أعلن وكيل وزارة التجارة السعودية للشؤون الفنية فواز العلمي الحسني ان السعودية ستنضم السنة المقبلة إلى "منظمة التجارة الدولية". وقال: "إن هذا الإجراء سيسرّع عملية التخصيص في البلاد". لكنه حذر من أن الانضمام إلى المنظمة "سلاح ذو حدين"، وحض على مشاركة المرأة السعودية في مسيرة التنمية، وعلى بناء ثقافة جديدة لقطاع الأعمال تركز على حفز الصادرات. وأشار العلمي في مقابلة مع "الحياة" إلى أن المملكة تأمل الانضمام إلى المنظمة السنة المقبلة، وأن تتحول إلى عضو فاعل فيها، قبل نهاية 1999، في أقصى تقدير. وقال: "ان السعودية أكملت جميع متطلبات الانضمام، التي تشمل تقديم الوثائق الخاصة بالسياسات التجارية، وتقديم جميع عروض السلع والخدمات التي تنوي تطبيقها، لدى انضمامها إلى المنظمة". واضاف: "منذ نهاية الجولة الرابعة من المفاوضات، التي جرت، نهاية العام الماضي، بين المملكة وشركائها التجاريين الأعضاء في المنظمة، تم درس هذه العروض وتعديلها لتصبح أكثر ملاءمة وتكيفاً مع شروط العضوية. كما أجابت المملكة على اكثر من 1500 سؤال تتعلق بسياساتها التجارية". وقال العلمي: "أظهرت السعودية المرونة اللازمة إزاء الفترة الانتقالية البالغة خمس سنوات التي يحق لها أن تلجأ اليها، كدولة نامية، لدى تطبيقها اتفاقي التثمين الجمركي وحماية حقوق الملكية الفردية". وأضاف: "سنكون خامس دولة خليجية بعد الكويت التي انضمت وتبعتها البحرين وقطر فدولة الامارات، وثامن دولة عربية، إذا أخذنا مصر والمغرب وتونس أيضاً في الاعتبار". الفوائد وفي شأن الفوائد التي ستجنيها السعودية قال السيد العلمي: "يتيح الانضمام الى المنظمة فرصاً أفضل لتصدير منتجاتها الى جميع الدول الأعضاء من دون تمييز، والحصول على حق الدولة الأولى بالرعاية، مما سيسمح بتجاوز العوائق أمام الصادرات السعودية، لا سيما المشتقات البتروكيماوية. كما أنها تستطيع أن تمارس حقها في المفاوضات مع شركائها التجاريين لتطوير تجارتها الدولية، وزيادة درجة نفاذها الى الأسواق، لا سيما أسواق الخدمات والسلع". وأشار الى أن وجود هيئة حسم المنازعات في المنظمة سيحمي سوق المملكة من حالات الإغراق، التي يلجأ اليها بعض الدول، لدى تصدير منتجاته. وحذر من أن الاستفادة، من عدمها، من عضوية المنظمة، "سلاح ذو حدين". وإذا استطعنا أن نستغل المكاسب التي يعود بها هذا الانضمام علينا، فمعنى ذلك أن الفائدة المرجوة ستكون أكبر ومضاعفة. وحض على نبذ "أي مخاوف تجاه الفائدة المتوقعة". وأكد أن عضوية "منظمة التجارة الدولية" ستؤدي إلى إعطاء دفعة للقطاع الخاص، وستسمح لعملية التخصيص بقطع خطوات سريعة وعملاقة. وعن تأخر مشاريع التخصيص، لا سيما في قطاع الاتصالات و"الخطوط السعودية" قال: "لا أعتقد أن هناك تأخيراً سالباً، في ملف التخصيص. والتأخير هو لصالح نجاح التجربة، مع العلم أن التخصيص بدأ منذ فترة طويلة مع مشاريع سابك وغيرها". وأكد أن المملكة لا تريد تخصيص المنشآت، إلا