إذا سارت الأمور بسرعتها الراهنة لن تتمكن مديرية الطيران الفيديرالية من إزالة مشكلة "العام 2000" من أنظمتها الكومبيوترية الحاسمة الأهمية لها قبل انتهاء القرن الحالي، علماً بأن هذه الانظمة تُعد بالمئات، ما قد يعرض حركة الطيران المدني للخطر ويزيد التكاليف ويؤخر مواعيد انطلاق الرحلات الجوية على حد ما يحذّر "ديوان المحاسبة العام" الأميركي في تقرير جديد حرره أخيراً. وفي التقرير الذي نشر الأربعاء ينحو "ديوان المحاسبة العام" باللائمة على ادارة مديرية الطيران، ويقول: "اذا بقيت الادارة تسير بالسرعة الراهنة فلن تستطيع تحقيق المراد في الوقت المناسب". ويذكر التقرير ان مديرية الطيران الفيديرالية بدأت تصحيح المشكلة متأخرة وارتكبت عدداً من الهفوات التي لا تغتفر ومنها تعيين مدير لحل مشاكل "العام 2000" تقاعد في نهاية العام 1997 ولم تُعين أي شخص مكانه حتى الساعة. استخدام واسع ويذكر ان مديرية الطيران الفيديرالية تستخدم الكومبيوتر لكل غرض وهدف من أغراضها فالكومبيوتر يوجّه الطائرات المحلقة في الاجواء ويدير عمليات تشغيل معداتها الخاصة بالأمان والملاحة الجوية وصيانتها، كما يحدد مواعيد معاينة هذه المعدات والتأكد من صلاحها. ويشار الى ان عدداً كبيراً من أجهزتها وبرامجها قديم ومصمّم على أساس ان "يقرأ" الرقمين الأخيرين من العام ولهذا قد "تقرأ" أجهزة الكومبيوتر عام 2000 كعام .. وتفترض ان هذا يعني عام "1900" على حد ما يقول الخبراء. تدقيق ويقول ديوان المحاسبة العام الذي يقوم بأعمال التدقيق لحساب الكونغرس الاميركي "ان ما قد يحدث من مخاطر جدية"، اذا لم يُصحح الاشكال، "تعرض الأمان لتدنٍ كبير في مستواه وتأخر الرحلات الجوية أو إلغائها وازدياد تكاليف شركات الطيران وتضرر المسافرين الجويين وتنغيص عيشهم". قد يؤثر التعطل المفاجئ الذي سيحدث عام 2000، المعروف بپ"Y2K" Year 2000، على اجهزة الكومبيوتر العاملة في المصانع والمخازن والمصارف وشبكات الهاتف وفي أماكن اخرى عدة، لكن مديرية الطيران الفيديرالية تواجه مشكلة خاصة لأن أنظمتها قديمة جداً بالمعايير الكومبيوترية، كما ان معظم برامجها خاص جداً بحيث لا تستطيع استخدام حلول طوّرها أو ابتكرها آخرون. كما ان عدداً كبيراً من أنظمتها الكومبيوترية يضمن الأمان والسلامة على مدار الساعة أي دون أي توقف. وفي الخريف الماضي قالت شركة "آي.بي.ام" لمديرية الطيران الفيديرالية ان أجهزة الكومبيوتر التي تشكل قلب مراكز السيطرة والتحكم، والتي توجه حركة السير الجوي العالي ذي المدى البعيد، قديمة جداً ولا يعرف أحد من العاملين حالياً في الشركة العملاقة كيف يستطيع التأكد من أنها صالحة لموجهة اشكالات "Y2K"، وأوصت الشركة باستبدال هذه الاجهزة التي باعتها لمديرية الطيران الفيديرالية في أواخر الثمانينات. وبالنظر الى ان المديرية ليست متأكدة حتى الآن مما إذا كان بوسعها "إصلاح" أجهزتها أو استبدالها في خلال الأشهر الثلاثة والعشرين المقبلة، بدأت أخيراً تقوم بالأمرين معاً أي "الإصلاح" والاستبدال، لكن موازنتها لا تتضمن ما يمكّنها من استبدال الاجهزة كافة. ويقول النائب الجمهوري فرنك وولف، الذي يمثل ولاية فيرجينيا ويترأس لجنة المخصصات المالية في مجلس النواب الاميركي، في كتاب أرسله الى مديرية الطيران الفيديرالية في كانون الثاني يناير الماضي ان على المديرية "ان تعالج مسألة حل هذه الاشكالات في الوقت المناسب وعلى نحو أكثر اندفاعاً وانتظاماً"، لافتاً الى ان شركة "اي.