سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كتاب "عالم تحول" بقلم جورج بوش وبرنت سكوكروفت ... الحلقةالثالثة . بوش : كان بوسع صدام ان يتحرك الى الظهران ويتوقف ليقول "الآن ماذا ستفعلون ؟". تبجح صدام : قل لبوش ان أمير الكويت وولي عهده صارا جزءاً من التاريخ
نشرنا امس الحلقة الثانية من الفصل 13 وهو بعنوان "هذا لن يدوم"، واليوم ننشر في هذه الحلقة الثالثة من كتاب جورج بوش وبرنت سكوكروفت مقتطفات من الجزء الاول من الفصل 14 وعنوانه "الترس والسيف". يسرد الكتاب في بداية هذا الفصل انه "في اواخر عصر 5 آب اغسطس التأم مجلس الامن القومي مرة اخرى حول الطاولة الطويلة في غرفة مجلس الوزراء. أبلغنا بيل ويبستر انه بالنظر الى حالة التحضيرات العراقية وعدم التأكد من نيّات صدام، سيكون من الصعب إعطاء تحذير اضافي من هجوم على المملكة العربية السعودية. وبعكس ادعاءات صدام حسين بأنه سينسحب، فإن لدينا أدلة على ان القوات العراقية تحتشد على الحدود الكويتية - السعودية وان المزيد منها يحضّر للتوجه في طريقه. كانت هناك قوات عراقية مشاركة أكثر بكثير مما يلزم لمجرد إخضاع الكويت. قال ويبستر: "سُئلت من قبل ماذا سيكون أبكر موعد يمكن ان يهاجم فيه العراق. الجواب هو الآن". أطلعنا كولين باول مرة اخرى على توزيع القوات العسكرية. كانت هناك مجموعات حاملات طائرات تقترب من الخليج، ولكن ستمضي بضعة ايام قبل ان تصل الى مواقعها. وقال: "القوات الجوية هي الأكثر مرونة. الطائرات الاولى يمكن في الواقع ان تصل في غضون اربع وعشرين ساعة. وايضاً يمكنني ان أضع طائرات من البحرية في المملكة العربية السعودية خلال يوم واحد اذا كان كل ما نريده هو حضور ما. أما بالنسبة الى القوات البرية، فإن بوسع قوات خفيفة ان تصل الى هناك خلال أيام قليلة. ولكن القوات الثقيلة ستحتاج الى ما بين ثلاثة أسابيع وشهر للوصول …". جورج بوش "في حلول مساء الاحد، كنت قلقاً من ان العراقيين سيتحركون بالفعل عبر الحدود الى داخل العربية السعودية. ومع توجه تلك الاعداد الكبيرة من الدبابات جنوباً، بدا ان مما لا يتطرق اليه الشك ان صدام لديه مثل هذه الخطط. تحدثنا، برنت وأنا، عن امكانية ضربة عراقية سريعة ضد آبار النفط السعودية. كان بوسع صدام ان يتحرك الى الظهران ويتوقف ليقول: "الآن ماذا ستفعلون؟". ستكون هذه مشكلة جدية للغاية، لأن هدفنا عندئذ سيكون بالضرورة تحرير كلٍ من السعودية والكويت وسنكون قد فقدنا أفضل قاعدة عمليات عندنا. وبالنظر الى ما مضى فإنه لو كان صدام قد أراد الهجوم على المملكة العربية السعودية فإن من المحتمل انه ارتكب غلطة من حيث انه لم يفعل ذلك خلال تلك الفجوة القصيرة - اي قبل اعلان أننا سنرسل قوات. ولو كان قد فعل، لكانت الطرق سالكة أمامه. لم تكن القوات السعودية حتى عند الحدود وكان للعراق تفوّق ساحق في الأعداد. ومع ذلك كنت واثقاً الى حدٍ ما من ان بوسعنا ان نوصل قوات الى المكان قبل ان يوجّه صدام ضربته. أما في اللحظة الراهنة فقد كنت قلقاً اكثر من إمكانية ان يَحتجِز اميركيين رهائن - ذلك انه في ذلك اليوم بدأت القوات العراقية في مدينة الكويت في جمع المواطنين الاميركيين والبريطانيين وإرسالهم الى بغداد. في وقت متأخر