تعتبر الاقتصاد السعودي من الاقتصاديات الكبرى التي لا تزال حتى الآن خارج منظمة التجارة العالمية، والتي سيكون لها تأثير كبير في المنظمة في حال انضمامها، على الرغم من كون النفط لا يزال من السلع غير المدرجة في انظمة المنظمة. وتجعل النتائج الايجابية لاجتماعات انضمام المملكة الى منظمة التجارة الدولية التي عقدت منذ ايام في جنيف التاسع وبعد توقيع المملكة علي الاتفاقية الثنائية بشأن النفاذ للأسواق في قطاعي السلع والخدمات مع دول الاتحاد الاوروبيو اتفاقيات مشابهة مع 14 دولة أخرى من بينها اليابان واستراليا، وامكانية توقيعها اتفاقية مشابهة مع الولاياتالمتحدةالامريكية في غضون الاسابيع المقبلة يجعلها اكثر اقترابا من الانضمام الى منظمة التجارة العالمية عن أي وقت سابق. حيث لن يتبقى عليها سوى توقيع اتفاقيات مماثلة مع نحو 14 دولة أخرى لاكمال اجراءات الانضمام، وهو ما سيجعل في تعديلها لكثير من الانظمة والقوانين واستكمال خطوات التخصيص لمنشآتها الحكومية. وانضمام المملكة للمنظمة سوف يفتح آفاقا اوسع للصادرات السعودية للنفاذ على الدول الاعضاء ويحمي تلك الصادرات من فرض رسوم مكافحة الاغراق أو الرسوم المضادة من قبل تلك الدول وذلك وفقا لمبدأ المعاملة الوطنية. واكد الدكتور هاشم بن عبد الله يماني في كلمة المملكة في المؤتمر الوزاري الخامس لمنظمة التجارة العالمية المنعقد في مدينة كانكون بالمكسيك خلال الفترة من العاشر الى الرابع عشر من سبتمبر الماضي ان انضمام المملكة للمنظمة سيتيح لها فرص النفاذ للاسواق العالمية وضمان مستقبل صادراتها الصناعية تحقيقا لمبدأ حق الدولة الاولى بالرعاية وحمايتها من الاجراءات الاحادية المشوهة للتجارة البينية. و بالنظر الى حجم صادرات المملكة ووارداتها نجد انها اكبر دول المنطقة من حيث الصادرات غير النفطية، التي تقدر بنحو 10 مليارات دولار في العام، وهو رقم كبير بالمقارنة مع اقتصاديات دول الشرق الاوسط التي لا تزال صغيرة نسبيا مقارنة مع التكتلات الاقتصادية والاسواق الدولية. ولكن يمكن القول ان لانضمام المملكة للمنظمة بعدا اقتصاديا آخر على مستوى الاصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها السعودية مؤخرا، فهي تمثل حجر الزاوية لتلك الاصلاحات واستكمالا لها، فقد سنت السعودية 25 نظاما جديدا تتعلق بالاستثمار إما بشكل مباشر أو غير مباشر خلال الاعوام الماضية، كما تعتزم سن نحو 15 نظاما استثماريا جديدا، وأسست العديد من المؤسسات والهيئات التي تسهل اتخاذ القرار الاقتصادي بشكل اسرع، والتي يأتي في مقدمتها المجلس الاعلى للنفط، المجلس الاقتصادي الاعلى، والهيئة العامة للاستثمار. " الرابح الاكبر" وبلا شك فإن الرابح الاكبر من الانضمام الي منظمة التجارة العالمية سيكون الصناعات البتروكيماوية السعودية والصناعات البلاستيكية، كما ستعامل صادرات الدول الاعضاء بالمبدأ نفسه (مبدأ المعاملة الوطنية) عند دخولها للأسواق السعودية، وهو ما سيتيح للشركات الأم في أمريكا واوروبا واليابان ان تعمل في السوق المحلية دون وكلاء تجاريين. وفي الوقت ذاته سيتحتم على اغلب الشركات السعودية التجارية التي تعتمد على تسويق منتجات شركات اجنبية وتملك وكالاتها التجارية في السوق المحلية، ضرورة اعادة صياغة عقود تلك الوكالات التجارية مع الشركة الأم بحيث لا تتضارب الاتفاقية مع شروط منظمة التجارة العالمية، التي ستتولى فض المنازعات التجارية وفق انظمتها وقوانينها وليس ضمن انظمة البلد العضو. "خطوات نحو الانضمام " والولاياتالمتحدة هي العضو الوحيد بعد ماتم التوصل الي اتفاق مع الاتحاد الاوروبي في منظمة التجارة العالمية الذي يجب ان تتوصل المملكة الى اتفاقات معها. وتشكلت مجموعة عمل حول انضمام المملكة الى منظمة التجارة العالمية عام 1993. وقبل الموافقة الاوروبية كان المفوض الاوروبي في يوليو الماضي قد ذكر ان المملكة قامت بجهود كبيرة لتجاوز عدد من العقبات المسجلة حتى الآن وحققت تقدما فعليا على العديد من الجبهات . واوضح انه بعد سنوات من الجهود فإن الطريق باتت مفتوحة للسعودية للانضمام الى منظمة التجارة العالمية. واتت موافقة الاتحاد الاوروبي على انضمام المملكة الى منظمة التجارة العالمية نتيجة جهد لعمل متواصل، وينطلق من ادراك القائمين في السوق الاوروبية المشتركة للدور السعودي في الاقتصاد العالمي، كما انه بلد منفتح اقتصاديا ويسعى لمزيد من التطوير لآليات العمل فيه بما يتناسب مع المرحلة المقبلة.