خسر المنتخب التونسي مباراته امام المنتخب الانكليزي صفر-2 عملياً، ولكنه خسر المباراة فعلياً قبل ان تبدأ بسبب الخوف العارم الذي اجتاح لاعبيه من اسم منافسهم، الامر الذي انعكس على الفريق بوضوح خلال الشوط الاول حيث انكمشوا وتراجعوا الى نصف ملعبهم وفقدوا توازنهم مع لجوء المدافعين ولاعبي الوسط الى التشتيت المستمر. ولم يجد الثنائى عادل السليمي ومهدي بن سليمان أي كرة سليمة للسيطرة عليها وبدء الهجمات المنظمة. الخوف التونسي منح منتخب انكلترا شجاعة غير عادية، على غير عادة، وتقدم لاعبو الوسط وظهيرا الجانب الى عمق الملعب التونسي بطريقة متكررة لم نرها في مباريات انكلترا الاخيرة خصوصاً ضد السعودية والمغرب، .وإزاء الزيادة العددية للاعبي انكلترا تعددت الفرص السانحة أمام شيرينغهام وسكولز وطوني ادامس ، قلب الدفاع، وحالت براعة الحارس المخضرم شكري الواعر دون اهتزاز شباكه طويلاً حتى كانت ضربة الرأس الحاسمة لشيرير في اللحظات الاخيرة من الشوط الاول والغريب ان لاعبي تونس الأطول قامة، سامي الطرابلسي ومنير بوقديدة، فشلا مراراً في الوصول الى الكرات العالية في منطقة الجزاء. وتغيرت الحال نسبياً في الشوط الثاني بعد نزول زبير بيّة في المنتخب التونسي وتقارب الخطوط، وامتلك اللاعبون الكرة بنجاح في وسط الملعب واكملوا عدداً من الهجمات ولاحت اكثر من فرصة لبيّة غير المراقب ولكن تسديداته افتقدت الدقة، ولم يستغل التونسيون تفوقهم الميداني في بداية الشوط الثاني بعمل زيادة عددية في الهجوم.. وبقى الطرابلسي وغضبان والشيحي وجوزيه كلايتون في مواقعهم الدفاعية طوال الوقت، وفشل كلايتون في محاولاته الهجومية القليلة في الجانب الايسر بسبب اصراره على السير الزائد بالكرة. ومع ادراك المنتخب الانكليزي لصعوبة الموقف لجأ شيرر الى تهدئة اللعب وامتصاص حماسة منافسيه، ونجح بالفعل في تهدئة المباراة في الدقائق الأخيرة قبل ان يفاجئ بول سكولز غير المراقب الجميع بهدف ثانٍ مباغت. ويتحمل المدرب كاسبرجاك المسؤولية كاملة لجهة نقص الإعداد النفسي للاعبي تونس واختيار تشكيلة دفاعية في البداية وعدم فرض رقابة لصيقة على سكولز ابرز لاعبي انكلترا. رومانياوكولومبيا امتلك المنتخبان العديد من العناصر الموهوبة ولكن التنظيم الجيد لدى المنتخب الروماني حسم المسألة لمصلحته في النهاية. وكان اللقاء حافلاً بالاثارة والاهداف الضائعة واللمحات الفنية الفردية الممتعة من الجانبين رغم تدني مستوى اكثر لاعبي المنتخبين شهرة وخبرة، وهما جورجي هاجي كابتن رومانيا وكارلوس فالديراما كابتن كولومبيا. ساد الرومانيون البداية بفضل اندفاع رائع من المدافعين ولاعبي الوسط لا سيما بيتريسكو في اليمين وبوبيسكو المدافع الخلفي صاحب التمريرات الطويلة الدقيقة، وتفوق الرومانيون جداً في عنصري التمرير والتسديد ودخلوا منطقة جزاء كولومبيا بنجاح، ولولا البراعة المتناهية لحارس كولومبيا موندراغون لاهتزت شباكه كثيراً، وكان طبيعياً أن ينتهي الشوط الاول لمصلحة رومانيا بهدف بديع من ادريان ايلي، انشط لاعبي المباراة، من زاوية صعبة، واستفاد الرومانيون خلال هذا الشوط من توسيع مساحة اللعب عن طريق التحركات في الجانبين بجوار خطي التماس لبيتريسكو وهاجي في اليمين ومونتيانو وايلي في اليسار. وبقي التفوق الروماني مستمراً في بداية الشوط الثاني ولكن بخطورة اقل بسبب بطء هاجي وقلة تقدم المدافعين للامام خوفا من الهجمات المرتدة، واعطى هذا التراجع الفرصة لفريق كولومبيا للعودة الى اجواء المباراة بفضل حماسة الثلاثي اسبريا ورينكون وفالنسيا، وتمكن اسبريا من اختراق الدفاع مراراً ولكنه لم يلق الدعم الايجابي من زملائه في عمق منطقة الجزاء، وتحولت المباراة في نهايتها لمصلحة المنتخب الكولومبي تماماً وأصبحت مهمة الحارس الروماني الشجاع ستيليا ثقيلة جداً، واضطر مدافعو رومانيا لممارسة بعض الخشونة لإيقاف التفوق الكولومبي، ولعبت خبرة بوبيسكو وبيترسكو دوراً في الاحتفاظ بالكرة في الدقائق الاخيرة بالتمريرات العرضية واستهلاك الوقت بشكل قانوني حتى اطلقت صفارة النهاية. المانياوالولاياتالمتحدة جاءت مباراة المانياوالولاياتالمتحدة اشبه بدرس قيم من الخبراء المخضرمين لمنافسيهم.. ولم يتوان لاعبو المانيا في ممارسة الضغط والهجوم من الدقيقة الاولى وحاصروا المنتخب الاميركي في