باريس، القاهرة، "الحياة"، أ ب، أ ف ب - اعتقلت السلطات الفرنسية امس شخصين يعتقد بأن لهما علاقة مع الجماعات الاسلامية، في اطار الحملة التي بدأت اول من امس في خمس دول أوروبية في اوساط هذه الجماعات. وأكد وزير الداخلية الفرنسي جان بيار شوفنمان ان هذه الحملة تستند الى "أدلة متطابقة"، وليست "مجرد عملية احترازية" عشية بدء نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها فرنسا بعد حوالى اسبوعين، والتي قيل ان الجماعات الاسلامية قد تستهدفها بعمل ارهابي. وقال الوزير الفرنسي، بعد جلسة مجلس الوزراء في قصر الأليزيه ان اعتقال نحو مئة شخص يشتبه في انتمائهم الى جماعات متشددة، في فرنسا والمانيا وبلجيكا وايطاليا وسويسرا سمح بشل حركة الشبكات الاسلامية "على الصعيد اللوجستي الى حد كبير. لكن لا يمكن الخوض كثيرا في قضية بهذا التعقيد"، مؤكدا انه كان "حذرا" لكن "ليس قلقا كثيراً". وأضاف ان "هذه العملية كانت صعبة جدا، تم التحضير لها بعناية، ومع توفر عدد من المؤشرات، اعطى القضاة اشارة البدء"، مشدداً على ان عمليات الشرطة جرت "في اطار التحقيقات القضائية التي يجريها بشكل خاص القاضي جان لوي بروغيير". واشاد شوفنمان بالشرطة التي "قامت بعملها بشكل مميز". كما شكر "زملاءه الاوروبيين والقضاة والشرطة في الدول التي اتخذت اجراءات عملية املتها المؤشرات المتطابقة". وقال: "بدأت المراقبة قبل 45 يوما. لا هواجس، بل كثير من الهدوء والتحضر. كان يجب ان يتم ذلك في جو مناسب". الى ذلك، دعمت فرنسا الاجراءات الامنية باضافة الف عسكري جديد الى 860 عنصراً سبق نشرهم لمنع اي محاولة اعتداء خلال بطولة العالم لكرة القدم التي تبدأ في العاشر من حزيران يونيو. من جهة اخرى، قال مصدر موثوق به ان جزائريين اثنين اعتقلا امس في سويسرا في اطار العملية نفسها سبق ان صدرت في حقهما في فرنسا مذكرة توقيف دولية، وهما عضوان مفترضان في تنظيم "التكفير والهجرة" الاصولي الجزائري. في القاهرة، اعتبرت دوائر سياسية وامنية مصرية عمليات الدهم والاعتقالات في خمس دول اوروبية اول من امس طاولت ناشطين اسلاميين، تأكيداً على "سلامة وجهة النظر المصرية في ان وجود الارهابيين الذين يتخذون من الاسلام ستارا لعملياتهم في الدول الاوروبية يمثل خطورة على الاوضاع في اكثر من دولة". ونقلت "وكالة انباء الشرق الاوسط" المصرية الرسمية عن مصادر امنية ان القاهرة "طالبت تسليم اي عناصر ارهابية مصرية يكون قد تم القبض عليها ضمن الحملات". وذكرت مصادر مطلعة ان اتصالات جرت للتنسيق مع السلطات في كل من فرنسا والمانيا وبلجيكا وايطاليا وسويسرا بهدف التعرف على شخصيات المقبوض عليهم ومعرفة اذا كان لأي منهم علاقة بنشاط الجماعات الدينية المصرية. واعتبرت ان التعاون بين الدول الخمس "يجب ان يمتد ليشمل دولا اخرى عانت كثيرا من الارهاب خلال السنوات الماضية بسبب وجود الارهابيين في الدول الاوروبية". في الجزائر نددت الصحف الخاصة امس ب "نفاق" اوروبا بعد المداهمات التي طاولت الاوساط الاسلامية في خمس دول اوروبية. وترى هذه الصحف ان اوروبا كانت حتى الآن حذرة في موقفها من الاسلاميين، على رغم تنديد الصحافة والسلطات في الجزائر مراراً بهذا الموقف، وانها لم تقرر التدخل الا لتؤمن اجراء مباريات كأس العالم لكرة القدم بينما كانت شرطتها تحرس الناشطين الاسلاميين منذ مدة طويلة. وخصصت جميع الصحف في صدر صفحاتها الاولى مساحات عريضة لهذا الحدث بينما لم تقم زميلاتها الحكومية بأي تعليق على الموضوع. وقالت "الوطن" ان "اوروبا تكتشف الآن فجأة ان الشبكات الاسلامية الموجودة على ترابها تشكل خطراً ارهابياً محتملاً، وان في امكانها ان تغتنم فرصة كأس العالم للقيام بسلسلة من الاعتداءات في فرنسا … ان اوروبا الرسمية لا تزال تعرب عن نفاقها وموقفها المزدوج من قضية الارهاب في الجزائر". وتابعت "المداهمات ناجحة جداً كما كان الحال دائماً وذلك يبرهن ان الجماعات الارهابية معروفة ومسجلة وتقع تحركاتها تحت المراقبة. ولا يهم اذا تقطعت اشلاء الجزائريات واطفالهن بفعل قنابل المتعصبين. المهم ان لا تمس اي مباراة من المونديال 98 بتهديد من الجماعة الاسلامية المسلحة". وتساءلت صحيفة "لوماتان" من جهتها "اين كان يختفي اذن هؤلاء المئات من الناشطين الاسلاميين المدججين بالسلاح والذين كانوا يخططون لاعتداءات في ضواحي جنيف وميونيخ في الوقت الذي كان الديبلوماسيون ينفون حتى وجودهم بكل يقين".