الفنان المصري وائل عوني يكشف كواليس طرده من مهرجان القاهرة السينمائي    التحقيق مع مخرج مصري متهم بسرقة مجوهرات زوجة الفنان خالد يوسف    معتمر فيتنامي: أسلمت وحقق برنامج خادم الحرمين حلمي    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    "الجامعة العربية" اجتماع طارئ لبحث التهديدات الإسرائيلية ضد العراق    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    بريدة: مؤتمر "قيصر" للجراحة يبحث المستجدات في جراحة الأنف والأذن والحنجرة والحوض والتأهيل بعد البتر    ضبط 19696 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    إسرائيل تلاحق قيادات «حزب الله» في شوارع بيروت    استمرار هطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مشروع العمليات الجراحية خارج أوقات العمل بمستشفى الملك سلمان يحقق إنجازات نوعية    24 نوفمبر.. قصة نجاح إنسانية برعاية سعودية    موديز ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "Aa3" مع نظرة مستقبلية مستقرة    جمعية البر في جدة تنظم زيارة إلى "منشآت" لتعزيز تمكين المستفيدات    وفاة الملحن محمد رحيم عن عمر 45 عاما    مصر.. القبض على «هاكر» اخترق مؤسسات وباع بياناتها !    ترامب يرشح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة    حائل: دراسة مشاريع سياحية نوعية بمليار ريال    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    الاتحاد يتصدر ممتاز الطائرة .. والأهلي وصيفاً    "بتكوين" تصل إلى مستويات قياسية وتقترب من 100 ألف دولار    بريطانيا: نتنياهو سيواجه الاعتقال إذا دخل المملكة المتحدة    النسخة ال 15 من جوائز "مينا إيفي" تحتفي بأبطال فعالية التسويق    القادسية يتغلّب على النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    (هاتريك) هاري كين يقود بايرن ميونخ للفوز على أوجسبورج    وزير الصناعة والثروة المعدنية في لقاء بهيئة الصحفيين السعوديين بمكة    مدرب فيرونا يطالب لاعبيه ببذل قصارى جهدهم للفوز على إنترميلان    الأهلي يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    نيمار: فكرت بالاعتزال بعد إصابتي في الرباط الصليبي    القبض على (4) مخالفين في عسير لتهريبهم (80) كجم "قات"    قبضة الخليج تبحث عن زعامة القارة الآسيوية    أمير المنطقة الشرقية يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    بمشاركة 25 دولة و 500 حرفي.. افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض غدا    بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    مدرب الفيحاء يشتكي من حكم مباراة الأهلي    رحلة ألف عام: متحف عالم التمور يعيد إحياء تاريخ النخيل في التراث العربي    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أمانة الشرقية تقيم ملتقى تعزيز الامتثال والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    "الجمارك" في منفذ الحديثة تحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة "كبتاجون    الملافظ سعد والسعادة كرم    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    المؤتمر للتوائم الملتصقة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب "عالم تحول" بقلم جورج بوش وبرنت سكوكروفت ... الحلقة الثامنة . سكوكروفت : احتد النقاش بشأن من يملك سلطة الأمر بعمل عسكري ، الرئيس أم الكونغرس ؟ بوش : انقضت الصحافة على بيكر عندما قال ان القضية هي "وظائف ، وظائف ، وظائف"
نشر في الحياة يوم 05 - 10 - 1998

يبيّن هذا القسم من الفصل ال 16 من كتاب "عالم تحوّل"، وعنوانه "ثبات على الطريق" ان النقاش تركز في اوساط الادارة والكونغرس خلال تشرين الثاني نوفمبر 1990 على مسألة هل يجب استخدام القوة أم بقاء العقوبات السلاح الرئيسي ضد الرئيس العراقي صدام حسين؟ مَن يملك سلطة الأمر بعمل عسكري؟ الرئيس ام الكونغرس الذي كان متخوفاً من "عَرَض" فيتنام؟ كما يروي، بين امور اخرى، ان اعضاء ادارة بوش بدأوا في تلك الفترة ينظرون الى اعمالهم "بوعي"، في نطاق التعامل مع ازمة الخليج، على اساس انها تشكّل سابقة لعالم ما بعد الحرب الباردة.
