نفذت قوات الأمن الفرنسية أمس حملة جديدة على الأوساط الاسلامية الأصولية، اسفرت عن اعتقال ثلاثة اشخاص لم تكشف هويتهم، في ضواحي باريس. وأودع المعتقلون الذين كانت اسماؤهم وردت في الوثائق التي عثر عليها خلال الحملة السابقة 26 أيار مايو الماضي في مقر الشعبة السادسة للادارة المركزية للشرطة القضائية. واعتبر اعتقال هؤلاء الاشخاص الثلاثة بمثابة "عملية تنظيف في العمق" بعدما كانت الحملة السابقة أدت الى اعتقال 56 شخصاً من أعضاء "شبكة ارهابية" ومؤيديها نفذت في كل من فرنسا والمانيا وايطاليا وسويسرا في وقت واحد. في موازاة ذلك عادت قوات الأمن الفرنسية للظهور بشكل كثيف في باريس بموجب خطة "فيجيبيرات" التي كانت اعتمدت عقب التفجيرات التي شهدتها فرنسا في 1995. وتجوب دوريات من هذه القوات التي تضم نحو 1800 عنصر، الأماكن السياحية والمرافق الحيوية من محطات للقطارات والمطارات ومراكز توزيع الكهرباء والمياه وغيرها، على مرأى من المارة الذين يعتبرون وجودها باعثاً على الاطمئنان. الى هاجس أعمال الشغب المحتملة خلال مباريات كأس العالم لكرة القدم، اضطرت اجهزة الأمن الفرنسية الى معالجة هاجس تجدد الاعتداءات الاصولية. والدوريات ليست سوى الجزء الظاهر من الخطة التي اعتمدتها السلطات المعنية للحؤول دون أي حادث يعكر مباريات كأس العالم التي قال عنها وزير الداخلية الفرنسي جان بيار شوفنمان: "يجب ان تكون بمثابة عيد". وتقدر كلفة الاجراءات الأمنية بحوالى مئة مليون فرنك فرنسي، تخصص لحماية الملاعب التي ستجرى فيها المباريات والفرق المتنافسة فيها. فبالنسبة الى الملاعب، ستكون حمايتها مشتركة بين وزارتي الداخلية والدفاع، بحيث يتولى عناصر الشرطة الأمن في ملعب "ستاد دو فراس" في مدينة "سانت - دوني" في الضاحية الباريسية والذي بني خصيصاً لاستضافة المباراة النهائية لكأس العالم، وكذلك ملاعب كل من مونبلييه وبوردو وسانت - ايتيان. وأوكلت الى قوات "الجندرمة" التابعة لوزارة الدفاع مهمة حماية ملاعب كل من مارسيليا وليون ولانس وتولوز. وتقرر تخصيص مقر عام لعناصر الأمن التابعة للدول المشاركة في كأس العالم، في باريس، بحيث يكونون على اتصال دائم مع عناصر ارتباط فرنسيين. والمهمة الأصعب التي تواجهها أجهزة الأمن الفرنسية تكمن في حماية اللاعبين المشاركين في كأس العالم، والتي اسندت الى القوات الخاصة التابعة للشرطة التي ستتولى مهمة المرافقة، فيما تتولى سرية المظليين التابعة "للجندرمة" عمليات المواكبة. وتلازم هذه العناصر الفرق على مدى ساعات الليل والنهار، في الفنادق التي تتوزع عليها واثناء التدريبات وايضاً بالطبع في الملاعب التي ستجرى فيها المباريات. واحيطت بعض الفرق، ومنها الفريقان الاسباني والبريطاني، بإجراءات معززة لتفادي أي عمل قد يستهدفهما من الانفصاليين "الباسك" أو المتطرفين الايرلنديين. وأعدت الاجهزة الأمنية سيناريوهات متعددة، للتحرك تحسباً لعملية احتجاز رهائن على غرار ما حدث خلال الألعاب الأولمبية في ميونيخ في 1972، أو أي عمل قد يقوم به شخص مختل مثلما حدث خلال الألعاب الاولمبية في اتلانتا في الولاياتالمتحدة. ولكن الهم الأكبر المسيطر على المسؤولين الفرنسيين يبقى احتمال قيام جماعة اسلامية متطرفة بعمل ما. وذكرت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية في هذا الاطار ان التنصت الهاتفي على الاسلاميين الذين استهدفتهم المداهمات الأخيرة اظهرت انهم يستخدمون خلال مكالماتهم عبارات مثل "كرة القدم" و"الفرق" والمباريات. وأشارت الى ان هذه التعابير يستخدمها بمثابة "شيفرة"، عناصر "الجماعة الاسلامية المسلحة" الجزائرية والذين يلجأون الى تعبير مثل "المدرب الأكبر" للاشارة الى أمير الجماعة وأخرى مثل أحذية "ريبوك" أو "اديداس" الرياضية للدلالة على أنواع معينة من الأسلحة. وقالت ان تردد هذه التعابير خلال الاتصالات بين الاشخاص المشتبه في انتمائهم الى الشبكات الاسلامية، أثار الإلتباس لدى المسؤولين الأمنيين الذين تعذر عليهم التمييز بين كون ترديدها جزءاً من "الشيفرة" الروتينية، أو ان هناك تحضيراً لاعتداءات خلال كأس العالم.