صار منصب النائب العام الفلسطيني مرة أخرى مصدر قلق بشأن مدى احترام السلطة الفلسطينية حقوق الانسان بعد أن قدم المحامي فايز أبو رحمة للرئيس ياسر عرفات قبل يومين استقالته من ذلك المنصب مشدداً على أن استقالته نهائية. وكانت المرة الأولى قبل تسعة شهور حينما تم اقصاء النائب العام السابق خالد القدرة عن منصبه بعد أن دار الحديث عن "تجاوزات خطيرة"، حسب تعبير منظمات لحقوق الانسان ليتولى المنصب مكانه أبو رحمة الذي يتركه الآن لأسباب مختلفة. ورفض أبو رحمة الافصاح عن الأسباب التي حدت به الى تقديم استقالته إلا أن مصادر موثوقة أوضحت ان اسقالته تأتي بسبب عدم اعطائه الصلاحيات المخولة له وتجاوزه تماماً في قضايا الاعتقالات وتدخل وزير العدل فريح أبو مدين في عمله وانزعاجه من رفض الأجهزة الأمنية القرارات الصادرة عن المحاكم الفلسطينية بخصوص اطلاق معتقلين. وكانت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن أوردت في تقريرها السنوي ضرورة أن تتبوأ النيابة العامة الدور المناط بها بالقانون بكفاءة وفاعلية وحزم وأن يقوم النائب العام بصون وتنفيذ القانون محافظة على الحق العام وحقوق المواطن الفلسطيني. وأوضحت الهيئة في بيان أصدرته أمس انها تتفهم دوافع استقالة النائب العام وتعرب عن أسفها وقلقها بسبب ما آلت اليه أوضاع النيابة العامة الأمر الذي يعكس مضاعفات خطيرة على حقوق المواطنين في حال استمرار تلك الأوضاع. وجاء في بيان الهيئة التي يترأسها د. اياد السراج: "منذ بداية تعيين المحامي فايز أبو رحمة في منصب النائب العام استبشرنا خيراً بعد أن عانى الجميع من عدم تجاوب النائب العام السابق مع الشكاوى التي كانت تقدم له، ووقفت الهيئة والعديد من منظمات حقوق الانسان الفلسطينية الى جانب الأستاذ أبو رحمة حينما اتخذ قراره الافراج عن 11 مواطناً كانوا موقوفين خلافاً للقانون قبل أشهر عدة إلا أنه لم تمض ساعات الا وقامت أجهزة الأمن الفلسطينية بإعادة اعتقالهم، وكانت تلك الحادثة بداية مسلسل التجاهلات لدور النائب العام. وكان أبو رحمة أعلن عن عدم علمه بأية معلومات عن الاعتقالات في صفوف حركة "حماس" عقب اغتيال محيي الدين الشريف الأمر الذي وضعه في موقف حرج بعد أن دعاه النائب في المجلس التشريعي كمال الشرافي الى الاستقالة احتراماً "لشخصيته وقدره وتاريخه". وتبين أن هذه الدعوة لاقت قبولاً لدى أبو رحمة الذي ضاق ذرعاً من عدم تناسب صلاحياته المفترضة مع صلاحياته التنفيذية.