لقد رأى الدكتور عبدالرزاق السنهوري باشا في الإسلام ديناً ودولة، مع تميز الدين فيه عن الدولة، فهو جامع بينهما، ومميز - في ذات الوقت - لكل منهما عن الآخر. فالدين الإسلامي فيه "العقيدة" و"الشريعة". وعقيدته خاصة بالمسلمين دون سواهم. اما شريعته، ففيها "عبادات" و"معاملات". وعباداتها خاصة بالمسلمين وحدهم.. بينما معاملاتها، التي بسط الفقهاء مبادئها ونظرياتها وقواعدها في "الفقه الاسلامي" فانها جزء من ثقافة الأمة، وأساس مدنيتها المتميزة، وقانونها الذي أبدعته الأمة- بالاجتهاد - الذي مارسته وتمارسه "سلطة الإجماع" - اجماع الفقهاء - الذين هم نواب الأمة، الذين يتولون - نيابة عنها - سلطاتها في التشريع والتقنين. واذا كان القرآن الكريم هو البلاغ الالهي، وكانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي البيان النبوي لهذا البلاغ القرآني، فإن السنهوري قد رأى ان ما في القرآن والسنة - وهما المصادر العليا للفقه الإسلامي - خاصة بهذاالفقه - كقانون عام لكل الامة، على اختلاف عقائدها الدينية - هو "التوجهات" التي ترسم للفقه فلسفته التشريعية، ومبادئه الكلية، ونظرياته العامة، وقواعده التي تستنبط منها الاحكام. فالقرآن والسنة - وهما جماع الدين الإسلامي - ليسا الفقه الإسلامي - الحاكم والموحد لكل الامة - وإنما فيهما "التوجهات" التي يبدع في اطارها الفقهاء - نواب الامة- صناعة الفقه - كقانون محض - بواسطة سلطة وآلية الاجماع. فهذا الفقه الاسلامي ليس "ديناً خالصاً" حتى يكون خاصاً بالمسلمين وحدهم من دون سواهم من رعية الدولة الإسلامية، بل ان "توجهاته" التي جاء بها القرآن والسنة من الممكن ان تجاورها وتزاملها "توجهات" الشرائع الكتابية السابقة على الرسالة المحمدية - في ملة ابراهيم وشريعة موسى ووصايا المسيح، عليهم الصلاة والسلام -. اي ان شرائع غير المسلمين - من رعية الدولة الاسلامية - في المعاملات - اذا وجدت، ولم ينسخها التطور والتغير - كما هو حال الوصايا العشر، مثلاً، والقيم الايمانية والاخلاقية - هي جزء من الشريعة الاسلامية، في توجهاتها الخاصة بالمعاملات، والحاكمة لصناعة الفقه والقانون، هي المرجعية الحاكمة لكل الأمة- وليس للمسلمين وحدهم - في شؤون الدولة والمدنية والثقافة والقانون... واذا كان غير المسلمين تُركوا وما يدينون به من عقائد، اي ان منطقة اختصاصهم وتميزهم عن غيرهم هي العقائد والعبادات، فان المسلمين مثلهم في هذا التميز والاختصاص، لهم عقائدهم وعباداتهم الخاصة بهم، والتي لا يعممونها على الآخرين. فكل ابناء الديانات المتعددة في الدولة الاسلامية يتمايزون في العقائد والعبادات المتمايزة، بينما يشتركون جميعا في الاحتكام الى فقه واحد وقانون واحد، وضعه فقهاء الامة، الذين ينوبون عن الأمة في ممارسة سلطاتها في التشريع والتقنين. فالفقه الاسلامي فقه محض، وقانون خالص، لكل الأمة، يصوغه فقهاء الامة بسلطة الاجماع، في اطار توجهات الشريعة الاسلامية ومالم ينسخ من توجهات الشرائع السماوية السابقة على شريعة الاسلام. هكذا بلور السنهوري باشا النظرية الاسلامية في علاقة الدين بالدولة، وابان الصلات الجامعة والخطوط المميزة بين العقيدة والشريعة، وبين عبادات الشريعة ومعاملاتها، وبين الشريعة والفقه، وبين ما في الكتاب والسنة مما هو خاص بالعقائد والعبادات، وما هو خاص بالتوجهات الحاكمة لصناعة القانون والفقه، بواسطة سلطة الأمة في التشريع والتقنين بواسطة الاجماع. وألح السنهوري على تفضيل وتأكيد هذه النظرية الاسلامية، منذ كتابه عن فقه الخلافة سنة 1926 - وحتى دراسته عن القانون المدني العربي - سنة 1953. فقال: "يقال عادة: ان مصادرالفقه