نصف ملعبه بشكل مكثف جداً، وهو الامر الذي هز ثقة لاعبي الولاياتالمتحدة واجبرهم على العودة للوراء، واصبحت المباراة في دقائقها الاولى في نصف الملعب الاميركي، وسرعان ما جاء الهدف الأول لاندرياس مولر ليزيد من ثقة الالمان في انفسهم ويزيد من حجم الرعب في قلوب الاميركيين. مارس الالمان ثون وكولر ورويتر وهاسلر ومولر وكلينسمان كل الخبرات التي اكتسبوها عبر السنوات الطويلة، ووضح الفارق المهاري والخططي كبيرا بين الجانبين، وتقدم المدافع كوهلر كثيراً الى عمق الدفاع الاميركي وتألق كلينسمان في الهروب من الرقابة، ولكن التفوق الالماني الكاسح لم يترجم الى اهداف اخرى بسبب الاحتفاظ الزائد بالكرة من هاسلر والاصرار على ارسال الكرات العالية في منطقة الجزاء بدلاً من التمرير الارضي المرهق للدفاع الاميركي. ومع استمرار العجز الالماني عن التسجيل عادت الشجاعة نسبياً الى الاميركيين وبادلوا منافسيهم الهجوم في الدقائق الاخيرة وأنهوا الشوط الاول بشكل جيد، واستفاد المنتخب الاميركي من النهاية الايجابية للشوط الاول وبدأوا الثاني بنفس الحماس واهدر هيدويك فرصة نادرة للولايات المتحدة تألق خلالها الحارس كوبكه ببراعة وشجاعة، ومع الانتشار الجيد للاميركيين وسوء تمريرات الالمان اصبحت الكرة باستمرار في نصف الملعب الالماني. لم يدم هذا التفوق سوى 15 دقيقة وبعدها كانت نقطة التحول في المباراة. ادرك الالمان ان منافسهم هو الأسرع والأكثر نشاطاً وحماسة، وقرروا على الفور تغيير ايقاع المباراة ليكون أهدأ وابطأ، وبدأ ثون وكولر في تنفيذ سلسلة من التمريرات السلبية والعرضية والخلفية للاحتفاظ بالكرة لاطول وقت ممكن وارهاق اعصاب لاعبي الولاياتالمتحدة في بحثهم لاستعادة الكرة، وتغيرت المباراة وانقلبت رأساً على عقب بعد ما عجز الاميركيون عن استعادة سرعتهم وتفوقهم وانجرفوا الى الاسلوب البطيء. وجاء هدف كلينسمان الثاني صدمة عنيفة للاميركيين الباحثين عن التعادل، وأصبح الاداء اكثر بطئاً خاصة من جانب الالمان مع مزيد من الحرص وارتكب فوغتس مدرب المانيا خطأ باستبدال الظهير الايمن رويتر باللاعب الاعسر تسيغه واشراك هاينريخ في اليمين بعد أن تألق 70 دقيقة في اليسار. ولم يتمكن هاينريخ من التأقلم في مركزه الجديد.. وقلت الخطورة الالمانية حتى النهاية. الحكام في الميزان لم يكن الحكم الياباني اوكادا موفقا على الاطلاق في ادارته لمباراة تونس وانكلترا، وتغاضى عن اخطاء عدة تستوجب الانذار الفوري بسبب الشد من الخلف، وكان ابرزها ضد قيس الغضبان لاعب تونس لاعاقة الانكليزي بول اينس من الخلف، ووضح تعاطف اوكادا النسبي مع الاسم الكبير لانكلترا امام تونس، وهو الامر الذي دفعه لاحتساب ضربة حرة مباشرة لصالح شيرر، وجاء منها الهدف الاول، من لعبة لم يكن بها أي خطأ.. ورغم الاحترام الكامل من اللاعبين لقرارات الحكم إلا أنه لم يكن حازما بالقدر الكافي في مواجهة الاخطاء الجسيمة، ولم ينذر الانكليزي لوسو عندما ضرب عماد بن يونس بحذائه في وجهه في كرة مشتركة. حكم موريشيوس ليم كي تشونج كان اكثر توفيقاً في ادارة مباراة رومانياوكولومبيا رغم العصبية الشديدة للاعبي المنتخبين ولم يستجب لمحاولات لاعبي رومانيا المتكررة للحصول على ضربة جزاء، وكان حظ الحكم سيئاً في عدم رؤية بعض الكرات التي اصطدمت بالمدافعين وتجاوزت خط المرمى خارج القائمين، واحتسب اكثر من ضربة مرمى لمصلحة رومانيا من ألعاب تستوجب ضربة ركنية لكولومبيا، وكشفت الاعادة التلفزيونية عن هذا الخطأ في مرتين. ويبقى الحكم العربي المغربي سعيد بلقولة أحد نجوم ساحة التحكيم في الدور الاول خلال ادارته الممتازة لمباراة ألمانياوالولاياتالمتحدة، ولم يؤثر التفوق الالماني الكاسح على قراراته وعدالته وكان الانذار الاول في المباراة من نصيب الالماني ييريميز للخشونة في عز تفوق فريقه، وواكب بلقولة الاحداث بسرعة فائقة ولم يهتم بالتمثيليات المتكررة من لاعبي المانيا المخضرمين، وسار الشوط الاول بسرعة دون اهدار اي وقت وكان الاكثر بين كل اشواط المونديال في بقاء الكرة داخل الحدود ولم يضف بلقولة اي وقت ضائع في نهايته. وفي الشوط الثاني ازدادت الحماسة من الجانبين وتعددت الانذارات للسيطرة على الموقف، وجاء معظم قرارات بلقولة نموذجية.. وهو الأمر الذي يتيح له مكانا مضموناً في الادوار الصعبة التالية.