كتبَ جورج بوش في مفكرته يوم 10 تشرين الثاني نوفمبر: "اتصلتُ هاتفياً ببرنت لأقول ان علينا ان ننشّط نظام تشاورنا ]مع الكونغرس[ حتى لو كان ذلك في شكل مكالمة هاتفية روتينية من موظف ما الى اعضاء الكونغرس على مدى الشهرين المقبلين. انني غاضب لقول بيل برومفيلد اننا لم نتشاور بما فيه الكفاية، ومسرور بقول فولي اننا تشاورنا أكثر مما فعله أي رئيسٍ سابقٍ آخر. لكن علينا ان نحضّر الكونغرس لأي عمل قد يتعيّن عليّ القيام به وكلما كانت المكالمات الهاتفية التي نُجريها أكثر تحت عنوان التشاور كان ذلك أفضل. اقترحتُ ايضاً على برنت اننا ربما أردنا ان نُظهر اننا نقطع الميل الإضافي من اجل السلام. وبعد ان أعلنّا اننا نُرسل هذه القوات، أعلن طارق عزيز اننا يجب ان نُرسل ديبلوماسيين... من الأمور التي أفكّر فيها ان أوجّه تحدياً - دعوة الى صدام حسين ليرسل ]وزير خارجيته[ الى هنا وبعدئذ عقد اجتماع في البيت الابيض... لنقول له انه لا يوجد مجال لحل وسط" واننا جديون تماماً" وان من الممكن جداً ان نلجأ الى استخدام القوة العسكرية.
برنت سكوكروفت
كان النقاش في شأن استخدام القوة يتعمّق، ولكن من عدم الدقة القول انه تحوّل صراعاً مع الكونغرس على السياسة في الخليج كله. كانت القضايا أضيق" كان هناك اتفاق عام على الحاجة الى مقاومة العدوان العراقي. كان الكونغرس نفسه قد اصدر قرارات تندّد بالغزو بقوة وتدعم السياسة العامة للادارة حتى هذه المرحلة. لكن الزيادة في عدد القوات وضعت في المقدمة قضايا فرعية. هل يجب ان تُستخدم القوة أم يجب ان تبقى العقوبات، السلاح الرئيسي ضد صدام؟ و،اذا وجب النظر في الخيار العسكري، مَنْ يملك - الرئيس أم الكونغرس - السلطة للأمر به؟ كان الكونغرس نفسه منقسماً على هذه المسائل، ليس فقط وفق خطوط حزبية برغم ان الزعامة الديموقراطية كانت مُجمعة تقريباً على معارضة استخدام القوة.
كان النقاش نابعاً من العراك القانوني والدستوري القديم بشأن حقوق الرئيس وامتيازاته في السياسة الخارجية ومن سلطة الكونغرس لاعلان حرب. كان هذا توتراً مدمجاً في بنية نظامنا. اذ بينما ينصّ الدستور على ان الكونغرس وحده يمكنه اعلان حرب، فإنه لا يحجب عن الرئيس سلطة استخدام القوة كأداة للسياسة الخارجية. ويحاول قرار سلطات الحرب الذي صدر في 1973 بسبب فيتو رئاسي، توضيح المسؤوليات بطريقتين. اذ يوجِّه بأن الرئيس: سيتشاور مع الكونغرس قبل ادخال القوات المسلحة للولايات المتحدة في اعمال قتالية او في مواقف تدل الظروف فيها بوضوح على ان التورط في اعمال قتالية أمر وشيك... "ثانياً، يتطلّب ان ينهي الرئيس الصراع في غضون 60 يوماً ويعيد القوات الى البلاد ما لم يخول اليه الكونغرس تحديداً سلطة استمرار مواصلة العمل….
كنا واثقين من ان الدستور كان الى جانبنا عندما يتعلق الامر باستخدام الرئيس القوة اذا دعت الضرورة: اذا سعينا الى إشراك الكونغرس، فإننا لا نفعل ذلك سعياً للحصول على تفويض، وإنما للحصول على دعم. في منتصف تشرين الثاني نوفمبر، بعد الانتخابات واعلاننا تعزيز القوات، اقترح السناتور ديك لوغار ان يستدعي الرئيس ما صار الآن بمثابة كونغرس أعرج للانعقاد ليتخذ قراراً محدداً لدعم استخدام القوة ضد العراق. اعتقدَ بأن من شأن هذا ان يسوّي المسألة بإظهار دعمٍ من الحزبين…".