الإسلامي هي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس. اما الكتاب والسنة فهما المصادر العليا للفقه الإسلامي، وقد قصدت بالمصادر العليا ان أقول: إنها مصادر تنطوي على كثير من الإحالات على مبادئ عامة ترسم للفقه اتجاهاته، ولكنها ليست هي الفقه ذاته، فالفقه الإسلامي هو من عمل الفقهاء، صنعوه كما صنعه فقهاء الرومان وقضاته القانون الروماني، وقد صنعوه فقهاً صميماً، الصياغة الفقهية واساليب التفكير القانوني فيه واضحة ظاهرة، فأنت تقرأ مسائل الفقه الإسلامي في كتبه الاولى، ككتب ظاهر الرواية لمحمد1، كما تقرأ مسائل الفقه الروماني في كتب فقهاء الرومان في العصر المدرسي، ثم تنتقل الى مرحلة التبويب والترتيب والتنسيق والتحليل والتركيب في الفقه الإسلامي فتقف على الصناعة الفقهية في اروع مظاهرها وفي ادق صورها، ثم يقول لك هؤلاء الفقهاء الاجلاء، في كثير من التواضع: ان هذا هو الاجماع2 او القياس3 او الاستحسان4 او الاستصحاب5، او ما شئت من المصادر التي ابتدعوها، وأن الأصل في هذا يرجع الى الكتاب والسُنة. والواقع من الأمر أنهم صنعوا فقهاً خالصاً هو صفحة خالدة في سجل الفقه العالمي"6. فالسنهوري، من موقع الخبرة والاستاذية في صناعة القانون، وفي فقه الشريعة الإسلامية، بلور - وهو يميز بين الدين والدولة - التمييز بين الشريعة وبين الفقه، فما في الشريعة - التي هي وضع الهي ثابت - للفقه - الذي هو علم الفروع، المتطورة بالاجتهاد دائما وابداً - هي توجيهات، اغلبها مبادئ وقواعد ونظريات وفلسفات تقنين، اكثر مما هي تفصيلات للقوانين والاحكام. ولهذه الحقيقة من حقائق الفقه الإسلامي، تميز هذا الفقه "بالمرونة" و"التطور"، بينما تميزت الشريعة بالوضع الإلهي الذي لا تبديل فيه، والثبات الذي لا يعتريه التغيير.. وبعبارة السنهوري: "ففقه هذه الشريعة كثوب، راعى الشارع في صنعه جسم من يلبسه، وكان صغيراً، ولحظ في صنعه نمو هذا الجسم في المستقبل، فبسط في القماش بحيث يمكن توسيع الثوب مع نمو الجسم". ويمضي السنهوري - بعد هذا التصوير لمرونة الفقه الإسلامي - فيعزو ظواهر الجمود في الفكر الاسلامي، وظواهر الانفلات من هذا الفكر الى غيبة هذه الحقيقة عن كل من اهل الجمود واهل الانفلات، فيقول: ولكن هذه الحقيقة غابت عن عامة المسلمين، فانقسموا فريقين: احدهما لبس الثوب على الضيق فاختنق. والثاني لم يطق هذا الضيق فمزق الثوب ولبس عارياً. على ان الثوب صالح للتوسيع دون ان يضطر لابسه الى الاختناق او التمزيق"7 * * * ولأن مشروع حياة السنهوري باشا كان أسلمة الشرق. وذلك بإقامة جامعة الأمم الاسلامية على اساس الشريعة الإسلامية. وبعث المدنية الاسلامية المتميزة عن المدنية الغربية بمميزات الاسلام عن المسيحية، واستدعاء الشريعة الاسلامية، بالدراسات الجديدة، والاجتهاد الجديد، لتتخطى اعناق القرون الى العصر الحديث. ولأن ما يعني هذا القانون العظيم من الاسلام وشريعته كان - في الاساس وقبل كل شيء - هو الفقه الاسلامي - وفقه المعاملات تحديداً - اي القانون الاسلامي، فلقد كان لتجديد الفقه الإسلامي، بتحديث دراساته، مكان ملحوظ في مشروعه الفكري. أراد السنهوري الا تقف افكاره ومشاريعه الرامية الى تجديد دراسات الفقه الإسلامي، التي علق عليها امكانات فتح باب الاجتهاد الجديد في الشريعة الاسلامية، لتتخطى اعناق القرون وتحكم الواقع المعاصر، اراد السنهوري لمشروعه هذا الا يكون مجرد "افكار". فتحدث عن ضرورة اقامة مؤسسة علمية وتعليمية للنهوض بهذه الدراسات الحديثة، التي وضع لها العديد من الملامح والمعالم والتفاصيل... بل والميزانيات. بدأ مشروعه - مرحلياً - باقتراح "دبلوم في قسم الدكتوراه بالجامعة