يبدو ان شهادة الرئيس الاميركي بيل كلينتون في قضية مونيكا لوينسكي بدأت تأخذ منحى المواجهة السياسية والقانونية مع المدعي العام المستقل كينيث ستار حول متى وكيف سيجيب كلينتون على أسئلة تتعلق بالقضية. هل يجيب على الاسئلة الجاهزة على شريط فيديو أو على شريط تسجيل سمعي؟ أم يدلي بشهادة خطية مقرونة بقسم، يدونها ويسجلها كاتب الاختزال؟! منذ ريتشارد نيكسون أدلى رؤساء أميركيون بشهادات في قضايا عدة وفي ظروف وترتيبات مختلفة. جيرالد فورد أدلى بشهادته على شريط فيديو كشاهد دفاع في محاكمة امرأة اتهمت بمحاولة اغتياله في 1975، بعدما رفضت المحكمة اقتراحاً من البيت الأبيض ان يعطي الرئيس شهادة مكتوبة. جيمي كارتر أجاب على أسئلة المدعي العام المستقل في استجواب خطي في البيت الأبيض في شأن اعمال مالية عائلية غير لائقة في مزرعة الفستق التي يملكها. وتليت الشهادة المكتوبة على هيئة المحلفين في اتلانتا وحكم على كارتر بالبراءة. رونالد ريغان أجاب عن أسئلة حول قضية ايران - كونترا خطياً تحت القسم. ثم أدلى بشهادة على شريط تسجيل سمعي كشاهد في محاكمة المستشار السابق للأمن القومي جون بويندكستر. وقبل ست سنوات حدثت مواجهة مع الرئيس جورج بوش عندما انسحب المدعي العام المستقل بعدما رفض بوش الإجابة على اسئلته. وخلال تحقيقات ايران - كونترا، أجاب نائب الرئيس الاميركي جورج بوش على اسئلة المدعي العام لورنس والش. وعندما أراد والش استجوابه مرة ثانية طلب منه بوش الانتظار بضعة اشهر حتى انتخابات 1992. بعدها رفض الرئيس الإجابة. الرئيس ريتشارد نيكسون حارب مذكرة إحضار من المحققين في "ووترغيت" الذين طالبوا بشرائط التسجيل في المكتب البيضوي. غير ان نيكسون سلم الأشرطة بعدما خسر القضية في المحكمة العليا. وشهادته الشخصية لم تكن مقصودة، وأجبر على الاستقالة في 1974. وفي القرن التاسع عشر قدم الرئيس توماس جيفرسون مستندات في شهادة خطية مقرونة بقسم إثر مذكرة احضار للادلاء بشهادته في محاكمة آرون بور في 1807، بعد اتهامه بالخيانة العظمى. بيل كلينتون شهد على شريط فيديو في 1996 كشاهد دفاع في محاكمة جنائية عن شركائه في وايتووتر جيمس وسوزان ماكدونال وجيم غاي تاكر، يوم كان حاكم اركنساس. شهادة أخرى لكلينتون مقرونة بقسم في كانون الثاني يناير الماضي في قضية بولا جونز التي اتهمته بالتحرش الجنسي. الشهادة سجلت على شريط فيديو في مكتب محامي كلينتون. وكانت الشهادة الأولى لرئيس اميركي خلال ولايته. ويركز المحقق المستقل كينيث ستار على معرفة إذا كان كلينتون كذب في ذلك القسم أو شجع مونيكا لوينسكي على الكذب في قسمها. وأجاب الرئيس كلينتون ايضاً بشهادة خطية مقرونة بقسم في البيت الأبيض في 1994 من المدعي العام الخاص بقضية وايتووتر. وأجاب على أسئلة بشهادة خطية مقرونة بقسم مرتين بطلب من المحقق ستار في البيت الأبيض قبل ان تشيع قصة لوينسكي بشكل مثير. وإذا لم تفلح المفاوضات الجارية لإيجاد طريقة يجيب فيها الرئيس على أسئلة ستار، فإن مواجهة دستورية تاريخية ستبدأ حول متى يمكن حماية الرئيس الاميركي من اجباره على رفع يده وحلف اليمين بقول الحقيقة كل الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة والإجابة عن الأسئلة. بحسب قانون فصل السلطات في دستور الولاياتالمتحدة، فإن المدعي العام لا يمكنه اجبار الرئيس على الشهادة. فقط، مجلس النواب الاميركي يمكنه ان يتهم الرئيس امام المجلس كما حدث مع الرئيس آندرو جونسون في 1868 . غير ان البعض يرى ان ستار سيطلب استجواب الرئيس كلينتون عبر مذكرة احضار سمعية - بصرية أو خطية! وعلى الأرجح فإن مونيكا لوينسكي لن تشهد على ان كلينتون طلب اليها ان تكذب خلال افادتها امام هيئة المحلفين الكبرى في واشنطن، في وقت دعت اصوات اعلامية وسياسية وقانونية مستقلة في العاصمة الاميركية الرئيس كلينتون الى التعاون مع التحقيق لأن لا رئيس فوق القانون. والاصوات نفسها شكّكت باستقلالية المدّعي العام كينيث ستار وتجرده ووصفته بالمشايع والمحازب وقالت انه يخرق مبدأ فصل السلطات وحماية مؤسسة الرئاسة. واشارت الى ان الكونغرس الاميركي هو الذي يخرج الرئيس من البيت الابيض وليس المدّعي العام.