كانت هناك مصادر اخرى لعدم الارتياح في صفوف الكونغرس مثل الخوف المستمر من تورط عسكري خارجي طويل - بقايا "عَرَض فيتنام". وبالنسبة الى بعضهم، كان هناك ايضاً خلاف صادق في الرأي، ينبع من قراءة مختلفة لما هو عُرضة للخطر او لسبل التعامل مع صدام، او من شعور عميق بالكراهية تجاه استخدام القوة العسكرية في اي ظروف تقريباً. في الوقت نفسه، كانت هناك جرعة قوية من المحازبة الخام وجروح غير ملتئمة من معركة الموازنة الاخيرة…".
جورج بوش
اعتقد بأن جزءاً من مشكلتنا كان حدوث الشيء الكثير بعيداً عن انظار الجمهور، وأن أُناساً قلائل خارج الطبقة العليا في البيت الابيض كانوا يأبهون بما كان يجري في الكويت. وكان من العقبات الاخرى تصوّر وجود انقسام على أهدافنا داخل الادارة. فعلى سبيل المثال، حاول جيم بيكر، خلال مؤتمر صحافي في برمودا في 13 تشرين الثاني نوفمبر، ان يشرح ما هو مُعرّض للخطر اقتصادياً بسبب الغزو العراقي بالنسبة الى الولايات المتحدة بقوله ان القضية هي "وظائف، وظائف، وظائف" Jobs, jobs, jobs. وعلى الفور انقضّت الصحافة متسائلة أَلا يمثّل هذا تفسيراً مختلفاً عن تفسيري لمصالحنا. والواقع ان جيم انما كان يردد ما كنا نقوله عن التأثير الاقتصادي لسيطرة صدام على ذلك الجزء الكبير من امدادات النفط العالمية. وهي نقطة عبّرتُ عنها أنا نفسي في خطابٍ في منتصف آب اغسطس. لم يكن هناك عدم اتفاق.
برنت سكوكروفت
اعتقدتُ بأن بيكر ارتكب خطأ. عرفتُ ما كان يحاول قوله، لكن طريقته في التعبير أظهرت النزاع كما لو كان برمّته مجرد مسألة تجارية. وكان هذا رأي الصحافة ايضاً، وهذا هو ما دفعها الى الانقضاض عليه. وكانت النقطة المهمة في خطابه اننا لا يمكن ان نسمح أبداً للعراق بأن يسيطر على امدادات النفط للدول الديموقراطية الصناعية، لكن الطريقة التي صاغَ بها الفكرة - بنفاد صبر، كما أتذكّر - حطّت من قدر الفكرة برمتها. كان لا بد من ان تُصاغ بعبارات عن المصالح الحيوية، وهي الحقيقة، وليس بعبارات متاجرة، حتى لو كان الامر متعلقاً بأعمالٍ للاميركيين….
استند جوهر حجتنا الى المصالح الأمنية والاقتصادية القائمة منذ مدة طويلة: المحافظة على ميزان القوى في الخليج، ومعارضة العدوان الدولي من دون استفزاز، وضمان عدم تمكّن أي قوة اقليمية معادية من ان تأخذ قسماً كبيراً من إمدادات النفط العالمية رهينة. وأضاف الرئيس بوش، الذي رُوِّعَ بالأدلة عن الاعمال الوحشية العراقية، التشبيهات المتعلقة بهتلر، والهولوكوست، والحجج الاخلاقية و،كما تقدم، وسَّعَ بيكر الأسس لتتضمن الأشغال للاميركيين.