للفقه الاسلامي" على ان يتطور هذا "الدبلوم" الى "معهد للفقه الاسلامي" - تابع للجامعة - يمنح "دبلومات" عليا ممتازة في الفقه الإسلامي... و الدكتوراه في الفقه الاسلامي... وذلك تمهيداً لاستقلال هذا المعهد عن الجامعة، ليصبح مؤسسة علمية وتعليمية خاصة بالدراسات العليا في الفقه الإسلامي. والى جانب الدراسات الأكاديمية العليا في الفقه الإسلامي، ومقارنة هذا الفقه بالمنظومات القانونية الأخرى، في الدبلومات والرسائل العلمية المتخصصة، اقترح السنهوري "انشاء مجلة متخصصة للفقه الإسلامي" ونشر كتب ورسائل هذا الفقه في سلسلة علمية متخصصة. واقترح كذلك انشاء "كراسي" علمية في هذه المؤسسة التعليمية لمختلف التخصصات التي تبعث الحيوية والتجديد والاجتهاد في صناعة الفقه... كرسي للفقه الإسلامي... وثاني للدراسات المقارنة بين مذاهب هذا الفقه... وثالث لمقارنة الفقه الإسلامي بالقوانين الغربية... ورابع لأصول الفقه... وخامس لتاريخ هذا الفقه. واخيراً، مكتبة متخصصة في مصادر الفقه الاسلامي والعلوم المتصلة به. هكذا فكرالسنهوري في هذه المؤسسة العلمية والتعليمية، والمتخصصة في تجديد دراسات فقهنا الإسلامي العتيد، لنصل بهذا التجديد الى اسلمة القانون الحديث. بل لقد اعتبر هذا المشروع "الامل المقدس"، الذي انطوت عليه جوانحه، وهفا اليه قلبه، ولم يبرح ذاكرته منذ سن الشباب وطوال سنوات عمره المديد. وعن هذا المشروع من مشاريع البعث والتجديد لصرح من صروح المدنية الاسلامية وركن من اركان الدولة الاسلامية، وقسمة من قسمات الثقافة الاسلامية... كتب السنهوري باشا يقول: "اسجل هنا مشروعاً لدراسة الفقه الاسلامي دراسة علمية حديثة: - يحسن البدء بانشاء دبلوم في قسم الدكتوراه بالجامعة للفقه الاسلامي. ويدرس في هذا الدبلوم الفقه الإسلامي بمذاهبه المختلفة، ومقارنة الفقه الإسلامي بالقوانين الغربية، واصول الفقه الإسلامي، وتاريخ الفقه الإسلامي. وبعد ان يقوم هذا الدبلوم على اساس قوى، ينشأ معهد للفقه الاسلامي. تكون مدة الدراسة فيه سنتين، احداهما تدرس فيها العلوم المتقدمة، وتنتهي بدبلوم للدكتوراه... والاخرى تكمل السنة الاولى، ويدرس فيها القانون العام في الفقه الاسلامي، والقانون الدولي من عام وخاص في الفقه الاسلامي، والقانون الجنائي في الفقه الاسلامي، وقانون المرافعات في الفقه الاسلامي. وتنتهي دراسة السنتين في المعهد بدبلوم عليا ممتازة في الفقه الإسلامي، ويستطيع من يحصل على هذا الدبلوم ان يحصل على درجة الدكتوراه في الفقه الاسلامي اذا هو قدم رسالة، وهذه الدكتوراه في الفقه الإسلامي هي غير الدكتوراه في القانون التي قد تكون احدى دبلوميها دبلوماً في الفقه الإسلامي. - وبعد ان تستقر هذه الخطوة الثانية- خطوة المعهد التابع للجامعة- تأتي الخطوة الثالثة، وهي: استقلال هذا المعهد عن الجامعة، فيصبح معهداً ذا شخصية معنوية وميزانية مستقلة، وتكون دراسته للفقه الإسلامي بالطرق الآتية: 1- من طريق التدريس، واعطاء الاجازات الدراسية للطلبة، ومنح درجات الدبلوم، والدبلوم العليا الممتازة، والدكتوراه في الفقه الاسلامي. ويجوز منح هذه الدرجة لطلبة الجامعة وطلبة الازهر، ويرصد في ميزانية المعهد عشرون مكافأة دراسية للطلبة يخصص بعضها للطلبة المسلمين غير المصريين. 2- من طريق انشاء مجلة للفقه الإسلامي. 