غابت العدالة عن مباراة تونسوكولومبيا فخسر الفريق الافضل صفر/1، وانتزع منتخب كولومبيا فوزاً غريباً في الدقائق الأخيرة وسط ضغط وهجوم وفرص ضائعة من المنتخب التونسي الذي سيطر تماماً على المباراة. اللقاء العجيب شهد أكبر عدد من الفرص الضائعة في كل مباريات المونديال، وشهد أكبر عدد من الانقاذات الناجحة من حارسي المرمى المتألقين شكري الواعر التونسي وفريد موندراغون الكولومبي، وكان يمكن أن تهتز شباك الفريقين بعدد قياسي من الأهداف يزيد على 12 هدفاً - الرقم القياسي في تاريخ كأس العالم 7/5 للنمسا على سويسرا عام 1954 - لولا براعة حارسي المرمى الفائقة. ويكشف العدد الكبير من الفرص الضائعة للفريقين حجم الخلل الدفاعي الذي عانى منه الجانبان بوضوح من البداية وحتى النهاية، وكان المنتخب التونسي لعب بأسلوب 4/4/2 مع وجود الثنائي زبير بيه واسكندر السويح معاً في وسط الملعب، وكلاهما يميل الى اداء الواجب الهجومي والتقدم الى أمام، وأدى اندفاعهما معاً الى وقوع العبء في خط الوسط على الثنائي رياض بوعزيزي وسراج الدين الشيحي، ولم يتمكنا معاً من مواجهة العدد الكبير من لاعبي كولومبيا في اندفاعاتهما الهجومية، وبقي النجم الكبير المخضرم كارلوس فالديراما بمنأى عن الرقابة في وسط الملعب، وتسلم عشرات الكرات من دون أي ضغط وواصل تمريراته الخطيرة في عمق منطقة جزاء تونس، وجاء هدف كولومبيا والمباراة الوحيد من واحدة من تلك التمريرات المؤثرة، وكان غريباً ألا يفرض المدرب الفرنسي هنري كاسبرجاك رقابة لصيقة على فالديراما رغم وضوح حجم تأثيره على فريقه. وازداد تأثر المنتخب التونسي بعدم الارتداد السريع للاعبيه بعد تقدمهم الى الهجوم، واصبح طبيعياً أن يتسلم لاعبو كولومبيا فالنسيا ورينكون ودي افيلا وبريسيادو الكرة في نصف ملعب تونس من دون أي ضغط أو رقابة، وتمكن القصير الماكر أفيلا - وهو أقصر لاعب في المونديال على الاطلاق - من بث الذعر في الدفاع التونسي بتحركاته الذكية وانطلاقاته الجيدة. وفي غياب الرقابة اللصيقة انفرد بريسيادو بمرمى المنتخب التونسي قبل سبع دقائق فقط من النهاية، وسجل هدف المباراة رغم محاولة الحارس شكري الواعر إبعاد الكرة. وتكرر الأمر بعد دقيقتين فقط حيث تبادل ثلاثة من لاعبي كولومبيا الكرة داخل منطقة جزاء تونس بغرابة، ولولا إلغاء الحكم الهدف بسبب لمسة يد من فالديراما لخسر التونسيون 2/صفر. ولكن تلك الأخطاء الدفاعية لا تقلل من الاداء الجيد للمنتخب التونسي على الصعيد الهجومي، ولعب التونسيون بجرأة ورغبة كبيرة في الفوز، واندفع مهدي بن سليمان وعادل السليمي وزبير والسويح باستمرار نحو عمق الدفاع الكولومبي بشكل ايجابي، وتلقوا دعماً دائماً من كلايتون الظهير الايسر المتقدم، وتمكنوا بذكاء وتحركات تبادلية من اختراق الدفاع الكولومبي لكن سوء الحظ لازمهم في تسديدات عدة ردتها العارضة أو ذهبت بجوار المرمى مباشرة أو تدخل الحارس موندراغون لصدها. وأهدر لاعبو تونس سلسلة من الفرص التي لا يمكن تصديقها على مسافة امتار قليلة من المرمى، ووضحت حاجة المنتخب التونسي الى اللاعب الهداف الذي يجيد تحويل الكرة داخل الشباك، وهو أمر افتقده التونسيون بوضوح منذ كأس الأمم الافريقية الأخيرة في