إذا لم تعقد قمة واشنطن هذا الاثنين، فإنها يمكن أن تعقد في اثنين آخر. وبعيداً عن الأوهام، يمكن القول إن لقاءات لندن حققت الكثير من الايجابيات على صعيد عملية السلام، أقله لجهة كشف الجهة المعرقلة لها. فبعد اللقاءات تحدثت هيلاري كلينتون عن أهمية قيام دولة فلسطين. وبعد اللقاءات توجه دنيس روس إلى إسرائيل بناء على طلب بنيامين نتانياهو، في محاولة أخيرة لانقاذ قمة واشنطن. وقد كشفت محادثاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أن ثمة هوة بين أميركا وإسرائيل وأن المعركة واقعة في واشنطن بين حكومة ليكود وأنصارها من جهة، والإدارة الأميركية من جهة أخرى. مثلما ان الدولة الفلسطينية تبنى شبراً شبراً، كذلك أن الموقف السياسي الفلسطيني يتعزز يوماً بعد يوم حتى داخل أميركا نفسها. والأكيد ان ما قالته هيلاري كلينتون ليس بعيداً عن طريقة تفكير زوجها نفسه وان كان بيل كلينتون غير قادر على قول ذلك علناً. كذلك لم يعد سراً أن الفريق الأميركي الذي يتعاطى مع عملية السلام وعلى رأسه مادلين أولبرايت ودنيس روس بات يدرك ان هدف "بيبي" هو نسف عملية السلام وأن كل الذرائع التي يقدمها، على رأسها الاعتبارات الأمنية، لا علاقة لها بالحقيقة والواقع، بل باستراتيجية هدفها التفاوض من أجل التفاوض ليس إلا. إذا لم يذهب "بيبي" إلى واشنطن غداً، فسيذهب الاثنين الذي بعده. ولكن في النهاية سيكون عليه أن يذهب. ورغم أنه سيحاول تحريض يهود أميركا والكونغرس على الإدارة، إلا أنه يفترض أن يتذكر شيئاً مهماً هو أنه لم يسبق لأي حكومة إسرائيلية إن ربحت في مواجهة مع رئيس أميركي وأنه عندما كان على الكونغرس ان يختار بين رئيس الولاياتالمتحدة وحكومة إسرائيل سار مع الرئيس. وفي هذا المجال، لا يمكن تجاهل ان وجود مسؤولين مثل دنيس روس وآرون ميللر ومارتن انديك وصمويل بيرغر إلى جانب كلينتون سيساعده في المواجهة مع "بيبي" وليس العكس، ذلك ان ليس في الامكان المزايدة على هؤلاء على صعيد معرفة ان مصلحة إسرائيل هي في سلام دائم وشامل وعادل وليس العكس، ذلك ان لكل منهم تجربته الخاصة مع عملية السلام ومع كيفية العمل من أجل استمرارها وهم بذلوا جهوداً مضنية في هذا الاتجاه. كلما مر وقت، تبين أن الموقف الفلسطيني يتعزز، وان الخيار الوحيد المتاح أمام المنطقة هو السلام. وركيزة هذا السلام هو الدولة الفلسطينية التي تساهم تصرفات نتانياهو في تسهيل الاعتراف الدولي بها، حتى قبل اعلانها رسمياً من على أرض فلسطين... وليس من الجزائر كما سبق وحصل عام 1988.