توقعت مصادر اقتصادية ومصرفية في الخليج أن تسجل اقتصادات الدول الخليجية نمواً ايجابياً حقيقياً بالأسعار الجارية سنة 1998 على رغم التراجع الحاد في مداخيل قطاع الطاقة نتيجة انخفاض أسعار النفط واجراءات ترشيد الانفاق في بعض دول مجلس التعاون الخليجي. وأشارت المصادر الى أن اجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون الخليجي سيتراجع بالقيمة الاسمية بسبب ضعف أسعار النفط لكن ذلك سيعوضه نمو مقبول في القطاعات الأخرى وان كان النمو سيقل عن معدله في العامين الماضيين. وأوضح مدير الدائرة الاقتصادية بمصرف الامارات الصناعي محمد العسومي ان الناتج النفطي سيتراجع بشكل حاد السنة الجارية وهو تراجع بالقيمة الاسمية نظراً لانخفاض الأسعار لكن القطاعات الأخرى ستحقق نمواً ايجابياً حيث كان أداؤها جيداً حتى الآن. وتتوقع احصاءات مصرفية تراجع اجمالي الناتج المحلي لدول مجلس التعاون من نحو 255 بليون دولار العام الماضي الى نحو 251 بليون دولار السنة الجارية وهو انخفاض أسمي من جراء تراجع سعر البرميل نحو 4 دولارات. نمو الناتج لكن الناتج سيسجل نمواً حقيقياً يراوح بين 0.5 في المئة و4 في المئة وسيحقق اقتصاد بعض الدول الأعضاء نمواً مرتفعاً نسبياً نتيجة ارتفاع الصادرات غير النفطية والغاز المسيل. وأشار الخبير الاقتصادي السعودي احسان أبو حليقة الى أنه سيكون هناك نمو مقبول في القطاعات غير النفطية خصوصاً قطاع التجارة والصناعات الخفيفة والتشييد والاتصالات والكهرباء وغيرها من الخدمات. وقال: "ان هذا النمو سيعوض الانخفاض في مردود قطاع النفط وسيحقق اجمالي الناتج المحلي ارتفاعاً". وتوقع ان يكون معدل النمو أقل بكثير مما تحقق عامي 1996 و1997. وكان اقتصاد دول المجلس السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعمان تحسن بشكل حاد في هذين العامين وراوحت نسبة النمو بين 7 و15 في المئة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار النفط. وأكد الخبراء ان تحقيق الاقتصاد الخليجي نمواً ايجابياً سنة 1998، وان كان بطيئاً، يعكس التقدم الذي تحقق في عملية خفض الاعتماد على النفط وتطور القطاع الخاص الذي كان يعتمد سابقاً الى حد كبير على الانفاق الحكومي. وعلى رغم مساهمة الصادرات النفطية بأكثر من ثلثي الدخل الوطني للدول الخليجية تراجعت حصتها في اجمالي الناتج المحلي الى دون 40 في المئة حالياً من أكثر من 70 في المئة بداية الثمانينات. وتوقعت تقارير مصرفية ان يكون التأثير الأكبر من جراء تراجع أسعار النفط على اقتصاد الدول النفطية الرئيسية في المجلس وهي السعودية والامارات والكويت اذ يحتمل ان يتراجع اجمالي الناتج المحلي السعودي بالقيمة الاسمية من 145.6 بليون دولار عام 1997 إلى 142.6 بليون دولار السنة الجارية. كما يتوقع ان ينخفض ناتج الامارات من 48 بليون دولار الى 47.3 بليون دولار والناتج الكويتي من 31.8 بليون دولار الى 31.4 بليون دولار. وسيرتفع الناتج في قطر من 9.4 بليون دولار الى 9.6 بليون دولار وسينمو الاقتصاد البحريني من 5.52 بليون دولار الى 5.57 بليون دولار والعماني من 14.8 بليون دولار الى 15.1 بليون دولار. وأوضح خبراء اقتصاديون ان النمو في قطر وسلطنة عُمان سيكون نتيجة لزيادة الصادرات غير النفطية والغاز المسيل وينتظر أن يحقق الاقتصاد في البلدين قفزات كبيرة في السنوات المقبلة بسبب الزيادة الكبيرة المتوقعة في مبيعات الغاز المسيل. تراجع الايرادات واضافة الى تباطؤ معدلات النمو سيؤدي تدني أسعار النفط الى تراجع حاد في الايرادات الحكومية لدول مجلس التعاون يمكن أن يزيد على 20 بليون دولار في حال بلغ معدل سعر النفط 14 دولاراً على مدى السنة الجارية أي أقل بخمسة دولارات عن معدله عام 1997 ما يعني ان الناتج النفطي ربما ينكمش بنسبة 25 في المئة عن العام الماضي بعد أن حقق نمواً مرتفعاً في العامين السابقين ودفع ببعض الدول الأعضاء الى زيادة الانفاق خصوصاً على مشاريع التنمية ما أسهم بدوره في توسيع اجمالي الناتج المحلي. وفي السنة الجارية لم يتجاوز سعر "سلة أوبك" 13 دولاراً للبرميل ومن المتوقع عدم حدوث ارتفاع كبير في الأسعار حتى نهاية السنة وانعكس ذلك في قرار السعودية وغيرها من الدول المنتجة بترشيد الانفاق لتحاشي تفاقم العجز في الموازنة. وتوقع محللون أن يؤدي ذلك الى عودة العجز الى ميزان المدفوعات في بعض دول مجلس التعاون بعد تحقيقه فائضاً في العامين السابقين لكنهم استبعدوا اللجوء الى الاقتراض الخارجي كما حدث بعد أزمة الخليج.