مع تطور الازمة خلال خريف 1990، بدأ هدف آخر يتخذ شكله. نادراً ما جرى التعبير عنه للجمهور بعبارات محددة، لكنه ازداد أهمية بالنسبة الينا فيما كنا نطوّر ردَّنا على الغزو. في الايام الاولى للأزمة بدأنا بالنظر الى اعمالنا بوعي على أساس انها تشكّل سابقة لعالم ما بعد الحرب الباردة المقترب. ووفَّرَ التعاون السوفياتي في التنديد بالهجوم الحافز الأوّلي لخط التفكير هذا، اذ انه فتحَ السبيل أمام مجلس الأمن للعمل وفقاً لما تصوره مؤسسوه. وأدى هذا، بدوره، مباشرةً الى مناقشتنا في آب اغسطس ل "نظام عالمي جديد". ومنذ تلك اللحظة فصاعداً، حاولنا العمل على نحوٍ من شأنه ان يساعد في إرساء نمطٍ للمستقبل. وكان أساسنا فرضية ان الولايات المتحدة ستكون مُلزَمة من الآن فصاعداً بقيادة المجتمع الدولي الى درجةٍ لا سابقة لها، حسب ما أظهرته الأزمة العراقية، وانه يجب علينا ان نحاول السعي الى مصالحنا القومية، كلما أمكن، ضمن نطاق تنسيقٍ مع أصدقائنا ومع المجتمع الدولي. غير ان هذا الهدف بقي في صورة واضحة ثانوياً في تفسيراتنا العلنية لأهدافنا في أزمة الخليج.
في 14 تشرين الثاني نوفمبر، اجتمعنا مرة اخرى مع زعامة الحزبين لنحاول تهدئة الاحتجاج على زيادة القوات، وتذكيرهم بمصالحنا. قال لهم الرئيس بوش ان قرار تعزيز القوات ليس قراراً للدخول في حرب. "لم نجتز بعد أيَّ حدٍ او نقطةَ لاعودة...". كان يعلم ان كثيرين منهم يعتقدون بأنه يجب علينا ان نواصل اعطاء العقوبات مزيداً من الوقت لتنجح. وكنا نفعل ذلك، لكن مرور الوقت كانت له تكاليف اقتصادية وعسكرية. كان صدام يعزّز ويتحصّن، ويفعل ايضاً كل شيء ممكن لتحسين ما لديه من اسلحة دمار شامل. قال: "باختصار، بينما نحن ننتظر ان تنجح العقوبات، فإنه لا يقف ساكناً. وبالطبع، ليس من الممكن ان نستنتج بعد ان العقوبات ستنجح حسب المقصود منها...".
اضاف انه سيبذل كل جهدٍ للتشاور تشاوراً وثيقاً مع الكونغرس. "المشاورات طريق ذو اتجاهين. اعتقد بأن من الإنصاف ان أسمع أفكاركم المحددة على صعيد خاص في شأن الخيارات الصعبة التي نواجهها قبل ان يخرج أُناس ويتخذوا مواقف علنية. يحق لي كرئيس ان أحصل على مشورتكم. ليس في شأن ما لا يمكننا عمله، وإنما بخصوص ما يمكننا عمله". كانت التصريحات العلنية منذ اعلان الزيادة في القوات تؤدي بصدام الى استنتاج اننا منقسمون ونفتقر الى قوة الجَلَد. "هذا بدوره يُضعِف فرص التسوية السلمية التي نريدها جميعنا. أعلم ان النقاش العلني لا بد منه، لكنني أطلب منكم ألا تنسوا وقْعَ ما تقولونه". قرأ بعض القصاصات. "هذه هي الرسالة التي من الخطأ إرسالها في هذا الوقت".
قال فولي ان قرار الرئيس إرسال قوات اضافية كان له تأثير كبير في البلاد. أضاف: "ثمة اعتقاد بأن لدينا الآن قوات كافية لشن عمليات هجومية، ولكن لا يوجد إجماع على استخدام هذه القوات... ثمة قلق كبير من احتمال اتخاذك كرئيس قراراً من جانب واحد". أراد قراراً من الامم المتحدة في شأن القضية وأراد ان يُقدَّم الى الكونغرس. "انني أنصح بالصبر - حتى لو استغرق الامر سنة او سنة ونصف سنة. الشعب الاميركي يدعم النهج الحالي ويعتقد بأن التحالف سيظل متماسكاً".
جَادَلَ ميتشل بأن الرئيس قال قبل اسبوعين فقط أن العقوبات يجب ان يُسمح لها بالعمل. طلب تقريراً عن تأثيرها وفُرص نجاحها. قال انه يشاطر فولي رأيه في ان على الرئيس ان يأتي الى الكونغرس ليطلب تفويضاً آخر لكنه لا يعتقد بأن هذا هو الوقت لعمل ذلك. وَصَفَ له تشيني تأثير العقوبات: اننا واثقون من اننا قد أوقفنا تدفّق النفط باستثناء كمية قليلة تخرج من الاردن. هناك قدرٌ من تهريب المواد الغذائية عبر الأردن وايران. قال: "ثمة جهود كثيرة جارية للإلتفاف على العقوبات. يُحتمل ان بعضها سينجح. لا أحد يعلم هل تنجح العقوبات أم لا. التقديرات متنوعة جداً. عيناه صدام لم تطرفا بعد".
