برازيليا، لندن - "الحياة"، أ ب، رويترز - انخفضت العملة البرازيلية، الريال، بحدة مجدداً أمس الجمعة بعدما رفض البنك المركزي البرازيلي دعمها في الأسواق المالية الدولية. واتخذت هذه الخطوة المفاجئة، التي تنقض التعهدات البرازيلية السابقة بالدفاع عن الريال، في محاولة لوضع حد للأزمة المالية التي تضرب أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية. ويعتبر ذلك تعويماً فعلياً للريال. من جهتها، أعلنت الأرجنتين أنها تدرس اقتراح اعتماد الدولار الأميركي كعملة مشتركة في أنحاء القارة الأميركية. وتثير الأزمة البرازيلية مخاوف من أن يتأثر الاقتصاد الأميركي القوي بها. وفتح مؤشر "داو جونز" في نيويورك عند 16،9127 بارتفاع 23،6 نقطة عن اغلاق أول من أمس. وما لبث ان ارتفع نحو 1.4 في المئة في التداولات الصباحية. وأعلن البنك المركزي البرازيلي في بيان أنه "لن يتدخل في أسواق العملات اليوم أمس". وانهار الريال بسرعة إلى 55،1 ريال للدولار، تحت مستوى اغلاق الخميس وهو 32،1 ازاء الدولار. في مقابل ذلك، ارتفعت سوق الأسهم في ساو باولو 9،13 في المئة في نصف الساعة الأولى من التداول. وبلغت نسبة الزيادة نحو 25 في المئة ظهر أمس. وقال البنك المركزي إنه تراجع عن قرار اتخذه الأربعاء الماضي بتحديد هامش تداول جديد للريال، كانت نتيجته الفعلية خفض الريال نحو 8 في المئة. وبتراجعه عن قرار الهامش، يبدو ان البنك سمح بتعويم العملة البرازيلية في أسواق القطع الأجنبي. وأوضح البنك أنه سيصدر يوم الاثنين "بياناً جديداً في شأن سياسة القطع الأجنبي". ووردت تقارير صحافية تفيد أن وزير المال بيدرو مالان والحاكم الجديد للبنك المركزي فرانشيسكو لوبيز يعتزمان التوجه في الساعات القليلة المقبلة إلى واشنطن للبحث في تطورات الأزمة. وسيلتقي المسؤولان البرازيليان مسؤولين في الإدارة الأميركية وفي صندوق النقد الدولي. ومعلوم ان البرازيل تعرضت في الأشهر الماضية لضغوط اقليمية ودولية لخفض عملتها من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية، ما يسمح لها بالمحافظة على احتياطها من العملات الصعبة. لكن المستثمرين القلقين من امتداد الأزمة المالية العالمية إلى ثامن أكبر اقتصاد في العالم، بدأوا أخيراً بسحب أموالهم من الاقتصاد البرازيلي. وسحب المستثمرون أكثر من 40 بليون دولار منذ آب اغسطس الماضي، ما أدى إلى انخفاض الاحتياطات إلى 35 بليون دولار. وقال محللون إن البرازيل درست مخاطر خطوتها الأخيرة وحسبت أنها تستطيع الافلات بخفضٍ لعملتها أقل مما كان يعتقده الاقتصاديون ضرورياً. وفي محاولة لحماية العملة، رفعت الحكومة أسعار الفائدة إلى نحو 29 في المئة شهرياً، ما ألحق أضراراً بالمستهلكين والأعمال، وساهم في ابطاء الاقتصاد. وتعهدت البرازيل أيضاً خفض الموازنة بواقع 23 بليون دولار في مقابل الحصول على برنامج انقاذ من صندوق النقد بقيمة 5،41 بليون دولار. وقال محللون إن خفض الريال الأربعاء الماضي كان قليلاً جداً وجاء متأخراً، وان البرازيل تدفع ثمن ترددها. وفي بوينس آيرس أعلن وزير الداخلية كارلوس كوراخ أمس ان الأرجنتين تدرس التقدم باقتراح يقضي باعتماد الدولار الأميركي كعملة مشتركة في القارة الأميركية. وقال للصحافيين إن الرئيس كارلوس منعم اقترح الفكرة في اجتماع لمجلس الوزراء أول من أمس الخميس، بعد يوم من تفجر الأزمة البرازيلية. ومعلوم ان الأرجنتين ربطت البيزو بالدولار منذ عام 1991، ما سمح بخفض التضخم. وفي الأسواق الأوروبية، عوضت الأسهم بعد الظهر الخسائر التي تكبدتها في التداولات الصباحية بسبب المخاوف من تأثير الأزمة البرازيلية. وكان المتداولون يتوقعون ان تساير الأسواق الأوروبية انخفاض بورصة نيويورك 45،2 في المئة أول من أمس، والذي أطاح بكل مكاسب "داو جونز" منذ بداية 1999. وفي لندن، عاود مؤشر "فاينانشال تايمز" النهوض بعد تعثره في التداولات المبكرة. وارتفع 120.8 نقطة لدى الاغلاق. وفي باريس تراجع مؤشر "كاك" المؤلف من 40 سهماً 66،2 في المئة قبل أن يعاود الانتعاش ويرتفع 1.44 في المئة لدى الاغلاق. وفي اسبانيا، أكثر البورصات الأوروبية عرضة للتأثر بتقلبات الأسهم البرازيلية، بدأ مؤشر الأسهم الممتازة في بورصة مدريد التداولات بانخفاض حتى الاعلان المفاجئ عن محادثات اندماج بين بنكي "سانتاندر" و"بي. سي. اتش". وأغلقت بورصة طوكيو بسبب عطلة رسمية، لكن أسهم هونغ كونغ شهدت هبوطاً متأثرة أيضاً بالأزمة البرازيلية. وتراجع سعر الدولار وسط مشاعر القلق في شأن التطورات المقبلة في البرازيل بعد انهيار عملتها. كما عزا محللون هذه الاضطرابات في السوق إلى بداية محاكمة الكونغرس للرئيس الأميركي. وقاربت أسعار السندات الأوروبية أعلى مستوياتها مع تحول المستثمرين إلى السندات بدلاً من الأسهم.