كثيرون هم الذين يعرفون الدكتور عبدالرازق السنهوري باشا ( 1313-1391ه 1895 -1971م)، إنه الفقيه الدستوري، وواضع وشارح القانون الذي صاغ المعلومات الدستورية والقانونية لكثير من الدول العربية، لكن الكثيرين لا يعرفون الوجه الإسلامى للسنهوري فقيه الشريعة الإسلامية، وإمام الفقه الإسلامي، وداعية النهضة الشرقية بالإسلام، وإلا فمن يعلم أن السنهوري باشا هو القائل: “يقول الشرق لأبنائه إن نهضتي هي نهضة دين، ودول الشرق لا يمكن أن تجتمع على شيء واحد، فيرد دين الإسلام ولقد كنت أحلم صغيرًا بالجامعة الإسلامية”. الإسلام دين ودولة إلى جانب الدين وإلى جانب العقيدة، وقانون إلى جانب الشعائر إلى دين الأرض، كما هو دين السماء. ولقد وضع نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم قواعد الحياة الاجتماعية والحياة السياسية، وأسس دولة إلى جانب دين، وأقام الوحدة الدينية ملاءة العربية، والوحدة السياسية للجزيرة العربية، فهو مؤسس الحكومة الإسلامية. وأريد أن يعرف العالم أن الإسلام دين ومدنية، وأن المدنية الإسلامية أكثر تهذيبًا من المدنية الأوروبية، والوسطية الإسلامية يجب أن تفهم بمعنى المدنية الإسلامية وأساس الشريعة الإسلامية.. ومع الذين يقولون إن بلادنا لا يجب أن تنظر إلى الغربية فتمحوها من كل ما أحسنته أن يكونا ضعف هذا الرأي الذي يبنى أصحابه أن لبلادنا مدنية إسلامية أصيلة وليست هي البلاد الطفيلية التي ترقع لها ثوب من فضلات الأقمشة التى بلغها الخياطون! لقد أعطى الإسلام العالم شريعة هي أرسخ الشرائع ثباتًا، شريعة تفوق الكثير في تفصيلاتها الشرائع الأوروبية، هي في نظر المنصفين من أرقى النظم القانونية فى العالم وصالحة لأن تكون دعامة علم القانون المقارن بالنظر الصحيح وإذا كان لنا هذا التراث العظيم فكيف يجوز لنا أن نفرط فيه؟!. إنها شريعة مرنة صالحة لأن تلبس لباس الزمن الذي تسمى فيه أنها شريعة الشرق ووحي أحكامه وفيها من العناصر التي لونتها الصياغة فأحسنت صياغتها واصطنعت نظريات ومبادئ لا تقل فى الرقي والشمول، وبالاجتهاد اكتسبت الشريعة الاسلامية مسايرة التطور وهو أخطر النظريات الفقهية التي تعلمناها اليوم من الفقه الغربي الحديث إنها تراثنا التشريعي الذي إذا كنفناه وعبدناه كان لنا هذا جليلًا وينفخ روح الاستقلال في قضائنا في الشريعة ثم لاتفقنا مع العالم بهذا النور الجديد فتضيء جانبًا من جوانب الثقافة العالمية في القانون. إن الكتاب والسنة هما من المصادر العليا للفقه الإسلامى فيها المبادئ العامة التي ترسم للفقه اتجاهاته دون أن تكون هي اللغة ذاته، فاللغة الإسلامية هي صميم من عمل الفقهاء والصياغة الفقهية فيه وكذلك أساليب التفكير القانونية واضحة ظاهرة، وصفحة خالدة، فى سجل الفقه العالمي، وإن شروع دراسة هذا الفقه الاسلامى في ضوء القانون والمقارنة قد ترعرع في نفسى وأصبح جزءًا من حياتي يكبر معها ولكنه لا يشيب ولا يهرم، وأنه الأمل المقدس الذي انطوى عليه جوانحي ويقوى قلمي ولا يبرح ذاكرتي منذ الشباب.. وإذا ما اكتمل لهذا الفقه تطور أمكن للبلاد العربية قانون واحد يشتق أساسه من الشريعة الإسلامية. هذا هو “البيان الإسلامي” للقاضي العادل إمام الفقه والقانون الدكتور عبدالرازق السنهوري باشا.