هل يصبح "برج ايفل" رمز مدينة باريس وأحد أشهر المعالم السياحية في العالم خاضعاً للسيطرة الاميركية؟ هذا السؤال ليس من وحي الخيال بل انه تخوف قائم عبّر عنه النائب فيليب دوميناتي الذي صرّح انه "من غير الممكن ومن غير المقبول" ان تنتقل السيطرة على برج ايفل الى "مجموعة اميركية". وبنى دوميناتي، النائب عن الدائرة الباريسية الثامنة، تخوفه هذا على عملية مالية معقدة يجري الاعداد لها حالياً في فرنسا. وتتمثل الحلقة الاولى فيها بمصرف "لوكريديه فونسييه" الفرنسي، الذي تعتزم السلطات الفرنسية تخصيصه، وقد تلقت عروضاً متعددة في هذا الشأن تبين أن افضلها هو عرض شركة "جنرال موتورز اي سي" وشركة مالية تابعة لشركة "جنرال موتورز" لصناعة السيارات التي تتخذ من مدينة "ديترويت" الاميركية مقرّاً لها. وتبيّن أن "لوكريديه فونسييه" يمتلك عبر شركة "بيربيكسا" التابعة له، حوالى 50 في المئة من أسهم شركة "ساجي" المختلطة، التي تملك بدورها 70 في المئة من أسهم شركة "اس. ان. تي. اي" التي تتولى ادارة "برج ايفل" بالتعاون مع بلدية باريس التي تملك 30 في المئة من أسهم الشركة نفسها. وبكلام آخر، تصبح "جنرال موتورز اي. سي" بشرائها مصرف "لوكريديه فونسييه"، الطرف المسيطر على ادارة "برج ايفل". هذا الاحتمال كفيل بأن يقيم قيامة الفرنسيين الذين تقبّلوا بصعوبة كبيرة وجود مدينة "يوروديزني" في ضاحية باريس ويرى العديد منهم في مطاعم "ماكدونالد" اعتداء صارخا على هويتهم وثقافتهم. وفي محاولة لتدارك الامر، وجّه رئيس بلدية باريس جان تيبيري رسالة الى وزير الاقتصاد والمال دومينيك شتروس كان، لافتاً انتباهه الى الذيول التي قد تترتب عن هذه الصفقة. لكن هذا لم يمنع الفرنسيين من تشغيل مخيلتهم باتجاه اسوأ الاحتمالات ومنها مثلا ان يرفرف العلم الاميركي فوق البرج، أو أن تعمل الشركة الاميركية على تعديل معالمه ليصبح اشبه بمدينة ملاهٍ من الطراز الاميركي. وبانتظار الموقف الذي سيصدر عن وزير المال في هذا الشأن يتداول المعنيون بالأمر مجموعة من الحلول تضمن بقاء "برج ايفل" تحت السيادة الفرنسية. وأبسط هذه الحلول تقضي بفصل شركة "ساجي" عن عملية بيع "لوكريديه فونسييه"، اما أكثرها تعقيداً فيقضي بأن تشتري بلدية باريس 11 في المئة من أسهم شركة "بيربيكسا" في شركة "ساجي" بما يضمن لها موقع المساهم الاكبر في ادارة البرج. ولا تخلو الاقتراحات والاقتراحات المضادة التي تطلق في هذا الشأن من المزايدات السياسية والشخصية. فأنصار رئيس بلدية باريس اليميني، يرون أن المسؤولية الاساسية وكلمة الفصل في هذا الشأن يجب ان تصدر عن وزير المال، وهو من الحزب الاشتراكي. ويعتبر هؤلاء ان الموقف الذي سيصدر عنه سيكون مقياساً لمدى تمسكه بما يعتبرونه بمثابة "جوهرة" من جواهر التراث الفرنسي. أما المعارضون لعمدة باريس فيرون ان في امكانه تسوية الامر من تلقاء نفسه، فتعزيز مساهمة بلدية باريس في "بيربيكسا" لن تكلفه اكثر من 20 مليون فرنك، وأن هذا المبلغ يعادل قيمة اثنين من عمالقة المطاط الاربعة التي استخدمت في افتتاح مباريات كأس العالم لكرة القدم وبلغت كلفتها 250 مليون فرنك.