سجلت القطاعات غير النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً في النصف الاول من السنة الجارية، ويتوقع ان تحافظ على هذا الاتجاه حتى نهاية السنة ما سيوازن التدهور في القطاع النفطي ويزيد اجمالي الناتج المحلي. وتوقع اقتصاديون في الخليج ان تسجل هذه القطاعات نمواً حقيقياً يراوح بين اثنين وخمسة في المئة في مقابل اكثر من عشرة في المئة سجلها بعض القطاعات العامين الماضيين. وقال محللون اقتصاديون في الخليج ان نمو الناتج سيكون متواضعا هذه السنة مقارنة مع معدلات النمو المسجلة في العامين الماضيين والتي كانت من اعلى مستويات النمو في دول مجلس التعاون الخليجي منذ انتهاء الفورة النفطية. وقال الخبير السعودي احسان ابو حليقة لپ"الحياة" ان الاقتصاد السعودي "سيسجل نمواً ايجابياً هذه السنة، ولكن بنسبة منخفضة قد لا تتجاوز واحداً في المئة، وربما كانت هذه حال بقية دول المجلس بسبب انخفاض اسعار النفط". وأشار بول سبدلنغ الخبير في دار الوساطة "درسدنر كلينوورت بنسون" في لندن الى ان سعر خام بحر الشمال قد لا يتجاوز 15 دولاراً للبرميل هذه السنة ما يعني ان اسعار نفط الخليج ستكون اقل من 14 دولاراً للبرميل. وأوضح لپ"الحياة" ان "ذلك يعني ان قطاع النفط في دول مجلس التعاون سينكمش بنحو 25 في المئة على أقل تقدير سنة 1998". ورأى الاقتصادي هنري عزام ان اجمالي الناتج في دول المجلس "قد يشهد انخفاضا بالقيمة الاسمية لكنه يتوقع ان يسجل نمواً حقيقياً وان بنسبة صغيرة". وكان عزام توقع في دراسة اخيرة ان يسجل اجمالي الناتج المحلي في المجلس انخفاضاً اسمياً الى 251.8 بليون دولار سنة 1998 من 255.2 بليون العام الماضي بسبب الانخفاض الكبير في اسعار النفط. وتوقع ان يكون معظم الانخفاض في اقتصادات الدول الرئيسية المنتجة للنفط وهي المملكة العربية السعودية والكويت والامارات، فيما ستسجل دول المجلس الاخرى البحرينوقطر وسلطنة عمان نمواً. وعزا خبراء اباطؤ اقتصادات دول المجلس الى قيام عدد من الاعضاء بخفض الانفاق لمنع تفاقم العجز في الموازنة. وبما ان الانفاق الحكومي لا يزال يلعب دورا حيويا في مستوى الأداء الاقتصادي في المجلس، فإن الزيادة الكبيرة في تلك النفقات العامين الماضيين بسبب ارتفاع اسعار النفط كانت العامل الرئيسي في تسارع معدلات النمو الاقتصادي التي بلغت نحو 5.8 في المئة عام 1997 وعشرة في المئة عام 1996 عندما وصلت اسعار النفط الى نحو 19 دولارا و20 دولارا للبرميل على التوالي. وقال ابو حليقة ان قطاع النفط لا يزال يغذي معظم ايرادات دول المجلس لكن دوره في الاداء الاقتصادي بدأ يتضاءل نتيجة التوسع الكبير في القطاعات الاخرى في الأعوام الماضية اذ لا يتجاوز حاليا ثلث اجمالي الناتج المحلي. وحسب الخبراء سينمو الناتج في السعودية بنحو واحد في المئة، فيما ستحقق عمان نمواً قدره اثنان في المئة، والإمارات والبحرين نسبة مماثلة، وربما انكمش بنسبة طفيفة في الكويت. اما في قطر فيتوقع ان يسجل اعلى معدل نمو في المجلس، اي اكثر من أربعة في المئة نتيجة تنامي صادرات الغاز المسيل من مشروع حقل الشمال الذي يعد اكبر خزان للغاز الطبيعي في العالم. كما يتوقع ان تتراجع ايرادات النفط في دول المجلس الى نحو 65 بليون دولار السنة الجارية من اكثر من 90 بليون دولار العام الماضي بنسبة انخفاض تبلغ نحو 30 في المئة.