من ذلك الصباح اتصل بي ديك تشيني من جدة ليقول ان الملك فهد قد قبل بخطتنا وسيسمح بوجود قوات أميركية في الأراضي السعودية. وعصر ذلك اليوم اعطيت ديك الأمر باستنفار وإرسال الكتيبة ال 82 المحمولة جواً وعمل الشيء ذاته بالنسبة الى سربيّ طائرات مقاتلة تكتيكية. وبعدئذٍ سنبدأ في نشر القوات على نطاق أوسع. شرح ديك ان الملك أراد ان تُرْسِل دولٌ اخرى قوات كذلك وان تظهر تأييداً علنياً للمملكة العربية السعودية، وذكر المغرب ومصر. وقال ان السعوديين قالوا ايضاً انهم سيغلقون خط الأنابيب وسيزيدون من انتاجهم النفطي للتعويض عن الحظر، وسيحوّلون المال الى الكويت. طلبتُ من ديك ان يتوجه الى مصر ليتحدث مع مبارك ويشجعه على تقديم قوات. وقبل ان يغادر ديك في اليوم التالي الى القاهرة، اجتمع مرة اخرى مع وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان وابنه. طلبوا ألا نصدر اعلاناً عن الدعوة، او عن أي توزيع آخر للقوات، الى ان تكون قواتنا قد صارت على الارض في المملكة العربية السعودية بعد يومين. جورج بوش "كانت مارغريت ثاتشر قد توقفت في واشنطن في طريق عودتها الى بلادها من آسبين وكانت معي في المكتب البيضاوي عندما اتصل تشيني. أسرّيت اليها بما كنت أعتزم، وشرحت تفاصيل نشر القوات، وطلبت منها أن لا تبلغ أحداً. انضم الينا، ثاتشر وأنا، مانفريد فيرنر، الذي كان قد وصل لتوه من كندا، في حديقة الورود كي أُدلي ببيان صحافي قصير عن التصويت في مجلس الامن الدولي على القرار الرقم 661. بعد جهود اقناع حثيثة بذلها بيكر وتوم بيكرينغ صوّت مجلس الامن ب 13 مقابل صفر لصالح فرض عقوبات اقتصادية على العراق بموجب الفصل السابع من الميثاق، مع امتناع كوبا واليمن عن التصويت. غير انه برز على الفور سؤال عما اذا كان القرار يسمح بحصار لفرض تنفيذ العقوبات. شعرت مارغريت بقوة ان الحاجة تدعو الى حصار. وكانت محقّة برغم انني تردّدت في استخدام تعبير "حصار" بعد في التحدث الى الصحافة. نظر محامون في الجوانب القانونية للقضية. ولم يكن هناك شكّ في ان العقوبات يجب ان تُفرض لكي تكون فعّالة. ولكن كانت هناك مشكلة بشأن "حصار" وهو تعبير يشكّل، في القانون الدولي، عملاً من أعمال الحرب. اقترح برنت ان نستخدم كلمة "حَجْر"، كما فعل الرئيس كنيدي في العام 1962 استجابة لأزمة الصواريخ الكوبية. اجتمعت على حدة مع مانفريد في المكتب البيضاوي في وقت لاحق من بعد ظهر ذلك اليوم. لم تكن المساعدة المسلحة للمملكة العربية السعودية عملية من عمليات حلف شمال الاطلسي، لكنني أردت العمل معه لتجنيد دعم الحلف لعمل جماعي …، وقلتُ ان بإمكانه ايضاً ان يساعد البلدان الغربية في تنسيق تحضيراتها العسكرية لوجودٍ متعدد الجنسيات في الخليج. وقلتُ ان هذه القوات يجب ان تكون في مكانها بسرعة للمساعدة في الدفاع عن المملكة العربية السعودية او تركيا اذا ما قام العراق بمهاجمتهما لإغلاقهما خطوط أنابيب النفط …". يروي الكتاب: "في اليوم نفسه حدث أول اتصال رسمي بيننا وبين صدام حسين. استدعى القائم بأعمالنا في بغداد جوزيف ويلسون ووبّخه. كان ذلك تأكيداً مثيراً للسخط لما كان يقوله أوزال وآخرون عن مكابرة صدام في وجه المعارضة الدولية. وأعطانا ويلسون التفاصيل