إذا كانت هذه المنشآت مجزية، على عكس ما يجري في دول كثيرة فشلت فيها تجربة الإدارة الحكومية للمنشآت الاقتصادية" وأن "هذه السياسة لا تنبع من رؤية مرحلية وموقتة، إنما تراعي متطلبات التنمية، على المدى البعيد، آخذة في الاعتبار ضرورة حماية الاقتصاد". واعتبر أن التخصيص جزء من الرؤية المستقبلية، التي تقدم عليها المملكة العربية السعودية، التي تستند الى "خمسة مفاهيم رئيسية تشكل عناوين المرحلة المقبلة وهي: إيجاد فرص عمل للمواطن السعودي، وتنويع مصادر الدخل وتخفيف الاعتماد على النفط، واللجوء الى استخدام الموارد الطبيعية الأخرى وتطوير الصناعات المنجمية والتعدينية، والتركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية والموجهة للتصدير، بالإضافة إلى إدخال تغيرات في طريقة تنظيم قطاع الأعمال ونظام عمل رأس المال اللأجنبي وتحديث قوانين وأنظمة الشركات لمواكبة متطلبات الدخول في "منظمة التجارة الدولية". وعن مصدر الأموال اللازمة لتمويل هذه البرامج، في ظل انخفاض أسعار النفط قال السيد العلمي: "فكرة التخصيص وتسويق المشاريع تصبح ضرورية، لضمان مشاركة أوسع من قبل القطاع الخاص، لاسيما أن الدولة بنت مرافق أساسية متكاملة وأهلّتها وأمنّت للمواطن الرعاية الصحية وفرص العمل والاستثمار، وحررت التجارة الصناعة، مما أوصل الإقتصاد السعودي لامتلاك مواصفات جودة عالمية تؤهله للدخول الى جميع الأسواق الدولية". واعتبر أن الصعوبات التي تعترض تحقيق هذه التطلعات الطموحة تتمثل في جملة من المشاكل، "أولها ضرورة رفع مستوى الكفاءة الانتاجية للمواطن السعودي، لأن تحقيق فائض القيمة وزيادة الدخل غير النفطي يحتاج الى ذلك. وثانيها، تحديث أنظمة استثمار رأس المال الأجنبي والأنظمة التجارية بما يتماشى مع المستجدات في العالم". وقال إن العائق الثالث يتعلق بدور المرأة في الدورة الانتاجية، مشيراً إلى أنه "من الصعب الحديث عن هذا الموضوع الشائك، إلا أن المرأة عنصر قوي جداً وتمثل المرأة 50 في المئة من الشعب السعودي، وهي قادرة على إعطاء دفعة للاقتصاد والنمو. وأكد أن أكبر المشاكل التي تواجهها السعودية يكمن في تعميم ثقافة التصدير. وقال: "إذا أردنا تخفيف الاعتماد على النفط واستعادة بعض العملات الصعبة التي استثمرناها في تطوير الانتاج، لا بد أن يكون هناك تصدير وآليات محددة لتنظيم عملية التصدير كما فعلت اليابان وغيرها، إذ أقامت جهازاً كاملاً متكاملاً لتشجيع الصادرات وتنميتها ووضع مفهوم خاص بها لدرجة أن اليابان صارت تسمى مؤسسة اليابان وكأنها شركة موجهة للتصدير فقط.". وأضاف: "علينا أن ننتقل من كوننا بلداً موجهاً نحو للاستهلاك لنصبح بلداً موجهاً للتصدير. ولا بد من الحث على ذلك وترسيخ هذا الأمر في عقلية المصنِّع والتاجر والمسوِّق، لأننا تعودنا، خلال 20 عاماً من الطفرة، على كوننا نشتري ونستورد المواد الاستهلاكية فقط، وبالتالي أصبح من الضروري جداً أن نقلب الأمر، اليوم، لصالحنا".