قال بوب ميتشل: "يجب ان نتحدث بصراحة عن الصبر وكم نحتاج من الوقت للسماح للعقوبات بأن تنجح". حذّر بيكر الذي كان عاد من رحلته الى شركائنا في التحالف، من ان الوقت ليس الى جانبنا. "لن نتمكن من الإبقاء على التحالف على مدى سنة، او سنة ونصف سنة". ردّ ديك غيفارت بأننا سندفع ثمناً سياسياً باهظاً في ما بعد اذا استخدمنا القوة. قال انه يفضّل الانتظار ثمانية عشر شهراً او اكثر. واضاف: "انني أحضّكم على الاستمرار في العمل لإبقاء التحالف متماسكاً. أحضّكم على استخدام الامم المتحدة". وأراد موافقةً من الكونغرس اذا وصل الأمر الى حد استخدام القوة.
كان بوب دول منشغلاً بطريقة معالجة الكونغرس للمشاورات. سأل: "كيف نُجري نقاشاً مفتوحاً من دون إرسال اشارة خاطئة الى صدام؟ اذا اردنا نحن في الكونغرس ان نشارك، فإننا ندين لأولادنا وللرئيس بدعم السياسة".
قال ليز آسبين: "ثلاثة اشياء سبّبت القلق: الزيادة المعلنة في عمليات الانتشار اكبر بكثير مما توقعنا. وكذلك لم تُعلنوا سياسة مناوبة. لم تكن هناك تأكيدات ان الكونغرس سيكون له صوته اذا استخدمنا القوة استخداماً هجومياً. انكم تغلقون خياراتنا. هذا يقول لنا &في الربيع المقبل ستكون هناك حرب&. لقد أوجد هذا مناخاً يدلّ على ان قراراتٍ قد اتُخِذت. نحتاج الى عملية تشاور اثناء عملية اتخاذ قرار".
قال سام نان معرباً عن موافقته: "الحشد وعدم وجود مناوبة مشكلة خطيرة. لقد قلّصت هذه مرونتنا وخياراتنا. لا اعتقد بأنكم تخيفون صدام حسين بحشد قوات برية. القوة الجوية هي الطريقة التي ينبغي استخدامها. انني قلق جداً في شأن الإبقاء على اربعمئة الف جندي وكيف نتعامل مع أزمات اخرى اذا ما برزت".
أصرَّ كليبورن بيل على ان "الشعور العام يقوى مُعَارَضةً لسياستنا". قال جيسي هيلمز ان أي تآكل في التأييد انما يجري بتنسيق - الرئيس تشاور طوال الوقت.
قال ديفيد بورين: "لقد دعمتُ كل شيء فعلتموه في هذا المجال حتى هذا التاريخ. أقترح ان تعودوا الى مناوبة القوات... ضَعوا حداً للحديث عن جلسة خاصة هنا وعلى الفور. لن يؤدي هذا الا الى مزيد من النقاش المشجِع للانقسام، ومزيد من القيود على السلطة الرئاسية، ولن يكون شيء أسوأ من هذا. اطلبوا جلسات استماع مغلقة". جَادَلَ بأنه اذا كان هناك اي استخدام للقوة فإن هذا يجب ألا يستهدف سوى قدرات صدام النووية، والبيولوجية، والكيماوية، بضربات جوية.
قال هنري هايد: "اعضاء الكونغرس يُفترض ان يكونوا قياديين. يجب ان ننقل الرسالة الى الشعب". رأى ان قراراً من الامم المتحدة سيساعد الكونغرس في إصدار قرار مصادقة.
ذكَّرَ مورثا زملاءه بأنه لا بد من ان تتوافر لنا قوات ذات صدقية. قال: "لا اعتقد بأن أمامنا سنة. نحتاج الى اتخاذ قرارات على اساس الطقس والفرصة. لا يمكن المحافظة على تماسك الكونغرس، والشعب الاميركي، والتحالف كل تلك المدة الطويلة. صدام حسين يمكن إطاحته... اذا انتظرنا مدة اطول بكثير، فستصبح لديه أداة تفجير نووي".
