حين حملت "الحياة" الاسئلة التي تطرحها في إطار ملف الرئاسة، على عدد من الشخصيات المرشحة الى المنصب أو المطروح اسمها له، الى وزير الموارد المائية والكهربائية ايلي حبيقة قال: "أنا لا أدخل في هذه المعمعة لأني لست مرشحاً ولا أريد ان يُطرح اسمي في هذا السياق". وحين قلنا له ان الأسئلة ليست مطروحة على المرشحين فحسب، بل وعلى سياسيين موارنة مارسوا الحكم ليطرحوا تصوّرهم لمعالجة بعض المشكلات التي يواجهها العهد المقبل، من موقع خبرتهم في التركيبة الحاكمة، وفي الحياة السياسية في مرحلة ما بعد اتفاق الميثاق الوطني في الطائف، وافق حبيقة على هذا الأساس. وربما كان حرصه على القول انه لا يريد طرح إسمه بين مجموعة المرشحين، انه يُدرك انه غير مطروح، وانه وإن كان سوق الكلام على الرئاسة تأتي على ذكر اسمه احياناً، فان ردّ الفعل عليه ليس إيجابياً بل يتردد ان افرقاء يضعون فيتو عليه. لكن حبيقة الذي خرج من "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب واختار سياسة مختلفة تماماً عنهما، في وقت مبكر أواسط الثمانينات، يسعى الى تسويق رؤية سياسية، والى اكتساب نفوذ سياسي للاستمرار، وهو انتقل من صيغة حزب الوعد الذي كان أسّسه نهاية الثمانينات، الى صيغة "تيار لبنان الوطن". في أجويته عن اسئلة "الحياة" يعرض حبيقة رؤيته التغييرية كالآتي: فشل الإصلاح الإداري كان له اسباب عدة ما هي في رأيك: هل يسمح تغيير الاشخاص في السلطة بنجاح الإصلاح، ام ان المطلوب إصلاح سياسي يؤدي إلى النجاح في الإدارة؟ - المشكلة ان هناك صعوبة في اجراء التغيير الطوباوي الذي يحكى عنه. من سيجريه قوى سياسية معينة، ام مدارس فكرية ام منظمات ام احزاب؟ فعلى رغم كل عظمتها هذه المدارس الفكرية والاحزاب، تحطمت في البلد وعادت الامور الى الوضع الذي نتجت عنها تشكيلة لبنان الاساسية، اي العشائر والطوائف والقبائل. التركيبة السائدة اليوم مبنية على هذا الاساس. حتى في المعارضة او الموالاة، لا رابط عقائدياً بينها. فلان في السلطة وفلان خارجها والذين في الخارج توحدوا من طوائف عدة وعلى اناس داخلها، وهم من طوائف عدة ايضاً، وبالتالي، التغيير لن يصدر عن مجموعة فكرية بل عن شخص ما حالم، لديه مشروع سياسي وقاعدة ليقدر، ومن موقع سلطوي، على التغيير. وفي رأيي هناك واحد من ثلاثة يستطيع التغيير في البلد، رئىس المجلس النيابي او رئىس الحكومة او رئىس الجمهورية. وأي واحد منهم، اذا كان حالماً او لديه مشروع، وإذا كان المستقبل واضحاً في ذهنه ومستعداً للتضحية بالأمور الصغيرة من اجل الكبيرة، يستطيع ان يوجد التغيير. ولكي تبقى الأمور على ما هي عليه ينبغي لهم ان يكونوا متوافقين، فهذا نظام مضبوط اسمه "ترويكا" ويمكن ان يكون اسمه دويكا وقد يكون اسمه اي شيء. الثلاثة فيه متوازنون ولا يستطيع ان يغلب واحد الثاني، بل يستطيع اثنان خربطة مشروع واحد او لجمه او إزعاجه. ولكن لا يقدر واحد ان يجري التغيير الكبير إلا اذا رفض