في مكالمة. كان قد نقل مطالبتنا بأن ينسحب العراق من الكويت. وردّ صدام بالقول: "يجب ان تمتنعوا عن الاندفاع الى القيام بعمل بناء على نصيحة مغلوطة ستُحرجون بعده. اذا كان ما يريده الرئيس بوش في الواقع هو المحافظة على المصالح الاميركية حسب ما وصفها، فإن تصعيد التوتر والخيار العسكري هما ضد هذه المصالح. سأقول لكم كيف ستُهزمون. انكم قوة عظمى وأعلم أنكم تستطيعون ايذاءنا، ولكنكم ستخسرون المنطقة كلها. لن تُرغمونا أبداً على الركوع. يمكنكم تدمير جزء من قاعدتنا الاقتصادية والصناعية ولكن كلما كان الضرر الذي تسبّبونه أكبر، كان العبء أعظم على كاهلكم. وفي وضع مثل هذا لن نبقى مكتوفي الأيدي في المنطقة". تبجّح صدام بأن الكويت صارت مُلحقة بالعراق وقال: "انقل للرئيس بوش انه يجب ان يعتبر أمير الكويت وولي عهده جزءاً من التاريخ… لن نترك الكويت أبداً لأحد آخر يأخذها. لن ندع الكويت أبداً لقمة سائغة - حتى لو كان العالم كله ضدنا. سنواصل القتال… نعلم أنكم قوة عظمى يمكنها ان تُلحق بنا ضرراً عظيماً، ولكننا لن نستسلم ابداً". ادّعى ايضاً ان العراق لن يُهاجم المملكة العربية السعودية، قائلاً: "السعوديون اخواننا". وقال ان السعوديين ساعدوهم في الحرب الايرانية - العراقية، وبنوا خط الأنابيب وقدّموا ايضاً مِنحاً وليس قروضاً الى العراق. وما لم تتغير الامور فإنه لن يفعل شيئاً. سأل ويلسون صدام مباشرة عما اذا كان سيعطيه "تأكيدات أنه بالنظر الى الظروف القائمة على الارض اليوم فإنك لا تعتزم القيام بأي عمل عسكري ضد العربية السعودية". قال صدام: "يمكنك ان تأخذ هذا التأكيد الى المملكة العربية السعودية أولاً، ثم الى كل جهة اخرى في المنطقة. لن نهاجم أي جهة لا تهاجمنا". برنت سكوكروفت كان تحذير صدام من أن العراق "لن يبقى مكتوف اليدين في المنطقة" منذراً بالسوء. اذ بدا كتهديدٍ بإخراج الراديكاليين الى شوارع العالم العربي وشنّ هجمات إرهابية. كتب بوش في مفكرته يوم 6 - 7 آب اغسطس "… حدث أحد الاشياء المقلقة عندما ذهب بيكر ليتصل بشيفاردنادزه ليقول له اننا سنرسل القوات - وقد أعرب عن غضبه من ذلك. شعر بأن هذا سيكون صعباً بالنسبة اليهم، الخ…الخ، وكيف حدث أننا لم نبلغه؟ قال انه سيضطر الى ابلاغ ذلك الى غورباتشوف. ثم قال بيكر شيئاً ما عن انه ربما يمكنه الانضمام الى الحصار، وأبدى اهتماماً بصورة ملحوظة. اعتقد انهم السوفيات يريدون إدراجهم ولا يريدون ان يكونوا دائماً آخر من يعلم. يريدون مكانة ما، بعض التقدير، وهذا شيء مهم في العالم… انهم ضد ما فعله العراق. وهم غير راضين عن ]الغزو من خلال مواقفهم[ في الاممالمتحدة، أما الآن فإذا رأؤْنا نندفع حاملين الكرة وليس لهم دور، فإنهم سيظهرون كلاعبي أدوار صغيرة او لاعبين غير مهمين". جورج بوش "بقيت ساهراً معظم ليل 6 - 7 آب اغسطس لإجراء اتصالات هاتفية. في الثانية والنصف صباحاً اتصلت بفرنسوا ميتران وأبلغته أننا سنرسل قوات. أيّد كلاً من قراري وفكرة عقد اجتماع لحلف شمال الاطلسي، قائلاً انه يتفهّم مشكلة أوزال - اذ ان تركيا عضو في "ناتو" ويجب ان نتحدث بشأن دور الحلف في الأزمة. وبعد ان أكملت حديثي قال ببساطة: "سنكون هناك" …". "بدأت أتابع طلب الملك فهد أن نؤمن