برنت سكوكروفت
أوضح هذا الاجتماع بالتفصيل ما كنا في مواجهته. كان هناك رجال أقوياء بين الزعماء - من أمثال بوب دول، ومورثا، وهايد، ووورنر - ولكن في صورة عامة، لم تكن هناك شهيّة لاتخاذ اجراء قوي. كانت المرارة بسبب تعزيزنا للقوات لا تزال واضحة، واستناداً الى التعليقات حول الطاولة، بدا لي ان المحصلة لم تكن افضل من نسبة 30 في المئة مؤيدة للقوة، على الأقل في الأجل القريب. وكان هذا احتمالاً يبعثُ على القشعريرة. ذَكَرَ هايد ان من شأن قرار من الامم المتحدة ان يعزّز قضيتنا، ولكن بدا من المشكوك فيه ان يكون هذا كافياً لعكس الاتجاه. وكان التوجه الى الكونغرس للحصول على قرارِ دعمٍ، بينما الدعم محدودٌ الى هذه الدرجة مهمة، صعبة في أقل تقدير. اذ لو خسرنا، فسنكون في وضعٍ صعب جداً وسيؤدي تصويت سلبي الى تثبيط عزيمة التحالف، وتشجيع صدام حسين، وخلق عاصفة نيران داخلية اذا تجاهلنا التصويت. واذا طلبنا موافقة من الامم المتحدة، فان من المؤكد اننا سنضع انفسنا في مركز سيكون من المستحيل معه تقريباً، من الناحية السياسية، عدم التوجه الى الكونغرس. كانت امامنا مجموعة بدائل يصعب تناولها.
كانت رحلة بيكر في اوائل تشرين الثاني نوفمبر لحشد الدعم لقرارٍ من الامم المتحدة، وكذلك لجسّ نبضِ شركائنا في التحالف، مشجعة جداً. أعطى أمير البحرين الشيخ خليفة دعمه، وكذلك فعل أمير الكويت. حضّنا الملك فهد على التحرك عما قريب…. كان حسني مبارك ايجابياً بدرجة مساوية، ولكنْ غيرَ متأكد مما اذا كان يستطيع زيادة عدد قواته مرة اخرى. كان قلقاً من ردّ الفعل الداخلي على احتمال مقاتَلةِ دولة عربية اخرى، وتردد عندما طُلبَ منه السماح لطائرات اميركية بالعمل من مصر.
في أنقرة، كان تورغوت أوزال لا يزال يأمل بأن تؤدي العقوبات المهمة، لكنه أراد قراراً آخر من الامم المتحدة ووافق على التفكير في إرسال لواء مدرع الى المملكة العربية السعودية. ومثل مبارك، تردّد هو ايضاً عندما طُلبَ منه السماح لطائرات اميركية بالعمل من قواعد تركية. وبينما لم تكن لديه مشكلات في ما يتعلق بمرابطة طائرات اميركية هناك، فقد كان غير مرتاح الى شنّ ضربات عسكرية من تلك القواعد. وستصبح مسألة استخدام القواعد التركية، وكذلك التحليق فوق مجالها الجوي لمهاجمة العراق، قضية حساسة في الاشهر المقبلة.