3- من طريق نشر سلسلة من الكتب والرسائل في الفقه الاسلامي". وينبغي أن يرصد في ميزانية هذا المعهد خمسة كراسي على الأقل: كرسي منها للفقه الإسلامي. وكرسي ثان للفقه الإسلامي المقارن في مذاهبه المختلفة. وكرسي رابع لأصول الفقه - على أن يعاد البحث في النظرة التقليدية لهذه الاصول.. وكرسي خامس لتاريخ الفقه. - وانشاء مكتبة كبرى في الفقه الاسلامي، تكون حاوية لجميع الكتب الهامة في الفقه وفي العلوم المتصلة به..."8. واذا كان السنهوري صاغ معالم مشروع هذه المؤسسة العلمية التعليمية، وهو في دمشق، يضع لسورية قانونها المدني، المستمد من الفقه الإسلامي، فلقد عاود السعي لتحقيق هذا "الامل المقدس"، بعد انجازه القوانين المدنية لمصر والعراق وسورية، وتطلعه الى قانون مدني عربي موحد، نابع من الشريعة الاسلامية و الفقه الإسلامي المتجدد... فانتهز فرصة قيام جامعة الدول العربية، وتحدث الى امينها العام الدكتور عبدالرحمن عزام 1311- 1396 ه 1893- 1976م في امر انشاء "جامعة علمية للثقافة العربية"- تابعة للجامعة العربية - على امل ان يكون "معهد الفقه الإسلامي" احد مؤسسات هذه الجامعة العلمية للثقافة العربية" وسجل هذا المسعى الى هذا "الامل المقدس" في اوراقه الخاصة، فقال في ذكرى عيد ميلاده السادس والخمسين: "لقد ازددت يقيناً - وانا اليوم استقبل السابعة والخمسين من عمري - بأن مشروع الفقه الإسلامي، وما ينبغي لهذا الفقه المجيد من دراسة علمية في ضوء القانون المقارن، قد انغرس في نفسي وأصبح جزءاً من حياتي، يكبر معها ولكنه لا يشيب ولا يهرم. وقد وافاني توفيق الله، فصدر القانون المدني المصري، ثم القانون المدني السوري، ثم القانون المدني العراقي. فأصبح الآن من المستطاع ان يستخلص من التقنينات الثلاثة "قانون مدني عربي" هو الذي يكون محل الدراسة والمقارنة بالفقه الاسلامي العتيد. فإذا استطعت ان احقق أملاً يجيش في نفسي، فأحمل جامعة الدول العربية على ان تنشئ جامعة علمية للثقافة العربية - تحدثت في شأنها الى الامين العام - تمكن دراسة الفقه الإسلامي والقانون المدني العربي في معهد خاص ينشأ في داخل هذه الجامعة. فاللهم اكتب لي أن احقق هذا الامل المقدس الذي تنطوي عليه جوانحي، ويهفو اليه قلبي، ولا يبرح ذاكرتي منذ سن الشباب الى اليوم، وقوّني اللهم على الاضطلاع به9. هكذا كان تجديد دراسات الفقه الإسلامي - المجيد والعتيد - لأسلمة القانون الحديث، هو الامل المقدس لهذا المصلح العظيم انطوت عليه جوانحه، وهفا اليه قلبه، ولم يبرح ذاكرته منذ فجر حياته الفكرية والعلمية. تتقدم الاعوام بعمر السنهوري وحلمه هذا العظيم يكبر مع الاعوام، لكن من دون ان يهرم او يشيب... حتى ليجعل دعاءه الى الله في ذكرى عيد ميلاده ان يعينه على تحقيق هذا الامل المقدس والعظيم. المصادر 1- الشيباني، محمد بن الحسن بن فرقد 131-189 ه 748- 804م صاحب ابي حنيفة، وناشر مذهبه. 2- الاجماع- لغة "العزم، والاتفاق- وفي اصطلاح الاصوليين: اتفاق جميع المجتهدين من امة محمد، صلى الله عليه وسلم، ما بعد عصره، على حكم شرعي. انظر التعريفات للشريف الجرجاني. طبعة القاهرة 1938م. 3- القياس- لغة: التقدير- واصطلاحاً-: الجمع بين الاصل والفرع في الحكم، بتعدية الحكم من النصوص عليه الى غيره، بعد استخراج المعنى المستنبط من النص التعريفات للجرجاني. 4- الاستحسان- لغة: هو عد الشيء واعتقاده حسناً - واصطلاحاً-: هو ترك القياس، والاخذ بما هو ارفق للناس، ويعمل بالاستحسان اذا كان اقوى من القياس الجلي، فكأنه- في الحقيقة - قياس مستحسن. التعريفات للجرجاني. 5- الاستصحاب- لغة -: الملازمة- واصطلاحاً-: ابقاء الحكم على ما كان عليه لانعدام المغير، فيثبت الحكم في الزمان الثاني لثباته في الزمان الاول. التعريفات للجرجاني. 6- القانون المدني العربي- سنة 1953م. 7- الأوراق الشخصية. لاهاي في 15-8-1924م. 8- الاوراق الشخصية: دمشق في 12-3-1944 م. و: القانون المدني العربي سنة 1953م. 9- الاوراق الشخصية: الاسكندرية في 12-8-1951م.