قوات من حلفائنا في المنطقة واتصلت هاتفياً بزعماء عرب طالباً منهم ان يستقبلوا تشيني الذي تنقّل في أنحاء المنطقة. اتصلت أولاً بحسني مبارك الذي وافق على مقابلة تشيني وشرح انه، مثل أوزال، سيستقبل مبعوثاً من العراق. قال انه بعث برسالة الى صدام حسين قائلاً: "انك تنتحر"، وانه ينتظر الردّ العراقي. قلت لحسني أنني أشعر بخيبة أمل تجاه الملك حسين، ووافقني في ذلك. عبّر عن اعتقاده بأن صدام قد عرض على الملك حسين والرئيس اليمني صالح أموالاً وغنائم. وكان حسني لا يزال يأمل بأن قمة عربية قد تبتّ الأزمة. قال العاهل المغربي الملك الحسن الثاني ايضاً انه سيقابل تشيني وبدا ايضاً انه كان على الموجة نفسها التي كنا عليها. عرض ان يساعد الأمير شارحاً ان هناك بالفعل قوات مغربية متطوعة. عندما تحدثت مع برايان ملروني أطلعني على حديث دار بينه وبين مبارك، الذي كان في حلول ذلك الوقت قد استقبل المبعوث العراقي. كانت الرواية أمراً لا يمكن تصديقه، وأظهرت الى أي مدى كان صدام سيء النية بشأن احتلال الكويت. قال برايان: "قال ان ]المبعوث العراقي[ جاء وأعلن ان الكويت لديها خمسمئة بليون دولار يمكنهم ان يضعوا أيديهم عليها. وأول شيء سيفعلونه بتلك الأموال سيكون مساعدة مصر. كانوا يحاولون إبلاغ مبارك أن عشرين بليوناً ستكون لمصر اذا دعمت العراق. قال مبارك &لن نبيع مبادئنا&". قال العراقي ان أبناء بلده مستعدون للموت. وقال برايان: "انهم غير معقولين ابداً. لقد سمع مبارك إشاعات من شتى الأنواع. قال للعراقي انه يعتقد انه سيتم إخراجهم من الكويت. وكان الردّ العراقي انهم لن يقبلوا ذلك أبداً". قال مبارك ان قرار مجلس الامن يجب ان يُطبّق تطبيقاً صارماً، وان السوفيات يوافقون. وأعرب برايان عن اعتقاده بأن وجهات نظر مبارك من شأنها ان توفر "غطاء" للدول العربية الاخرى التي تريد الانضمام الى تحالفنا المتنامي. وأضاف: "ما حدث في صورة واضحة هو ان العراقيين قد سطوا على البنك للتو وسيتقاسمونه مع أي شخص يدعمهم". أبلغني مبارك في ما بعد ان صدام قد عرض عليه بالفعل صفقة، قال انه يعتقد ان الملك حسين وصالح قَبِلا بها. كانت الفكرة ان يدعم ثلاثتهم الغزو في مقابل نسبة معينة من نفط الكويت وأي شيء آخر استطاع صدام نهبه من موجودات البلد المالية وخزائنه. قال مبارك انه رفض العرض بصورة لا لبس فيها. وقال ان الأمر كله كان جزءاً من حملة صدام ليصوّر القضية على انها مسألة "فقراء" في مقابل "أغنياء" - وهو ما التقطته الصحافة ولعبت عليه - في جهده لاكتساب تأييد العالم العربي. الملك حسين ينفي انه اشتُري بهذه الطريقة. اتصل بي ديك تشيني بعد ظهر ذلك اليوم من القاهرة. كان قد أبلغ مبارك الطلب السعودي الرسمي لمساعدة عسكرية - وهو أمر لم نكن قد أعلناه بعد لحلفائنا الآخرين والصحافة. وافق حسني على ان يسمح لمجموعة حاملة الطائرات ايزنهاور بالمرور عبر قناة السويس في طريقها الى الخليج، ووافق على تحليق قوتنا الجوية فوق مصر. وقال انه سيسمح لنا ايضاً باستخدام قواعد جوية لإعادة التزوّد بالوقود والنقل، لكنه لم يكن متحمساً الى رؤية انطلاق طلعات قتالية منها، وبقي غير ملتزم في شأن الانضمام الى قوة متعددة الجنسية. أراد ثماني وأربعين ساعة اخرى