بوركينا فاسو. وعلى الجانب الآخر اعتمد المدرب الكولومبي داريو غوميز اسلوباً هجومياً خالصاً من البداية بإشراك ثلاثة مهاجمين في خط الوسط هم فالديراما ورينكون وفالنسيا مع المهاجمين المتقدمين بريسيادو ودي افيلا، وهو ما تسبب في فجوة شاسعة بين خطي الهجوم والدفاع في وسط الملعب، وافتقد الكولومبيون أيضاً الهداف في غياب اسبريا الموقوف داخلياً. رومانيا وانكلترا وعلى العكس جاءت نتيجة مباراة رومانيا وانكلترا عادلة وفقاً لأحداثها وسيطرة المنتخب الروماني على الكرة اكثر فترات اللعب ونجاحه في فرض ايقاعه على المباراة بذكاء شديد، ولجأ الرومانيون من البداية الى تهدئة المباراة وسحب المنافس الى البطء للحد من التفوق البدني الملحوظ للاعبي انكلترا، ونفذ منتخب رومانيا اسلوباً في التمرير الكثير الدقيق القصير مع الدوران بالكرة من اليسار الى اليمين للاحتفاظ بها لأطول فترة ممكنة، وتمكنوا من تنفيذه في وجود تقارب كبير للاعبين والخطوط ونقص الضغط من الانكليز. واستثمر الرومانيون اسلوبهم في سحب لاعبي انكلترا بعيداً عن مواقعهم الدفاعية وخلق مساحات في جانبي الملعب لتحرك المهاجمين ادريان ايلي ومولدوفان أو تقدم الظهير دان بيترسكو ولاعبي الوسط جورجي هاجي ومونتيانو، وتمكن منتخب رومانيا من وضع بصمته على الشوط الاول من البداية الى النهاية، وحالت العارضة دون هدف مؤكد من ادريان ايلي، وجاء الهدف الاول من الثغرة خلف غرايام لوسو التي شغلها هاجي بنجاح. ولم يشعر أحد بوجود المنتخب الانكليزي في الملعب رغم المحاولات اليائسة من آلان شيرير ومن بيكهام الذي لعب بدلاً من بول اينس، لكن الخوف الذي سيطر على مدافعي ولاعبي وسط انكلترا ابقاهم دائماً في مواقعهم الخلفية دون أي تقدم أو دعم للهجوم. ويتحمل مدافعو انكلترا مسؤولية الهدفين الأول والثاني لرومانيا بشكل صارخ، وكم كان غريباً أن يتحول خط دفاع انكلترا الى نقطة الضعف الرئيسية في المنتخب بعد أن كان نقطة القوة ومصدر الفخر الدائم للكرة الانكليزية. وكان مولدوفان صاحب الهدف الاول متحرراً من الرقابة عند استلامه الكرة وتسديدها في المرمى من دون أي ضغط لسول كامبل أو تغطية من بول ادامز، ولم يتعرض بيترسكو في الهدف الثاني لممانعة حقيقية من غرايام لوسو الذي ضغط عليه من دون أن يحاول لعب الكرة في انتظار خروج حارسه ديفيد سيمان لقطعها، واعتمد الانكليزيان كل على الآخر، وافتقد المنتخب الانكليزي أيضاً التغطية السليمة في تلك اللعبة. ووضح الخوف الشديد على مدافعي انكلترا عند مهاجمة الخصم خشية الانذار أو الطرد واحتساب ضربات الجزاء، وهو ما اعطى الرومانيين حرية كبيرة في الحركة والتقدم بالكرة، ولم ينل أي لاعب انكليزي انذاراً في ظل أداء نظيف جداً على عكس الرومانيين الذين قدموا مباراة قوية ونالوا 3 انذارات. ولم يدخل المنتخب الانكليزي اجواء المباراة واقعياً إلا بعد 60 دقيقة وتحسن اداؤهم اكثر بعد نزول مايكل اوين وبعد الزيادة الملحوظة في عدد اللاعبين في خط الهجوم بتقدم الظهير المذعور غاري نيفيل واندرتون وباتي، وصنع الان شيرير بذكاء هدف فريقه عندما هرب من الرقابة. ويحتاج الانكليز الى مزيد من الشجاعة في الهجوم والدفاع ليتمكنوا من البقاء في دائرة المنافسة