بي.ام" حذرت المديرية من هذه الاشكالات منذ وقت طويل، سأل وولف في كتابه: "أين كانت مديرية الطيران حيال هذه المسألة في خلال العام وربع العام الماضي؟". وتشكو النائبة كونستانس موريلا، الجمهورية التي تمثل ولاية ميريلاند وترأس اللجنة الفرعية المهتمة بالشأن التكنولوجي، والمتفرعة عن اللجنة العلمية، من بطء رد مديرية الطيران على المشكلة الاساسية، وتقول: "كانوا مهملين جداً في إدراك أهمية هذا الوضع بالنسبة لهم" وتضيف ان تعطل الكومبيوترات التي تتحكم بحركة السفر الجوي "لن يكون مسألة أمان وسلامة لكن مسألة قصور في الطاقة" اذ ستضطر مديرية الطيران الفيديرالية الى منع الطائرات من التحليق أو الإقلاع كما تفعل عادة عندما تتعطل الكومبيوترات لأسباب اخرى. ويقول تقرير ديوان المحاسبة المؤرخ في 30 كانون الثاني يناير الماضي، ان مديرية الطيران لم تفرغ حتى الآن من تقييم حدود المشكلة والتعرف عليها "ما يعرضها لخطر كبير يتناول عدم مقدرتها على العمل لدى حلول الأول من كانون الثاني يناير عام 2000". وعادة "ما تحرر تقارير ديوان المحاسبة بلغة "باردة" لا حرارة فيها لكن التقرير الصادر عنها حول هذه المسألة يقول "يبعث تأخر مديرية الطيران في حل الاشكالات على القلق الشديد، وبالنظر الى ان الأول من الشهر الأول من عام 2000 يقترب بسرعة، لم يعد بالامكان تقبل هذا التأخر والمماطلة". ويقول كنث ميد، المفتش العام في وزارة النقل الأميركية: "منذ عدد من أشهر والمديرية تنشط بهمة وبإحساس بثقل المسؤولية، لكن المديرية متأخرة عن المطلوب سبعة أشهر". ويضيف ميد انه سيدعو الى انهاء الترتيبات اللازمة بحلول حزيران يونيو 1999 لأن الموعد المضروب حالياً لهذا الانهاء، أي تشرين الثاني نوفمبر من هذا العام "قريب جداً من حلول أول يوم في القرن المقبل". ويضيف هذا المسؤول ان المشكلة الفعلية ليست مالية بل ترتبط بالوقت. لكن مسؤولاً في مديرية الطيران الفيديرالية يقول، شرط عدم الافصاح عن اسمه بالنظر الى ان لجان الكونغرس ستصغي الى المسؤولين في المديرية، ان المديرية أنهت معاينة 425 نظاماً كومبيوترياً حاسم الأهمية من أصل 430 نظاماً، بما في ذلك الأنظمة كافة المستخدمة في التحكم بحركة السفر الجوي وإرادتها. فمن أصل 209 أنظمة حاسمة الأهمية في مجال حركة السفر الجوي تم تقييم هذه الانظمة كلها، والاعتقاد السائد هو ان ثمة 125 نظاماً لا يشكو من مشكلة "Y2K" على حد ما يقول هذا المسؤول، على رغم ان هذه الانظمة تحتاج الى اختبار. وتقول موريلا، التي تدرس منذ فترة من الزمن مشاكل العام 2000 في دوائر حكومية أميركية اخرى، "تكمن المفارقة في أننا نتقدم الى أمام فيما تتحرك كومبيوتراتنا الى الوراء مئة عام". * خدمة نيويورك تايمز