ارتكبت القوات الصربية مجزرة امس وأول من أمس في كوسوفو قضى ضحيتها عشرات الألبان من سكان قرية راتشكا جنوب غربي العاصمة بريشتينا، ووصفها المراقبون بأنها الاكثر مأسوية منذ حوالي ثلاثة اشهر. وأفاد الناطق باسم بعثة المراقبة الأوروبية ساندي بلايت امس ان المراقبين "احصوا 40 جثة لألبان معظمهم في ملابس مدنية قتلوا بالرصاص في قرية راتشكا، وتراوح اعمارهم بين 18 و65 سنة وأطلقت النار على غالبيتهم في الرأس أو خلف العنق من مسافة قريبة". ووصل فريق المراقبين الدوليين امس الى المنطقة واقتصر تفقدهم على قرية راتشكا بعدما منعتهم القوات الصربية من التوجه الى قرى اخرى في المنطقة "بسبب المخاطر التي سيتعرضون لها". وأفاد صحافيون وصلوا الى راتشكا برفقة المراقبين الدوليين انهم سمعوا اصوات انفجارات في المناطق المجاورة. الى ذلك اشارت وكالة "كوسوفو برس" التي يشرف عليها المقاتلون الألبان ان "عدد القتلى يزيد عن 45 البانياً في قرية راتشكا وحدها". وأضافت ان المجزرة حصلت من دون حدوث مقاومة من سكان القرية "التي دخلتها القوات الصربية وفصلت الرجال عن النساء والاطفال واصطحبت الرجال الى خارج القرية وأطلقت النار عليهم". وكانت القوات الصربية هاجمت راتشكا وقرى البانية اخرى حولها بعدما عثرت على جثة شرطي صربي واتهمت جيش تحرير كوسوفو بخطفه وقتله. وشوهدت طائرات عمودية صربية طوال امس تحلق فوق المنطقة. من جهة اخرى اعرب رئيس المراقبين الدوليين ويليام ووكر عن "ادانته للجريمة البشعة التي ارتكبتها القوات الصربية من دون مبرر". وأشار الى انه يعتقد ان اطلاق النار على المراقبين في بلدية ديتشاني غرب الاقليم اول من امس وجرح اثنين منهم "كان متعمدا"، لكنه امتنع عن تحديد الطرف المسؤول "لأن التحقيقات في الحادث لا تزال جارية". وطلب زعيم البان كوسوفو ابراهيم روغوفا امس "تدخلاً عاجلاً" من حلف شمال الاطلسي بعد "الهجوم الهمجي الذي قامت به القوات الصربية" واسفر عن مقتل ما لا يقل على 46 البانياً في راتشكا. وقال مركز الاعلام الالباني ان روغوفا طلب هذا التدخل طبقاً ل "امر التفعيل القائم" الذي يعتبر بالنسبة الى حلف شمال الاطلسي اخر مرحلة قبل اتخاذ قرار التدخل سياسياً. وكان الحلف حصل في تشرين الاول اكتوبر، باستخدامه هذا التهديد، على اتفاق مع الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش على وقف الاعمال العسكرية في كوسوفو. ويرى روغوفا ان "تدخلاً دولياً فعالاً وعاجلاً هي الوسيلة الوحيدة التي من شأنها ان توقف قوة الجيش والشرطة التابعة لبلغراد وان تخلق الظروف الملائمة للتوصل الى بداية حل سياسي لازمة كوسوفو. ودان روغوفا المجزرة التي تعرض لها المدنيون الالبان في راتشكا، معتبراً ان "هجوم القوات الصربية يشل مساعي المجتمع الدولي الرامية للتوصل الى حل سياسي". وفي بيان وزع امس في بريشتينا عاصمة الاقليم، اتهم ممثل جيش تحرير كوسوفو السياسي آدم ديماتشي من جهته الشرطة الصربية "باعدام عشرات الالبان". وجاء في البيان ان "اعدام عشرات الالبان، بينهم نساء واشخاص مسنون، يدل على ان نظام بلغراد دخل مرحلة جديدة معروفة بالفاشية تجاوزت ما وقع خلال الحرب العالمية الثانية". ورأى ديماتشي ان المجتمع الدولي لم يتعظ من العبرة في حرب البوسنة وتصرف "بشكل خاطىء" في كوسوفو. واضاف ان منظمة الامن والتعاون في اوروبا "غير قادرة على حماية اعضائها فكيف بها ان تحمي المدنيين الالبان". واكد ان جيش تحرير كوسوفو يشكل "الحماية الوحيدة للالبان في هذا الوضع"، وطلب من السكان ان "يساعدوا ويدعموا" المنظمة الانفصالية لتحقيق مطامح الالبان في الاقليم وهي "كوسوفو حرة ومستقلة".