وَصَفَ بيكر مناقشاته في موسكو بأنها "فوق العادة". اقترب شيفاردنادزه من الموقف الاميركي القائل بأنه يجب إصدار قرار في تشرين الثاني نوفمبر وان يصبح ساري المفعول بعد ستة اسابيع من ذلك. اتصل هاتفياً بغورباتشوف وضغط عليه بشدة لمجاراة نهجنا العام. بل ذهب الى منزل غورباتشوف الريفي قبل بيكر لبذل محاولات اخرى لإقناعه. وأبرَقَ بيكر يقول: "غورباتشوف قريب لكنه لم يصل بعد". بدا ان غورباتشوف وشيفاردنادزه يتصرفان على اساس افتراضات معينة: اولاً، ان الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي يجب ان يبقيا معاً في ما يتعلق بالخليج" ثانياً، ان صدام يجب ان يفشل على نحو لا لبس فيه. شددا على ان عدوانه لا بد ان يُرَدّ. أي أملٍ في عهدٍ سلمي جديد يعتمد على ذلك، وعلى حرمانه من النصر - مهما كان صغيراً. غير ان الرجلين كليهما شعرا بأن العقوبات قد تنجح وبأن من السابق لأوانه ان نلعب ورقتنا الديبلوماسية الاخيرة - وهي ورقة لن تترك لنا أي خيار سوى استخدام القوة اذا فشلت العقوبات. ومع ان غورباتشوف وشيفاردنادزه كانا مستعدين لاتخاذ مزيد من الخطوات لتشديد الضغط على صدام، فقد كانا مع ذلك لا يزالان منقسمي الرأي في شأن قرارٍ من الامم المتحدة يُعطي، تحديداً، تفويضاً باستخدام القوة وقالا ان هذا لا يزال سابقاً لأوانه. أراد السوفيات النظر الى جميع الخيارات وقالوا انهم سيعودون الينا قبل اجتماع مؤتمر الامن والتعاون الاوروبي في باريس المقرر عقده في 19 تشرين الثاني نوفمبر، والذي وعد الرئيس بأن يحضره بمجرد ان تكون لدينا معاهدة خاصة بالقوات التقليدية في اوروبا للتوقيع عليها. اعتقد بيكر بأنهم سيسيرون معاً في النهاية.
جورج بوش
اقترحَ غورباتشوف، في رسالة، ان نستخدم قرارين بدلاً من قرار واحد. الاول سيحذّر صدام من انه اذا لم ينسحب في حلول وقت معيّن فسيكون هناك قرار ثان يعطي تفويضاً باستخدام كل الوسائل الضرورية لتنفيذ قرارات الامم المتحدة تنفيذاً تاماً. وفي ردّي، وافقت على ان علينا ان نُظهر اننا قد استطلعنا تماماً كل خياراتنا غير العسكرية واننا أعطينا العقوبات فرصة منصفة كي تنجح، لكنني شعرتُ بأن القرار المفرد الذي نفكّر فيه سيؤمن ذلك. ومع انه سيصدر في ذلك الشهر، فلن يصبح ساري المفعول إلا حوالي اليوم الاول من السنة، بعد ان نكون قد أعطينا العقوبات خمسة اشهر لتعطي نتائج. وكان عندنا ايضاً القرارات العشرة الاخرى التي يمكننا ان نشير اليها، والتي كان صدام قد رفضها كلها.
اعتقدتُ بأن قراراً واحداً يحدد موعداً أقصى يوفّر فرصة ما لزحزحة صدام. "انني مقتنع اقتناعاً راسخاً بأن السبيل الوحيد لتحقيق غايتنا هو، على نحوٍ مثير للسخرية، إقناع صدام بأن العمل العسكري وشيك". وأشرتُ ايضاً الى انه بالنظر الى ان الولايات المتحدة ستكون رئيسة المجلس خلال شهر تشرين الثاني نوفمبر فقط فإننا نجازف بخطر الحصول على القرار الاول فقط من قراريَّ غورباتشوف، وليس الثاني. وقد يكتِّفُنا من سيخلفوننا في الرئاسة - اليمن، وزائير، وزيمبابوي - بِعُقد اجرائية. يُضاف الى هذا ان صدام يمكن ببساطة ان ينسحب جزئياً وان يحاول استغلال الرأي العام العالمي ليضمنَ اننا لن نحصل على قرار ثانٍ - او قد يعتقد بأنه يستطيع إطالة أمد العملية بما يكفي لهدم التحالف.
ستعطيني الرحلة المقبلة الى باريس لحضور اجتماع مؤتمر الامن والتعاون الاوروبي فرصة لبيع غورباتشوف فكرة قرارنا ومقابلة حلفائنا الاوروبيين الغربيين في مرحلة حرجة. كان التشيكيون يحضّون على أن آتي الى براغ ايضاً. لم أكن قد زرتهم في 1989، لكنهم الآن اعضاء في التحالف. أردتُ ايضاً التوقف في المانيا الحديثة الوحدة. شعرتُ بأن الألمان كانوا "مترددين" في دعم التحالف برغم انهم كانوا يلتزمون تقديم أموال، وقد كان كول غارقاً بعمق في معارك سياسية داخلية في شأن قضية نشر قوات المانية في الخارج والاكثر اهمية لخططنا، دعم استخدام القوة. بعد باريس سأطير الى الشرق الاوسط لأقضي عيد الشكر مع قواتنا ولأجري مناقشات مع حلفائنا العرب. غادرت واشنطن الى اوروبا في 16 تشرين الثاني نوفمبر.
