كشفت وزيرة حقوق الإنسان في حكومة الوفاق اليمني حورية مشهور، عن عزم حكومتها إنشاء هيئة مستقلة تعنى بحقوق الإنسان وفق «مبادئ باريس» بديلة للوزارة الحالية، وتتمتع بصلاحيات تمكنها من تعزيز حقوق الإنسان ورسم سياستها ومراقبة إنفاذها والمساءلة والمحاسبة على انتهاكها، مؤكدة أن الهيئة المزمع إنشاؤها ينبغي أن تكون من هيئات الدولة السيادية، ويتم اختيار أعضائها من قبل مجلس النواب (البرلمان). وأشارت مشهور إلى أن الكثير من أهداف الثورة تحققت ومن أبرزها سحب السلطة من الرئيس علي عبدالله صالح. وكانت حورية مشهور قد قدمت استقالتها من منصب رئيس اللجنة الوطنية للمرأة، وانضمت إلى الاحتجاجات المطالبة بإسقاط نظام صالح. وشددت الوزيرة مشهور على ضرورة إغلاق السجون السرية وغير القانونية، مشيرة إلى زيارتها الأمن القومي والأمن السياسي. ودعت الوزيرة اليمنية إلى تسريع إحالة المعتقلين على ذمة تفجيرات الرئاسة اليمنية إلى القضاء أو إطلاق سراحهم. وفيما يلي نص الحوار: تحقق الغايات بسحب السلطة من صالح * بعد عام من اندلاع الثورة في اليمن، ماذا تحقق من أهدافها وغاياتها؟ - تحقق الكثير من أهداف الثورة، ومن أبرزها التغيير السلس الذي سيحدث في 21 فبراير الجاري، عندما تسحب السلطة من الرئيس علي عبدالله صالح بانتخاب رئيس جديد لليمن. * هناك مؤسسات ومنظمات دولية ترفض التعامل مع قانون الحصانة الممنوحة للرئيس صالح ومعاونيه، كيف يمكنك كوزيرة معنية بحقوق الإنسان، التوفيق بين التزامكم بمواثيق واتفاقات دولية والالتزام بقانون الحصانة؟ - قانون الحصانة جاء وليد ظرف سياسي استثنائي، وكان أسوأ وأمر الحلول، لأن دون ذلك كان يمكن أن نصل إلى مواجهة عسكرية مسلحة شاملة وحرب أهلية مدمرة للبلد. وبالتالي المبادرة الخليجية التي نصت على قانون الحصانة كانت هي المخرج السياسي لليمن إلى بر الأمان، وبالمقابل حصل تعديل لمشروع القانون بحيث يكون فيه نوع من التوازن والإنصاف، لأن الشق الآخر من نص القانون يتحدث عن العدالة الانتقالية، وحول ضرورة التحقيق بشأن الانتهاكات خلال الفترة الماضية ومن المتسبب فيها، وأيضا المحاكمات لمرتكبيها، هذا ما ينص عليه مشروع قانون العدالة الانتقالية، الذي تتضمن نصوصه تشكيل لجنة تحقيق، لاستلهام العبر والدروس وعدم تكرار هذه الانتهاكات... نحن لا نريد تجاوز هذه الصفحة، بل نريد أن نتأنى وندرك حجم المشكلة وحجم الانتهاك الخطير الذي حدث ضد المواطنين. خشينا عودة الناس إلى الثأر والانتقام، فوافقنا على منح قانون الحصانة- وهو ما نستدل به- بأنه لا بد أن تتم المعالجات في هذه الانتهاكات، خصوصا وأنها كانت انتهاكات واسعة وكبيرة جدًا، ولابد من الوقوف أمامها وتطبيق العدالة الانتقالية عليها مقابل منح الحصانة التي يتمتع بها صالح والمقربون منه. * قانون العدالة الانتقالية هو الآخر يعفي مرتكبي الجرائم من العقاب؟ - ليس بالضرورة أن تقود إلى «إعفاء»، صحيح أن جزءًا منها يعفي ولكنه إعفاء يتم بالتراضي، إذ «المنتهكة حقوقهم» وصلوا إلى قناعات بالمسامحة أو بالعفو مقابل تعويضات، وجبر ضرر، وقد يكون التعويض ماديا أو معنويا أو نفسيا. وربما كان الانتهاك صارخًا ولا يريد من «انتهكت حقوقهم» هذا التعويض، لكنهم يريدون أن يصل منتهكو حقوقهم إلى العدالة، فليتم هذا من خلال قانون العدالة الانتقالية، خاصة وأن هذه الحقوق خاصة وغير قابلة للتجاوز ولا تسقط بالتقادم، إذن من حقهم أن يصلوا إلى القضاء الوطني وفي حال عدم إنصافهم من قبل القضاء الوطني، فمن حقهم اللجوء إلى القضاء الدولي. الكل معني بالعدالة الانتقالية * ألا ترين صعوبة المواءمة بين هذه القوانين ومسؤوليتك في حماية حقوق الإنسان؟ - لا شك أن هناك تحديات كبيرة... لكن وزارة حقوق الإنسان ليست الجهة الوحيدة المعنية بموضوع تطبيق العدالة الانتقالية، وإنما هناك أطراف أخرى معنية بذلك، كوزارات الشؤون القانونية والعدل، كما هناك أجهزة الشرطة، وكثير من الأطراف ذات علاقة بهذه «المساءلة»، ومنها القوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني الحقوقية التي كانت تدافع عن حقوق الناس، فكل هذه الجهات ستكون طرفا في هذه المعالجات الشاملة. وأؤكد أننا طرف ضمن مجموعة أطراف، لكن من جانبنا في وزارة حقوق الإنسان لن نألو جهدا بأن يتم تعزيز واحترام حقوق الإنسان بصورة كاملة... لاشك أن المجتمع الدولي معني بالتزامات حماية واحترام حقوق الإنسان، كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف، ومجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة، ومنظمات المجتمع المدني، وهي تسعى إلى أن يتم «الانتصاف للناس» الذين انتهكت حقوقهم وعدم إفلات مرتكبيها من العقاب. * التعديل على مشروع قانون الحصانة، وإدخال الجرائم الإرهابية، إلا ترين أن هذا يعطي للأجهزة الأمنية التذرع بها وتكييف اعتقالات الناس على اساس أنها جرائم إرهابية، ألم يكن المقصود من هذا التعديل قضية تفجيرات مسجد دار الرئاسة، ومن فرضه من الأطراف؟ - نحن نخشى من ان يتم تكييف بعض القضايا على أساس أنها قضايا إرهابية، مثل هذا الأمر يمكن أن يكون واردا، ولكن تعلمون أن مساءلة مكافحة الإرهاب، هي قضية التزام اليمن تجاه المجتمع الدولي، وهذا الأخير المعني بمكافحة الإرهاب وفي أغلبه مجتمع حر يرعى حقوق الإنسان وينبغي عليه إلا يسمح أيضا بانتهاكات حقوق الإنسان تحت مظلة أنها إرهاب دولي. * من الذي فرض هذا التعديل، رغم أنه لم يكن موجودا في المشروع السابق؟ - لا شك أن لمسات المجتمع الدولي في تعديل القانون كانت حاضرة، ولا تنسوا أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن الدولي كل هذه الوثائق كانت «الصبغة موجودة والنفس الدولي حاضرا فيها»، ففي المبادرة الخليجية كان النفس الإقليمي حاضرا فيها، بينما النفس الدولي كان موجودا في آليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن، لأن اليمن أصبحت الآن تحت الرقابة الدولية والاهتمام الدولي للمعالجة والخروج من هذا الوضع، ولأن المجتمع الدولي أيضا قلق من انزلاق اليمن إلى الفوضى وحصول مواجهات مسلحة وهي لن تؤثر على اليمن فقط، لكن تأثيرها سيكون واضحا على الأمن والسلم الدوليين ولهذا لن تسمح القوى الدولية بانزلاق اليمن إلى هذا المنزلق الخطير. واليمن تطل على ممرات مائية مهمة جدا، وتجاور دولا نفطية كبيرة، والدول الكبرى لها مصالح في المنطقة، وبالتالي الحفاظ على سلامة وأمن اليمن، ليس فقط لليمن ولشعبه، ولكن للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. مشاورات «العدالة الانتقالية» * رشحت أنباء الأسبوع الماضي تشير إلى أن نائب الرئيس منصور هادي، سيصدر قانون العدالة الانتقالية أو المصالحة الوطنية، غير انه لم يصدر، ما سبب التأجيل؟ - القانون جاهز وسيصدر قريبًا، ويتم الآن التشاور حوله مع الأطراف ذات العلاقة، ونحن في وزارة حقوق الإنسان استلمنا المشروع للاطلاع عليه وقراءته وإبداء الملاحظات عليه. وأؤكد أنه أخذ بعين الاعتبار مقترحات كل الأطراف ذات العلاقة. اعتقال خارج القانون * هناك اعتقالات حدثت أثناء الثورة، ولا يزال مصير المعتقلين مجهولا، ماذا عملت في وزارتكم في هذا الشأن؟ - اعتقال النشطاء السياسيين، يعتبر اعتقالا خارج القانون، لأنه تعبير عن الرأي ولا يجوز توقيف الناس؛ بسبب آرائهم أو بسبب مواقفهم السياسية. ولقد وجهنا خطابات إلى الجهات التي كان لها دور فى اعتقال هؤلاء الأشخاص، كما قمنا بزيارات إلى كل هذه الأطراف وأرفقنا بالزيارات كشوفات بأسماء من تعرضوا للانتهاكات وأنواعها وشكاوى أسرهم، وبعد ذلك أصدرت اللجنة العسكرية أمرا بضرورة إطلاق سراح المعتقلين على ذمة الأحداث الأخيرة» الثورة اليمنية»، كما اتخذ مجلس الوزراء قرارا بالإفراج عنهم. و لقد أطلق سراح كثير منهم. وإذا كان هناك من لم يتم إطلاق سراحهم ويقعون تحت طائلة «قضايا الرأي والنشاط السياسي» عليهم أن ينبهونا في وزارة حقوق الإنسان وسنتخاطب مع الأجهزة المختصة. ثورة المؤسسات * كيف تتعاملون مع ما يجري الآن من اعتقالات داخل المؤسسات والمعسكرات التي تشهد ثورة من منتسبيها يطالبون برحيل قياداتها؟ - نحن نرى وننصح الأطراف التي أوقفت هؤلاء الأفراد المنتمين إلى القوات المسلحة بسبب تعبيرهم عن آرائهم أن تكف عن هذه الممارسات وأن تطلق سراحهم، ولا تستمر في توقيفهم بسبب آرائهم لأن هذا مخالف للقانون. طبعا هناك احتقانات لفترة طويلة جدا، وجاء هذا المزاج الشعبي التغيري فأطلق طاقات الناس للمطالبة بالتغيير.. نتمنى من هؤلاء الأشخاص الموجودين على رأس تلك المؤسسات لفترة طويلة جدا بسبب المحسوبية والفساد، أن يتنحوا ويسمحوا بالتطور الديمقراطي وأن يستجيبوا لمرؤوسيهم. معتقلو تفجيرات الرئاسة * هناك معتقلون على ذمة تفجيرات دار الرئاسة وآخرون مصيرهم غير معروف، ماذا عملتم بشأنهم، وهل زرتم الجهات التي اعتقلتهم؟ - نعم زرنا الأمن القومي، واعترفوا أنهم حققوا معهم وأحالوهم إلى جهاز الأمن السياسي الذي اعترف بتوقيف 30 شخصا فقط على ذمة قضية تفجيرات الرئاسة ويتم التحقيق معهم، وكانت أسرهم قد اشتكت لنا بأنها لا تعرف مصيرهم ولا مكان اعتقالهم ويتم التحقيق معهم بدون وجود محامين معهم والقانون يشدد فى نصوصه على أن يتم التحقيق معهم بوجود محامين. ورغما عن كل شيء وفي كل الأحوال هناك تطور إيجابي في هذا الموضوع، وأدى ذلك إلى إطلاق سراح مهدية النوفي زوجة مؤذن مسجد دار الرئاسة الذي أوقفته السلطات الأمنية ضمن المتهمين بتفجيرات مسجد دار الرئاسة. * مهدية النوفي اعتقلت لأكثر من 6 أشهر دون تهمة وبطريقة مستفزة وفي مكان مجهول واكتفيتم بإطلاق سراحها، الم يكن هناك رد اعتبار وتعويضات؟ - يفترض أن تحصل هذه السيدة ووالدها الطاعن في السن على تعويض طالما أوقفا وهما بريئان، وليس لهما علاقة بالحادث. السجون السرية * متى ستكون المعتقلات السرية تحت عيون وزارة حقوق الإنسان؟ - أعلنا أن المعتقلات والسجون السرية «خارج القانون» وكل ما هو خارج القانون ينبغي أن يلغى، وينبغي أن نعمل في إطار قانوني، فالسجون السرية ليست في إطار قانوني، وهي ممنوعة، ولا ندري ما الذي يجري فيها، أيضا لا نعلم أين توجد.. وينبغي أيضا أن تتوفر لدينا معلومات عن أماكنها وعن الموقوفين فيها لكي نتدخل في هذا الشأن. * لماذا لم يتم تشكيل لجنة الحوار مع شباب الساحات حتى الآن؟ - الحوار مع الشباب هو مسؤولية الحكومة كاملة، لكن وزارة حقوق الإنسان تقوم بأنشطة تمهيدية، واللجنة بدأت عملها والتقت بسفراء دول مجلس التعاون الخليجي وسفراء الاتحاد الأوروبي، وكل الراعين للمبادرة الخليجية، والآن نحن بصدد تنشيط هذا التواصل. * هل زيارة رئيس حكومة الوفاق باسندوة الأسبوع الماضي لساحة التغيير أمام جامعة صنعاء، جزء من المهمة؟ - نحن لم نقطع صلتنا مع الشباب أبدا، وأزور ساحة التغيير بشكل منتظم.