قائلاً ان التوصل الى حلٍ بالتفاوض ليس أمراً غير وارد. بينما كنا نحاول بناء ردّ فعل جماعي على الغزو العراقي كان علينا ايضاً ان نشرح للشعب الاميركي ما كنا نفعله … وقررت توجيه خطاب تلفزيوني في اليوم التالي، 8 آب اغسطس، الساعة 9.00 صباحاً، بعد ان تكون العناصر الاولى من الكتيبة ال 82 المحمولة جواً قد وصلت. فيما أعددتُ خطابي أحكمتُ اللغة لأقوّي الشبه الذي رأيته بين الخليج والوضع في بلاد الراين في الثلاثينات عندما تحدّى هتلر ببساطة معاهدة فرساي وزحف بقواته. هذه المرة لم أُردْ استرضاءً. وشعرتُ، وأنا أجلس الى مكتبي في المكتب البيضاوي قبل بثّ خطابي على الهواء، بقدرٍ من التهيّب …". "أربعة مبادئ بسيطة ترشد سياستنا. اولاً، اننا نسعى الى انسحاب فوري، وغير مشروط، وكامل لجميع القوات العراقية من الكويت. ثانياً، حكومة الكويت الشرعية يجب إعادتها لتحلّ محل نظام الحكم الدمية. ثالثاً، ادارتي، كما كانت الحال بالنسبة الى كل رئيس منذ فرانكلين روزفلت، ملتزمة أمن الخليج واستقراره. ورابعاً، انني مصمّم على حماية أرواح المواطنين الاميركيين في الخارج. أجملت ايضاً المراهنات التي ينطوي عليها الوضع، وهي ان العراق يسيطر بالفعل على ثاني اكبر احتياطات النفط في العالم ولديه اكثر من مليون رجل تحت السلاح. وقلت ان الولاياتالمتحدة تستورد نحو نصف النفط الذي تستهلكه، مما يتركنا اقتصادياً مكشوفين لخطر محاولات العراق توسيع سيطرته على احتياطات النفط العالمية. وأضفت ان دولاً اخرى، خصوصاً في العالم الثالث، يزداد اعتمادها على النفظ المُستورد …". في ذلك اليوم قابلت السفير الكويتي، الذي وصف لي تجربة عائلته وكيف انهم هُدّدوا. كانت زوجته قد قررت البقاء في الكويت، وكان شديد القلق على سلامتها، أَبْلَغَنا كيف نُهبَ من الخزائن ذهبٌ قيمته بلايين الدولارات، وكيف اغتُصبت نساء وكيف يحدث هناك سلب ونهب …. فكّرت في انه يجب علينا ان نشيع ما يحدث من وحشية عراقية، ولكن بالرغم من هذه التقارير، فإن العالم لم يبد واعياً في الحقيقة لما يحدث في الكويت، وأزعجني هذا بعمق. طوال بقية النهار شغلت الخطوط الهاتفية متحدثاً الى حلفائنا العرب، ووصلت الآن الى الدول الخليجية الاخرى …". يقول بوش انه تحدث هاتفياً الى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فرحَّب بقوات اميركية في المنطقة وقال انه "يجب علنيا ان نقف جنباً الى جنب". وتحدث الى السلطان قابوس فقال: "الاصدقاء لا يقفون وايديهم مكتوفة وراءَهم" وشرح له موقف الايرانيين قائلاً انهم ليسوا غير سعداء "بما نفعله". وعن الحلفاء الغربيين يضيف بوش: "كنا نجمع ايضاً التزامات من حلفائنا الغربيين. وكانت بريطانيا سريعة في إرسال قوات بحرية وجوية الى الخليج، معلنة نشر هذه القوات في اليوم التالي لإعلاننا. اتصلت بي مارغريت صباح 9 آب اغسطس لتبلغني قرارها …. وفي وقت متأخر من بعض الظهر اتصلت برئيس الوزراء الاسترالي بوب هوك الذي قال من دون أي تردد انه يقف وراءنا بقوة وعرض إرسال سفن حربية، لكنه أراد ان تُلزِم كندا نفسها كذلك. اتصلت على الفور ببرايان ملروني، الذي قال ان هذا يساعده مساعدة هائلة في كندا. وأوضح انه سيرسل طائرات وقوة بحرية صغيرة …". برنت