كانت زيارتي لتشيكوسلوفاكيا تاريخية ومؤثرة - الاولى التي يقوم بها رئيس اميركي - وهي زيارة تطلّعت اليها قدماً منذ الثورة المخملية في السنة السابقة. جلستُ مع الرئيس فاكلاف هافل صباح 17 تشرين الثاني، في قلعة هرادكاني الرائعة في براغ. شعرتُ بالتهيّب من هافل. انه رجلٌ كان في السجن في السنة السابقة. لقد ضُرِبَ وأُرغِمَ على الركوع، لكنه رفض ان يستسلم. وجدته رجلاً متواضعاً جداً، وقريباً من الخجل، لا يعرف التظاهر اطلاقاً وفي غاية الاستقامة….
كان الحظر يؤثر، كما كان الحال بالنسبة الى قسم كبير من بقية اوروبا الشرقية، على تشيكوسلوفاكيا حيث كانت إمدادات النفط محدودة. كان البلد معتمداً على الاتجار مع الاتحاد السوفياتي، الذي كان المصدر الرئيسي لتزويده النفط بأسعار امتيازية. وبسبب التقلبات الاقتصادية السوفياتية، اضمحلت الإمدادات من ذلك المصدر…. في مؤتمر صحافي مشترك، كان هافل مباشراً. عندما سأله مراسلٌ هل يتفق مع نهجي في الخليج، أجاب قائلاً: "لقد اوضحت تشيكوسلوفاكيا في عدد من المناسبات ان من الضروري مقاومة الشر، وان من الضروري مقاومة العدوان، لأن تاريخنا علّمنا دروساً كافية بشأن عواقب المراضاة". وسأل صحافي آخر هل يعتقد بأن الخليج يأخذ اكثر مما يجب من الموارد التي قد يمكن إنفاقها على مشكلات اوروبا الشرقية. ردّ هافل بوضوح: "ان رأيي هو ان كل الموارد التي تُصرف على مقاومة العدوان في أي مكان في العالم تتحول في نهاية الأمر خيراً للبشرية". لقد وصل الى جوهر المسألة. كان هذا الرجل الشجاع يتحدث عن ثمن الحرية.
في وقت متأخر من بعد ظهر ذلك اليوم تحدثتُ أمام جمهور كبير في ميدان وينشيسلاس لإحياء ذكرى انتهاء الحُكم الشيوعي والثورة المخملية، التي كانت قد بدأت قبل عام في ذلك الميدان. كان الميدان غاصّاً - قيل لنا ان عدد الجمهور كان نحو 750.00 …".
ثم سافر بوش من تشيكوسلوفاكيا الى المانيا: "أخَذَ نا هلموت كول في ولاية راينلاند التي ينتمي اليها، لنرى ما شعَرَ بأنه "روح" ألمانيا، كاتدرائية سباير، حيث توجد قبور عدد كبير من الزعماء الألمان القدماء. دعانا، باربرا وبرنت وأنا، الى غداء في منزله المتواضع ولكن المريح في لودفيغزهافن. قدّم أطناناً من السجق والكرنب الملفوف وكذلك نوعين من النبيذ الفاخر. وبينما كنا نأكل، قال لي انه يريد إرسال مبعوثه الى صدام حسين ليشدد على مدى جديتنا. ومع ان هلموت أكد لي ان المانيا تقف بحزم مع التحالف. فقد كان صرّح الى الصحافة ايضاً بأن علينا ان نَزِنَ بعناية استخدام القوة مقابل الخسائر في الارواح وان نُلحَّ على حل عن طريق التفاوض. كان ذلك تناقضاً مذهلاً، لكنني لم اعتبره معارضة لما كنا نقترح عمله، وانما كان الى حدٍِ اكبر تحذيراً لصدام. ومع ذلك فإن رسالته كانت غامضة مع احتمال ان تكون ضارّة بالتحالف".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة