطلوب 75 الف صوت أو نقص في الاوراق، والثانية أخلّت بكثير من الشروط. وبين الذين رفض المجلس ترشّحهم محفوظ نحناح وسيد أحمد غزالي ونورالدين بوكروح ولويزة حنون. واعتبرت "حركة مجتمع السلم" حماس أمس ان منع رئيسها الشيخ نحناح هو استمرار "لمنطق التزوير المسبق والاستخفاف بإرادة الشعب". وقالت ان اقصاءه "مغامرة سياسية رجّحتها الحسابات والمصالح الفئوية" وقرار "يفتح الباب لانزلاقات خطيرة". وقالت مصادر قريبة من "حماس" ان الخلافات داخل هذا الحزب مرشّحة لأن تطفو على السطح الآن. إذ ان قريبين من نحناح يتهمون العناصر التي شاركت في تعديل دستور 1996 متورطة في "نصب فخ" لزعيم الحركة كي لا يُشارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة، على رغم انه كان حصل على أكثر من 25 في المئة في الأصوات في انتخابات تشرين الثاني نوفمبر 1995. ولا يُستبعد ان ينقسم الحزب بين مؤيد للمرشح عبدالعزيز بوتفليقة والمرشح أحمد طالب الابراهيمي. ومعلوم ان مفاوضات اجرتها الحركة مع بوتفليقة أخيراً لم تحقق اي نجاح، إذ ان حزب نحناح كان يطالب بنصف الحقائب في حكومة بوتفليقة المقبلة. وأصدر المرشح يوسف الخطيب الذي وافق المجلس على ترشحه، بياناً أمس دافع فيه عن الشيخ نحناح. وقال في بيان "إبراء ذمة" ان قرار إقصاء نحناح "مجحف ... واستمرار لروح الحقرة والتهميش". وأضاف الخطيب الذي قاد الولاية الربعة إبان حرب التحرير: "أشهد أمام الله ثم أمام الشعب ان السيد محفوظ نحناح شارك في ثورة التحرير حسب شهادات الثوار القياديين في ناحية البليدة". وعقد رئيس الحكومة السابق سيد أحمد غزالي ندوة صحافية أمس رد فيها على قرار حرمانه من المشاركة في المنافسة. وقال انه يحترم قرار المجلس الدستوري لأنه مؤسسة مستقلة وقراراته غير قابلة للطعن. لكنه قال "ان سيد أحمد غزالي المرشح للرئاسة في 1999 انتهى، ولكن لا أحد يستطيع ان يدّعي انه تم الاستغناء عنه". وقال في بيان مكتوب بالفرنسية وقرأه بالعربية ان ما حصل له "ليس كارثة، وإنما فرصة ضاعت". كذلك أصدر حزب العمال بياناً أشاد فيه بمواقف زعيمته لويزة حنون. وقالت "ان ما يهم الشعب اليوم هو السلم والحق"، مشيرة الى انها ستواصل عملها سواء كانت مرشّحة أم لا. وفي ما يأتي لمحة عن المواقف الأساسية للمرشحين من الأزمة الجزائرية: يوسف الخطيب: يُعتبر من المرشحين الاحتياط ل "السلطة"، وتحديداً للمؤسسة العسكرية. وهو كان رئيس "لجنة الحوار" التي شُكّلت عام 1994 للتفاوض مع جبهة الانقاذ المنحلّة. وهو يمثّل بجدارة الولاية الرابعة التاريخية. ويعتبر الخطيب نفسه رجل القطيعة مع الممارسات الشاذة التي حصلت في العهود السابقة، ويرى ان حل الازمة يتم بطريقتين هما "الطريقة المباشرة متمثلة بمواصلة مكافحة الارهاب بكل ما لدى الدولة من وسائل في اطار احترام القوانين، والطريقة غير المباشرة وهي معالجة أسباب الازمة وتحديداً لدى الفئات الشابة". وكان من اول المطالبين ب "حياد الادراة" في الانتخابات المقبلة. عبدالعزيز بوتفليقة: يعتقد هذا المرشح ان "مظاهر الأزمة التي ألمت ببلادنا متعددة ومترابطة ونجمت كلها عن أسباب متسلسلة"، مركزاً على الجانب الاقتصادي. ويذهب الى ان "السواد الأعظم من الجزائريين الذين اثخنتهم الاتراح خانتهم وعود سماسرة السياسة". ويعتبر الانتخابات المقبلة "مناسبة لعودة الوعي". ويؤكد ان مهمة "التقويم الوطني هي القضاء على العنف". ويراهن بعض قادة المؤسسة العسكرية والجنرالات المتقاعدين على فوزه في الانتخابات المقبلة. أحمد طالب الابراهيمي: تجمع أوساط سياسية على ان المرشح الأوفر حظاً للحصول على تأشيرة الدورة الثانية هو الابراهيمي. وهو من أكثر المرشحين وضوحاً في المواقف السياسية. والتغيير المنشود بالنسبة إليه هو الاهتزاز يؤدي الى الفوضى وتنافر الأجيال، ولا جمود يزيد الجزائر انحطاطاً، بل تغيير عقلاني يفرض نفسه في كنف المصالحة والتكاتف لدفع التحديات واستعادة الأمل والاطمئنان على المستقبل". وهو من دعاة الحوار بدل المواجهة. وهناك في الجيش من يرى فيه خطراً لأنه يمثل عودة "الحزب المحظور". عبدالله جاب الله: يرى أن الجزائر "تدمر بأياد جزائرية غادرة أو مخدوعة أو جاهلة". ويعتقد أن الشعب ملّ ساسة "التدمير ومنطق الاستئصال وأسلوب الاقصاء". ويدعو الى ضرورة ايقاف النزيف وايجاد حل للأزمة، والتعامل الايجابي مع "جماعة الهدنة" والعفو عن العناصر التي التزمتها ورفع حال الطوارئ. ويطرح في أولويات برنامجه اقامة حكومة وحدة. حسين آيت أحمد: يحمّل السلطات مسؤولية الأزمة. ويدعو في برنامجه الى "إحلال السلم قبل الانتخابات الرئاسية، بعقد ندوة للسلم". ويعتقد ان في امكانه تحقيق ذلك. وهو مقتنع بأن الانتخابات الرئاسية ستحل الأزمة الجزائرية، إذا جرت في شفافية وصدقية ونزاهة. ويساند كل حل سلمي للأزمة المتعددة الأطراف. مولود حمروش ومقداد سيفي: يرى الأول ان الأزمة في حقيقتها هي "أزمة مجتمع. ويعتبر ان المخرج هو في اعتماد "الخيار الديموقراطي". ويشاطره في ذلك الثاني الذي يعتبر برنامج حكومته التي أشرفت على الانتخابات الرئاسية في 1995 قاعدة للخروج من الأزمة. وهو يدعو الى استئصال الارهاب وتشجيع الاستثمار.