أثبتت حركة "طالبان" قدرتها على التعامل مع حادثة خطف الطائرة الهندية التي جثمت على أرضها طيلة الأيام الستة الماضية. وجنّدت الحركة معظم قدراتها من أجل إراحة المحتجزين والبرهنة على القدرة على التعامل مع تعقيدات المجتمع الدولي ومنها قضايا الخطف والإرهاب. وفي تحرك ذكي، تمكن وزير خارجية الحركة وكيل أحمد متوكل من إقناع الخاطفين بإسقاط شرطين من شروطهما لإنهاء أزمة الطائرة المخطوفة على أساس أن أحدهما غير شرعي طلب الفدية والثاني غير ممكن تحقيقه تسلم رفات القائد الكشميري المعروف سجاد أفغاني. وعززت "طالبان" اجراءاتها في مطار قندهار في محاولة لإجهاض اي تطورات مأسوية بعدما هدد الخاطفون بقتل الرهائن وردت بالتهديد باقتحام الطائرة في حال أقدم الخاطفون على تنفيذ تهديدهم. ورغم أن كثيرين يشككون بخبرة الحركة في هذا المجال ويتوقعون ان تتحول الطائرة إلى مستنقع دماء في حال حصل الاقتحام ، لكن تهديد "طالبان" ارغم الخاطفين على التراجع عن تهديداتهم. ورغم العلاقة "الروحية والعاطفية" بين "طالبان" والثوار الكشميريين فإن ذلك لم يحل دون اتخاذ الحركة موقفاً متشدداً من الخاطفين وإدانتها الخطف على أنه شكل من أشكال الإرهاب غير المقبول شرعاً. ودفع هذا الموقف الكثير من الأطراف الى ابداء إعجابها به. حتى ان الهند صاحبة العلاقة والتي ترتبط بروابط مع حكومة الرئيس الأفغاني المخلوع برهان الدين رباني، وعدت على لسان وزير خارجيتها جاشوانت سنغ بدراسة الإعتراف بحكومة "طالبان" في حال تمت تسوية الأزمة بشكل سلمي. وبغض النظر عن حصول الحركة على الإعتراف أم لا، فإن هذه التصريحات لا تأتي من فراغ ولابد أن سنوات التراكم العدائي الهندي إزاء الحركة بدأت تتلاشى. واشاد رئيس البعثة الدولية إلى أفغانستان إيريك ديمول الذي اطلع على جزء من هذه المفاوضات دون أن يكون طرفاً فيها، بتعامل الحركة الأفغانية ووصف قراراتها بال"ذكية، رغم الإمكانات المحدودة التي في حوزتها". وكان الديبلوماسيون الأجانب الذين زاروا قندهار للإطمئنان على رعاياهم المحتجزين، كالوا المديح للحركة على حسن تعاملها مع الأزمة. ومن بين هؤلاء السفير الياباني الذي أثنى على جهود الحركة في التعامل مع حادثة الخطف. وقال زعيم حزب العوام القومي اليساري أصفنديار ولي خان المعروف بعدائه للحركة ان "طالبان تلعب دوراً إيجابياً في حادثة الخطف، وحسب التقاليد البشتونية تعامل الجميع على أرضها كضيوف". أما وزير الداخلية الباكستاني السابق نصير الله بابر الذي كان تعامل طويلاً مع الحركة فقد قال إن "موقف الحركة كان إيجابياً جداً وكنت دائماً أقول انه ما لم تتحدث معهم فلن تعرفهم، إن لديهم تاريخاً وتقاليد عريقة". ولعل حادثة الخطف غيّرت بعض القيم التي كانت سائدة في مجتمع "طالبان" وهي تحريم التصوير فللمرة الاولى يسمح وزير الخارجية الطالباني وكيل أحمد متوكل للصحافيين بتصويره. كذلك سمحت الحركة بتصوير التلفزيون لوقائع احتجاز الطائرة، بينما كانت تعتبره قبل الخطف من المحرمات.