بين جبال سامقة، مرصعة بالمنازل والمباني الإسمنتية بطوابق متعددة، ومرتفعات فريدة بتعدد مدرجاتها الطينية والزراعية، ويشوبها انحدارات شديدة، ووسط مزارع جبلية، تفوح منها أريج النباتات العطرية الزكية، وبين صمت مطبق إلا من بقايا أصوات نقيق الدجاج، وصياح الديوك، دلفت "الرياض" إلى محافظة فيفا بمحافظة جازان والتي تبعد عنها بنحو مئة كيلو متر، وترتفع عن سطح البحر بأكثر من 1800 م، في صباح مبلل بنسائم باردة، وتغطي الأمكنة غيوم تميل إلى السواد، من فرط حملها لقطرات الأمطار. مدينة المدرجات الخضراء، ومحافظة الجبال.. العبارات التي يمكن أن تطلق على فيفا التي تتربع على قمم جبال مشهورة منها الكدرة والوشل والسماع والقرضة، فيما تبقى قمة العبسية القمة الأعلى والمشرفة على جبال فيفا التي تتميز منحنياتها الحادة. في فيفا لم نكن في حاجة للبحث عن تاريخ الاستيطان البشري للمحافظة الحالمة في أحضان الجبال، ولم نلجأ إلى أن نستكشف تاريخها، لأنه ماثل كمثول جبال أمام الزائر لها لأول مرة، حيث تنتشر بقايا حصون وقلاع حجرية، ومدرجات زراعية قديمة بنيت بطرق هندسية عجيبة ساهمت بجلاء في الحفاظ على تربة جبال فيفا. الجولة المدهشة، هكذا بادرني زميلي المصور وهو يرصد مشاهداتها، وقد حاصرنا السكوت المدهش لأكثر من 20 دقيقة، ونحن نتابع تدفق المشاهدات في جولتنا الصباحية، وسط نسائم باردة في أعقاب موجة لهطول الأمطار على المحافظة، حيث أدهشتنا لأول وهلة بنايات ومنازل فيفا التي بنيت على سفوح الجبال وعلى طرق متعرجة وضيقة، إلى درجة تناثر مفردات سؤال زميلي المصور كيف تم نقل وتوصيل مواد البناء، والتعمير والإنشاء، إلى هذه المواقع. لكن تجاهلت تلك المفردات وأن أرى كيف استطاعت الهمم والقدرات الحكومية في ايصال خدمات الكهرباء، والاتصالات، وشبكة الطرق، والجسور، والعبارات، ومشاريع تصريف المياه، ومباني الإدارات والمرافق الحكومية، في مدينة القمم والسفوح والمنحدرات الجبلية. فيفا التي تقع جنوب غربي المملكة، تشتهر بثروة زراعية واضحة حيث زراعة البن الأجود إضافة إلى زراعة الرمان والقشطة الكاكو والعنب والجوافة والتمر الهندي والورقيات فضلاً عن انتاج العسل وتربية الماشية من الضآن والماعز. في فيفا ووسط شهور الشتاء لم نكن في حاجة إلى لبس الملابس الشتوية لأن درجات الحرارة تتراوح ما بين 3 و25 درجة مئوية، اما في الصيف فترتفع درجات الحرارة أعلى الجبال، وتتراوح ما بين 16 و 28 درجة مئوية. فيما يكثر الضباب صيفاً ما يجعلها مدينة تعلو الضباب. ولعل من أبرز المشاهدات التي كشفت عنها جولة الرياض أن فيفا مدينة "المطلات" الساحرة، ويمكن السير في طرقها وشوارعها بيسر وسهولة، لروعة وجودة مشاريع الطرق، التي نفذت فيها، ما أكسبها بروز مطلات رائعة، اجتذبت الزائرين الذين لم يلبثوا بمجرد وصولهم من رفع أجهزة هواتفهم المحمولة لتصوير وتوثيق رحلات فيفا، مثل مطل بردان، ومطل الدفرة، اللذان يشرفان على مرتفعات المحافظة الفريدة. تقع فيفا جنوب غربي المملكة ترتفع عن سطح البحر بأكثر من 1800 م منازل على قمم جبال فيفا