روع سكان العاصمتين الكينية نيروبي والتنزانية دار السلام امس بانفجارين استهدفا السفارتين الاميركيتين وسط المدينتين وأديا الى مقتل نحو 80 شخصاً بينهم ستة اميركيين واصابة نحو ألف آخرين بجروح. ودان الرئيس الاميركي بيل كلينتون تفجير السفارتين، ووصفه بأنه "عمل ارهابي". وقال: "نحن عازمون على معرفة الفاعلين وتحقيق العدالة". ووقع إنفجار نيروبي عند الساعة 45،10 صباحاً بالتوقيت المحلي، وسمع صوته على مسافة اميال من المكان. وتناثر زجاج نوافذ المباني ضمن دائرة شعاعها نصف ميل. ودمّر بشكل كامل مبنى البنك التعاوني المؤلف من 18 طابقاً. واحترق مبنى السفارة الاميركية المجاور للبنك التعاوني. وكان اربعة من الحراس الاميركيين يقفون امام السفارة. وتحطمت البوابة الحديد للمبنى فيما احترقت سيارات قرب المكان. وافادت تقارير ان السفيرة الاميركية برودنس باشنيل سلمت من الأذى، لكن شبكة تلفزيون "كي تي إن" المحلية ذكرت ان السفيرة شوهدت مغطاة بالدماء اثناء اخراجها من المبنى ونقلها الى المستشفى. وذكر ديبلوماسيون في نيروبي ان الانفجار نجم عن قنبلة كبيرة شديدة الانفجار. ولم يصدر أي تصريح من السلطات الكينية. وقال موظف في مبنى السكك الحديد المجاور ل "الحياة" انه شاهد سيارة وهي تنفجر خارج السفارة الاميركية. لكن لم يتأكد بعد ما اذا كان الانفجار نتيجة سيارة مفخخة. وتجمع حشد من المسعفين المتطوعين على انقاض مبنى مجاور آخر كان مقراً لمدرسة، وكانوا ينتشلون جثث الضحايا والجرحى. وقال احد العمال المتطوعين ان "هناك اشخاص حشروا تحت الانقاض، ولا نستطيع الوصول اليهم. لا نملك المعدات ... نسمع صرخاتهم فقط". واحصت "الحياة" خلال نصف ساعة 20 من الضحايا. وكانت اطرافهم مهشمة واجساد بعضهم متفحمة. ويتوقع ان يرتفع عدد الضحايا. وأحصى الصليب الاحمر الكيني 40 قتيلاً، فيما افادت تقارير أخرى سقوط اكثر من 80 قتيلاً. ولم يكن هناك أي تنسيق لاعمال الانقاذ التي سادها الفوضى، فيما بذل متطوعون من منظمات محلية، من ضمنها "جمعية سلامة الطرق" و"الصليب الاحمر الكيني" و"اسعاف سانت جون"، جهوداً محمومة لانتشال الضحايا والجرحى. وقال احد عمال الانقاذ ل "الحياة" ان "بلادنا لا تملك المهارات الضرورية للتعامل مع مثل هذه الكوارث. علينا ان نعتمد على انفسنا ... نحفر في انقاض المبنى المدمر بايدينا. الشرطة ليست هنا لتقديم المساعدة. انه كلياً عمل تطوعي". وذكر بيان للصليب الاحمر الكيني ان المتطوعين العاملين لديه اخرجوا اكثر من 400 من المصابين بجروح ونقلوا الى مستشفيات عدة في المدينة. ولم تحدد الشرطة بعد هوية الجهة المسؤولة عن الانفجار. وفي وقت سابق، اثناء عمليات الانقاذ، نشأ توتر بين قوات الامن الكينية وعناصر من مشاة البحرية الاميركية تحرس مبنى السفارة. وكان الحراس الاميركيون، المسلحون ببنادق، يحاولون ان يمنعوا حشداً كبيراً من الكينيين الذين تجمعوا قرب المكان وسعوا الى إضفاء شيء من التنظيم على اعمال الانقاذ. وتوجهت الى موقع التفجير مجموعة تضم 32 من ضباط الجيش البريطاني من قاعدة تدريب عسكرية تُعرف بثكن كاهاوا على مسافة نحو 10 كيلومترات من المدينة. وتقدم المجموعة خبراتها في اعمال الانقاذ. وتفقد السفير البريطاني جيفري جيمس موقع التفجير. وأكدت التقارير مقتل اربعة كينيين من العاملين في السفارة الاميركية. وادى الانفجار الى انهيار جناح كامل داخل السفارة ودفن اشخاص تحت الانقاض. ولم تُعلن بعد حصيلة القتلى من الاميركيين الذين يُعتقد ان عددهم يتجاوز الستة اشخاص، لكن اُفيد ان مسؤولين عدة لا يزالون في عداد المفقودين. واعلن الرئيس الكيني موي، اثناء تفقده مكان الانفجار في وقت لاحق، ان اليوم سيكون عطلة وطنية التوقف عن العمل. وقال ان "كينيا بلد آمن، وان جلب الاعمال الارهابية الى بلدنا شىء غير مقبول. ان الكينيين يدركون الان ما يعنيه الارهاب". وكان اخر عمل ارهابي يُنسب الى اجانب شهدته نيروبي وقع مطلع السبعينات. واُتهم الليبيون في ذلك الحين بتنفيذه، واعقبه قطع العلاقات الديبلوماسية بين نيروبي وطرابلس. واُعيدت العلاقات بين البلدين قبل حوالي ثلاثة اشهر. وفي دار السلام وقع انفجار السيارة المفخخة عند السفارة الاميركية في الحي الديبلوماسي في وقت متزامن تقريباً مع انفجار نيروبي. وبدأ الدخان يتصاعد من المكان حيث شوهد من مسافة نحو 3 كيلومترات، فيما تحطمت كل السيارات المجاورة لمبنى السفارة واشتعلت النار في الاشجار على الطريق. وبدت المنطقة مثل ساحة حرب حيث اكدت الشرطة التانزانية مقتل سبعة اشخاص واصابة 72 آخرين بجروح.