سكوكروفت "كان كل واحد يريد "غطاءً" من نوع ما لحماية نفسه من أي ردّة فعل. كان أوزال يأمل بأن تُغَطّى تحركاته تحت رداء "ناتو". إذْ لم يشأ فهد ان تكون بلاده الدولة العربية الوحيدة المعارِضةَ للعراق. ولم يُرد هوك ان يكون عضو الكومنولث الوحيد الذي ينضم الى التحالف. وحتى نحن احتجنا الى إظهار ان هذا العمل ليس جهداً منفرداً من الولاياتالمتحدة ضد دولة عربية …". جورج بوش "خلال الاسبوع الاول من آب اغسطس او ما يقرب من ذلك ظهرت مشكلة هي هل كان عليّ أن أذهب في إجازة الى كينيبنكورت. كنت واعياً الى أنني قد أتعرض لانتقاد لتركي البيت الابيض وواشنطن فيما توجد مشكلة أمامي وأن يجرى تصويري كرئيس يلعب طائشاً، ولا يبدي اهتماماً بينما كنا ننشر قوات في الصحراء. لكني كنت مقتنعاً بأنه يجب عليّ أن أذهب الى مين Maine وبأن التصوّر - في الداخل ولكن في الخارج في المقام الاول - عما يفعله رئيس الولاياتالمتحدة أمرٌ في غاية الأهمية. تذكّرتُ على نحو جيدٍ جداً النظرة الدولية والداخلية الى ادارة كارتر خلال أزمة الرهائن في طهران. إذ بدا ان أيدي أميركا كانت مكتوفة، وان انتباه رئيسها كان تحت سيطرة أشقياء. كنت مصمماً تماماً على تجنيب الشعب الأميركي هذا الأمر مرة ثانية. أردت لهم، ولصدام حسين، ان يروا ليس فقط ان الرئيس مسيطر على الموقف، ولكن ايضاً انه غير قلق وواثق. وكانت أفضل إشارة يمكن إرسالها بأن يبدو جورج بوش هادئاً مسترخياً … وفي الحقيقة فإن أي رئيس لا يقضي إجازة بالمعنى الحقيقي، ولا يكون ابداً "بعيداً" عن منصبه. إذ ان مسؤولياته تتبعه أينما يذهب، ليلاً او نهاراً، والمنصب يوجد حيث يكون هو. ويصدق هذا بصورة خاصة على الرئاسة العصرية، حيث الاتصالات الفورية سهلة وضرورية …". تابع الصحافيون بوش وهو في اجازته وظلوا يسألونه عن آخر التطورات وما ينوي عمله، وكانوا يتبعونه على متن مركب اذا ذهب الى البحر في رحلة صيد، وينتظرونه في ملعب الغولف اذا ذهب الى هناك. ويقول انه توجه بالطائرة الى كينيبنكورت في 10 آب اغسطس وكان في رحلة صيد أسماك "عندما اتصل بي برنت من واشنطن ليبلغني نبأ طيباً عن القمة الطارئة للجامعة العربية في القاهرة والتي نظّمها مبارك. كانت جلسة فوضوية. وأوضحت التقارير الاولى التي تسلّمناها ان أمير الكويت انسحب من الجلسة، وهو ما اعتبرناه علامة سيئة. غير أننا علمنا الآن ان اثنتي عشرة دولة من الدول الاعضاء الاحدى والعشرين صوّتت بالموافقة على إرسال قوة عربية من بلدان عدة للدفاع عن المملكة العربية السعودية. لقد ساد موقف مبارك. كانت هذه نتيجة مرضية جداً ووضعت مظلة فوق تحركات قواتنا. لم يعد في وسع صدام ان يدّعي ان المواجهة هي مواجهة بين العراقوالولاياتالمتحدة فقط. وكان النبأ عن عدم دعم الأردن للعراق نبأ طيباً بصورة خاصة. فبالنظر الى صداقتي الطويلة العهد مع الملك حسين، شعرتُ بارتياح شديد عندما أعلن ان الأردن سيدعم العقوبات ايضاً. وبدأت القوات المصرية والمغربية بالوصول الى المملكة العربية السعودية في ذلك اليوم نفسه ومعها دليلٌ واضح لصدام على ان العالم العربي ايضاً سيقف في وجهه". ويروي الكتاب انه "مع ازدياد الدعم العربي صلابة، اتجهنا الى جعل عقوبات الاممالمتحدة فعّالة …".