قوانين اللعبة. حينها تفرط. والسائد اختصار المؤسسات في الاشخاص وإبقاء النظام مبنياً على الطوائف والعشائر الكبرى التي تحدد قوانين اللعبة، فلا يأتي مدير عام إلا اذا كان مرضيّاً عنه من زعامة هذه الطائفة في الرئاسات الثلاث. اذا قال اي من الثلاثة: انا لست لاعباً معكم ولن أسير في هذا المنطق، واتبعَ معايير عقلانية ومؤسساتية ولا طائفية، فسيجمد عمل الاثنين الآخرين لانهما من دونه لا يستطيعان الاستمرار، وسيُحدث ازمة كبيرة بحيث يجب ان يؤخذ اي حل طرحه في الاعتبار. وعندها سيسهم موقفه في انشاء مدارس فكرية وحزبية. عندما نسمع بالاصلاح الاداري اليوم يبدو كأن الخلاف يحصل على امور تفصيلية. كلهم يخوضون اللعبة بالمنطق العشائري فيصبح الموضوع ما هو حجم جماعتهم في السلطة؟ فعندما تأتي "جماعتي" يكون النظام جيداً وفي حال العكس يكون سيئاً. نحن اذاً في حاجة الى رئيس حالم؟ - في ميزان القوى الحالي، رئيس المجلس والحكومة سيبقيان. المتغير الوحيد اليوم هو رئيس الجمهورية. اي واحد من هؤلاء الثلاثة، حتى لو بقي الرئيس الحالي يقول انه قرر التغيير يحدث خضة في البلد. الرئىس الحريري عندما قال انه مع التغيير وأنه اخطأ احدث خضة كبيرة جداً. لكن في اي اتجاه سيكون التغيير؟ اذا كان في اتجاه دولة المؤسسات فالأمر جيد. وإذا كان في اتجاه اكتساب سلطة غير حاصل عليها فمعناه اننا لا نزال في الحلقة المفرغة. وإذا جاء رئيس الجمهورية ليفعل ذلك فسنبقى في الحلقة المفرغة، اذا جاء رئيس، ربما على شاكلة فؤاد شهاب، يقول ان معايير المؤسسات هي وحدها التي تدوم وأنا كرئىس جمهورية أقف عندها ولا أحيد عنها قيد أنملة، فمعناه انه اجبر الآخرين على الالتفاف حوله. وسيحاولون الحرتقة عليه ومنعه وسيحاولون، بالقوة او بالترهيب، ان يأخذوه الى الموقع العشائري. وإذا لم يتزحزح يجبر الآخرين على اللحاق به. وهنا قد يكون الشخص مهماً في التركيبة، بهذه الطريقة. من بعده تصبح المؤسسات هي تقوم بذاتها. ولكن هذه تريد شخصاً. هل تعتقد ان تركيبة ما بعد الطائف ناضجة لإجراء تعديلات دستورية كالتي اعلن الرئيس الياس الهراوي نية اقتراحها تتعلق بمهل توقيع مراسيم وأخرى على بت القوانين في المجلس النيابي؟ وهل تتطلب الصلاحيات إعادة نظر لتسير الامور في شكل افضل أم ان الامر يتعلق بالممارسة؟ - الطائف لم يكن إلا تسمية، ولم يكن تطوراً طبيعياً لدستور قديم ودستور الاستقلال وحاجات جيل جديد. فالطائف الذي تحوّل لاحقاً دستوراً، جاء بعملية قسرية. اناس يريدونه وأناس يرفضونه بفعل المدفع. وكلاهما تنازل، ثم التقيا في منتصف الطريق. وهو لا يصلح لأن يكون مشروعاً للمستقبل، بل مشروع آني فقط نعبر فيه من مرحلة الى اخرى، تنضج نفسها بنفسها. الرئيس الحريري يقول "ان رئىس الجمهورية لا يمكن ان يكون حكماً فهو شريك وهو في السلطة التنفيذية"، والسؤال: كم من رئىس لهذه السلطة التنفيذية؟ هل رئيس الجمهورية، ام رئىس الحكومة؟ وفي مؤسسة لديها رئيسان كيف يتخذ القرار؟ اعتقد ان تركيبة الطائف لا تصلح كدستور وذهنية، ولحل المشكلات، إنما لإظهارها. وأنا منذ وضع اتفاق الطائف قلت انه وتطبيقاته الدستورية لاحقاً، سيفسح في المجال امام التغيير النوعي وصولاً الى الجمهورية الثانية الفعلية. نسمي انفسنا الآن "الجمهورية الثانية" وفي رأيي نحن بين الأولى والثانية ولا نزال في المرحلة الرمادية بين الانتقال من دستور الى آخر. الحل يكون في الإجابة عن اسئلة واضحة مثل كيف يكون التمثيل في هذا البلد؟ هل يكون طائفياً؟ الطائف لا يقول بالتمثيل الطائفي لكن فيه عبارة "مقتضيات الوفاق الوطني". هل يجب ان تطرأ تعديلات على الطائف؟ - لا. ستطرأ على مفهوم الدولة كدولة، لأن مفهومها عندنا لا يزال رجعياً ولا يمكن ان يتطور. هناك وزارات سياسية، اي هناك تشكيلة حكومية وأياً كان مُشكّلها عليه تقسيم المالية والخارجية والداخلية والدفاع على 4 طوائف، لأنها سياسية، وعليه تقسيم وزارات الخدمات على الطوائف ليقيم توازناً بينها. المطلوب تغيير في الروحية، وهو لن يحصل في شخص رئيس الجمهورية الذي اذا قرر الخروج من قانون اللعبة القديم التقليدي العشائري القبلي، ليدخل في منطق جديد، قد يسهم في ايجاد مدارس فكرية تحمل مشروع التغيير الذي قد يتطلب جيلاً ليتحقق. قانون الإنتخاب على رغم نص اتفاق الطائف على إنجازه ما زال يتم التطرق إليه موسمياً. متى تتوقع إنجازه؟ أي دائرة ترى إنها الافضل في الظروف الراهنة: الدائرة الواحدة ام المحافظة ام الدائرة - القضاء؟ - قانون الانتخاب مثل اي عمل تطبيقي يسهم في اي تغيير في هذا الشكل او في ذاك. السؤال هنا وكأن قانون الانتخاب هو تقسيم دوائر فقط من دون البحث في ما هو أبعد من هذا الأمر. ما هي المعايير التي ستقسّم على اساسها؟ الموجود في السلطة سيقسم الدوائر ليبقى في السلطة. وسيراعي التقسيمات الطوائفية في شكل يظهر للناس انه يفعل شيئاً افضل، اي ايجاد تلوينة مختلطة. مثلاً الضنية مع بعض القرى المسيحية او طرابلس مع بعض الاقضية المسيحية، انا مع الدائرة الانتخابية الواحدة مع تمثيل نسبي، وهذا يفترض معالجة موضوع الطائفية لأن النسبية تصبح صعبة او مستحيلة اذا أردت المحافظة على نسب التمثيل الطائفي، لذلك اذا بقي القانون الانتخابي على ما هو عليه وحصلت تغييرات مناطقية او ترتيبات ادارية فقط، تراعي مصالح من هم في السلطة، فلا أرى انها تساعد على التغيير. لتقسيم الدوائر علاقة باللامركزية الإدارية. - ماذا تعني اللامركزية؟ هل تعني اعطاء صلاحيات اكثر للمسؤولين المحليين، هناك معاملات مركزية الهدف ان تصبح محلية. ليس هناك لا مركزية مالية، او إنمائية هناك لا مركزية ادارية فقط. من المشكلات السياسية في العهد الحالي والمطروحة على العهد المقبل، تصحيح التمثيل المسيحي، فهل يعوّض هذا التصحيح اجراء تعديلات دستورية؟ - انا بدأت بالحديث رافضاً هذا المنطق، وإلا سنبقى في حلقة مفرغة، وسيكون على رأس السلطة واحد يفترض ان يمثل المسيحيين، وسيكون على اخصامه ان يضربوا له هذا التمثيل الجامع من خلال ايجاد حلف ثلاثي ضده لخردقته، بدلاً من ان يكون لدينا فؤاد شهاب ثانٍ. وبالنسبة الى التمثيل المسيحي او تركيبة المجتمع المسيحي فانها لا تزال تعمل بالقوانين نفسها التي عملت بها منذ مئة عام حين كوّنت نفسها كمجموعة، لها خصوصياتها ولم تذب في الوطن والآن فقدت هذه الخصوصية. حتى بداية الحرب نسجت هذه المجموعة علاقات معينة اصبحت تتوارثها القيادات. ريمون اده ورث عن ابيه، امين الجميّل ورث عن ابيه. والاثنان ورثا عن مؤسسة كانت قبلهما أناساً على الارض وعائلات وانتماءات، ثم جاءت الحرب ومعها طموحات ابناء الحرب وراح كل فريق طامح الى استلام الزعامة يقطع اوصال هذه العلاقات التي مضى عليها عشرون سنة او ثلاثون او مئة، لأنها علاقات للخصم فيلغي كل فريق الآخر ويأتي فريق يلغيه حتى وصلنا في النهاية الى إلغاء الجميع. الكتائبيون ألغوا بعضهم وألغوا الأحرار، و"القوات" ألغت الكل و"القواتيون" ألغوا بعضهم ثم جاء الجيش وألغى "القوات" و"القوات" ألغت الشهابية، الى ان وجدوا انفسهم اكثر فريق لم يعد يملك من يمثله. وأصبحت هناك ضرورة ان يبرز اناس من الصف لتسلّم القيادة وهذه مسألة تحتاج الى وقت طويل. لذلك رأينا ان كلاً من العماد عون و"القوات" اخذ يستحضر احزاباً ومجموعات لم نكن نسمع بها، كأن الأرض فرغت. ما زلنا نعيش هذه الحال. والتقليديون ذهبت بهم السن والأحزاب كذلك. وأنا اشك في ان اي مجموعة يمكن ان تقول انها تمثل المسيحيين من أعلى الهرم المسيحي الى كل الذين يعملون على الساحة، اذ سيبرز دائماً في وجه اي فريق افرقاء ليقولوا انه لا يمثل، لذلك على اي مسؤول في الدولة ان يفكر في عمل مؤسساتي اكثر من الاهتمام بمن يمثل المسيحيين، فعندها ليس امامه إلا ان يخترع ممثلين جدداً. من الموجود، لم يعد لدينا بيار الجميّل وكميل شمعون وبشارة الخوري، ورثوا تمثيلهم من سنين من العمل السياسي او الاجتماعي. القدامى راحوا. حتى دوري شمعون لا يستطيع ان يقدم نفسه على انه وارث ابيه. منه الى اخيه الى الحركات التصحيحية التي حصلت في الحزب اصبح لديه بعض من كل. وعن المعارضة في الخارج قال حبيقة: "ليسوا هم المعارضة في الخارج، بل معارضون في الخارج. هل هم موحدّون؟ ميشال عون احدى الحالات الموجودة، كان منذ عشر سنوات الحال الأعظم وأصبح اليوم احدى الحالات. امين الجميّل احدى الحالات في الكتائب، ابوه كان الحال الوحيدة، اسمه الرئىس الأعلى. ريمون اده. لا. ربما لا يزال الحال الأهم في الكتلة لكن الكتلة لم تعد الحال الأهم مسيحياً. لم يعد احد يستطيع ان يعوّض الذي فُقِد. وحده منطق جديد قد يكون جسراً لجيل لا يعني له هؤلاء شيئاً. جسر يأخذهم الى مكان افضل. ملّوا الاغنيات والتصفيق والخطابات التي يسمعونها ويرددونها منذ مئة عام، وهم جميعاً في حاجة الى دولة من نوع آخر. اذا لم نقدّم اليهم سوى هذا القديم لن تكون هناك حال إحباط فحسب، بل وحال لا مبالاة وقرف. هل تنتظر اسرائيل الظروف المناسبة لإعادة طرح تنفيذ القرار الرقم 425 وفق شروطها؟ - لم يتكلم الاسرائيليون على تطبيق القرار 425، لأن تطبيقه هو انسحاب من دون قيد او شرط. تكلموا على مفهوم جديد له يكون مقدمة لتفسيرات جديدة لقوانين عدة دولية اخرى. ومنطقهم ان ال425 وضع في ظروف معينة. اليوم هي مختلفة وتطبيقه يكون مختلفاً وبالتالي يجب اعادة تفسيره، وعندما رفض لبنان وسورية الطرح الاسرائيلي، فلأن ال425 واضح لا يحمل تأويلاً او تفسيراً، هو انسحاب من دون قيد او شرط وبالتالي فان تطبيقه يفترض ان يخرج الجيش الاسرائيلي من الجنوب. والدخول في مفاوضات لا يعني تنفيذ ال425. لذلك، الاسرائيليون اصلاً، لا يريدونه وإذا طرحوه فمن اجل احداث مشكلة في لبنان او ليدخلوا مفهوماً جديداً على مفهوم الاتفاقات الدولية في ما يتعلق بالشرق الاوسط وربما عالمياً. فرضت الظروف الاقليمية تأجيل البحث في إعادة انتشار الجيش السوري التي نص عليها الطائف والبعض يعتقد ان الظروف الداخلية ونمو قدرة الجيش اللبناني باتت تتيح إعادة انتشار جزئية تلائم بين الظروف الاقليمية والداخلية، هل هذا صحيح؟ - عندما تطرق الطائف الى الوجود السوري كانت هناك مجموعة سياسية - عسكرية كبيرة لديها مشكلة مع هذا الوجود وتشن حرباً عليه والفقرة عن الوجود السوري جاءت لمراعاة هذه المجموعة التي كانت لا تزال قوية وقادرة. اليوم علاقة الوجود السوري، خصوصاً العسكري، هي مباشرة بين الدولتين. وهذا الوجود المنتشر في مواقع لبنانية او في مواقع خلفية استراتيجية منظم باتفاقات بين الدولتين وليس في حاجة الى وسطاء، كما حصل في الطائف، يدخلون على الخط من اجل تسوية بين سورية وهؤلاء الافرقاء. لذلك تقول الدولة ان وجود الجيش السوري ضروري في هذه المرحلة، وحتى البند الذي يقول ان القوات السورية تساند القوى اللبنانية لم يستخدمه لبنان، لأن الدرك والجيش اللبنانيين كانا ينفّذان مهماتهما ولم تستخدم السلطة الجيش السوري في ترتيب الأمور الداخلية. لذلك، حين يطرح بعض الناس إعادة الانتشار في وجه السلطة فان هدفهم إحراجها، لكنها ليست محرجة لأن لم يعد هناك جيش في لبنان معادٍ للجيش السوري مثلما كان قبلاً. ولبنان، كونه واقعاً في معسكر، وهو وسورية شريكان في مواجهة اخطار اسرائيلية تحديداً وفي مواجهة المفاوضات الحاصلة في المنطقة، لم تعد عنده اشكالية. التبديل هنا او هناك، امر يجرى يومياً، القيادات اللبنانية تتناقش مع السورية في التعديلات والتنظيمات. العلاقات اللبنانية - السورية خضعت لحال من عدم الثقة بين افرقاء لبنانيين وسورية، كيف يمكن ارساء هذه العلاقة على قاعدة الثقة بين هؤلاء، خصوصاً بعض المسيحيين وسورية، علماً ان هؤلاء يطرحون دائماً موضوع السيادة؟ - لا. غير صحيح. موضوع السيادة ليس مطروحاً قط. العلاقات اللبنانية - السورية خصوصاً لدى بعض الأفرقاء تعدلت وتحولت وعند المسيحيين بدأت برغبة في التحالف، ومن ثم انتقلت الى خصومة. وكذلك الامر بالنسبة الى العلاقات اللبنانية - الاسرائيلية، المسيحية - الاسرائيلية والمسيحية - العراقية تبدلت من عداوة الى تحالف ... وهنا لا اتكلم على كل المسيحيين. كان هناك على الدوام قوى سياسية عند المسيحيين تعقد تحالفات وترفع شعارات ثم تغيّرها. والسبب هو النظام القبلي اي ان موقف المسيحيين من المسلمين هو الذي يجعلهم يقررون مع مَنْ يكون تحالفهم. مع سورية، مع اسرائيل، مع العراق، مع فرنسا مع أميركا؟ فلا تعود أمّنا الحنون أمّنا الحنون عندما تتعاطى مع فريق آخر تخاصمه هذه العشيرة. لذلك اذا قال السوريون لأهل هذه العشيرة نحن معكم قد يذهبون بالعلاقات معها الى مستوى الوحدة. هكذا حصل ايام الرئىس كميل شمعون والشيخ بيار الجميّل. فسورية تتعاطى مع لبنان كدولة وحكومة ومجموعة قررت ان تتعايش بعضها مع بعض. الذي يدخل في هذه التركيبة يكون صديقي والذي يعادي هذه التركيبة يكون خصمي. في هذه التركيبة، الذي دخل اصبح من داخل اللعبة لا مشكلة عنده مع سورية. والذي لم يدخل وهو خارجها، اصبح معادياً لسورية فقط لأنه خارج التركيبة. اما استخدام كلمات مثل السيادة والاستقلال والحرية فهدفها اكتساب الأرض والشعبية لمطامح في السلطة. هذا الكلام الذي اقوله ليس طوباوياً بل سياسي. وإذا أراد احد ان يكتب مذكراته بتفاصيلها تجد في غالبية الأحيان ان هذا الكلام مردّه الى تحديد موقعه في السلطة. اذا اخذت الموقع فلا مشكلة لديه وإذا لم يعط الموقع يخون ويتكلم على كل تلك المواضيع. السيادة تتأمّن اذا قرر اللبنانيون ان يتوحّدوا في ما بينهم. ولكن عندما ينقسمون وكل واحد يتحالف مع احد، تصبح لديهم مشكلة. لأنهم هم يكون مَنْ أتى بقوة اخرى. معالجة العجز في الخزينة اولوية الأولويات. هل يكفي خفض الانفاق لذلك أم انه يسبب انكماشاً إذا لم يترافق مع إعادة نظر في الاولويات الاقتصادية والاجتماعية؟ كيف تتم اعادة النظر هذه؟ - تتطلب اعادة نظر في كل الخطة الاقتصادية. عندما تقول اولويات يعني ان ثمة خطة واضحة يفهمها الناس. ولكن عندما تكون الخطة سرية فكل واحد تصبح اولوياته الاساس ولا تعود الأولويات معروفة. متى يمكن البدء بتطبيق البند المتعلق بالتحضير لإلغاء الطائفية السياسية بحسب الدستور؟ - اليوم يمكننا ان نبدأ بها. البارحة ايضاً وقبل سنة وقبل عشر سنوات، بحسب الدستور وبغض النظر عنه. اذاً أنا مقتنع ان سرطان هذا البلد هو الطائفية فخلاصه يكون بمنطق المواطنية كي لا نسمّيها شيئاً آخر ونثير الحساسيات. واليوم قبل غد يجب ان نبدأ بوضع أسس إلغاء الطائفية. فأنا ضد التعليم الديني في المدارس، لأنه ملك كل أب وكل ولد ويستطيع ان يتعلمه حيث يشاء. انا مع تعليم التربية المدنية وقانون الزواج المدني غير الاختياري. إلغاء الطائفية هو ان نقول ان كل من يسكن هذا البلد يخضع لقانون واحد. والقوانين التي تحميه هي نفسها التي تحمي أي مسؤول، عندها تكون بدأت بإلغاء الطائفية لأنك تعطي قيمة للإنسان لا قيمة للعشيرة.