عندما خففت ادارة الرئيس بيل كلينتون القيود التي كانت مفروضة على تصدير أجهزة الكومبيوتر ذات الأداء الرفيع والقوي، عام 1996، استندت في ما فعلته الى تقرير غير سوي منقوص لم يدرس محرروه المعاني الضمنية الخاصة بالأمن القومي الأميركي ولم يستوعبوها وخلصوا، بعد الحصول على معلومات منقوصة غير كافية، الى أن الأجهزة ذات الأداء الرفيع القوي موجودة في العالم كله، وذلك على حد ما قال مدققو حسابات الحكومة الأميركية ومدققو اجراءاتها الاربعاء الماضي. وقال مكتب المحاسبة العام، التابع للكونغرس الأميركي، ان الحقيقة هي غير ما خلص اليه محررو التقرير سالف الذكر، بل انها عكس ما خلص اليه هؤلاء المحررون، ففي تقرير رُفع الى لجنة تابعة لمجلس الشيوخ، يقول المدققون ان أجهزة الكومبيوتر ذات الأداء الرفيع القوي "ليست متوافرة بسهولة بالنسبة الى دول ذات شأن وأهمية بالنسبة الى الأمن القومي الأميركي مثل الصين والهند وباكستان. ويقول تقرير مكتب المحاسبة العام جي اي او أيضاً ان الصناعيين الأميركيين لا يزالون يهيمنون على أسواق العالم خارج الولاياتالمتحدة. والمعلوم انه من الحجج المهمة التي تذرعت بها الادارة الأميركية لكي تخفف القيود المفروضة سابقاً على تصدير الأجهزة القوية ان هذا التخفيف هو الطريقة الوحيدة لتمكين منتجي أجهزة الكومبيوتر الأميركيين من المنافسة في مجال التكنولوجيا غير الأميركية المتوافرة في معظم أنحاء العالم. تكنولوجيات ويقول المدققون ان العنصر الرئيسي في القرار الخاص بتخفيف القيود كان دراسة تولت القيام بها جامعة ستانفورد وحدها دون غيرها بتكليف من وزارتي التجارة والدفاع الأميركيتين. وخلصت تلك الدراسة الى انه من المستحيل السيطرة على انتشار بعض تكنولوجيا الكومبيوتر الأميركية في العالم، وان الجهود التي تبذل في سبيل التحكم بهذا البعض من التكنولوجيا تلحق ضرراً بصناعة الكومبيوتر. لكن المدققين يقولون الآن في تقريرهم ان الدراسة المشار اليها "افتقرت الى الأدلة الحسية أو الى التحليل لدعم الخلاصات التي توصلت اليها بخصوص استحالة التحكم بالتكنولوجيا أو بانتشارها. ويقول مكتب المحاسبة العام أيضاً ان الدراسة أخفقت في القيام بإحدى مهامها وهي دراسة كيف بوسع دول كالصين ان تستخدم الكومبيوتر لأغراض عسكرية. وخلال عام لحق تخفيف القيود التي كانت مفروضة على تصدير أجهزة الكومبيوتر ذات الأداء القوي، حصلت المنشآت العسكرية في كل من روسياوالصين على عدد قليل من أجهزة الكومبيوتر الأميركية الجديدة ما حفز القيام بتحقيقات جرمية وحفز الكونغرس على إعادة تشديد أو تنشيط الضوابط المفروضة على تصدير الأجهزة. ورد محررو الدراسة الجامعية على مكتب المحاسبة العام وعلى التهم الموجهة اليهم بأن رفعوا مقالاً الى اللجنة الفرعية في مجلس الشيوخ الأميركي المولجة بشؤون الأمن الدولي والانتشار والخدمات الفيديرالية من طريق هارولد جونسون المدير المشارك لمكتب المحاسبة العام. ويقول جونسون ان محرري التقرير قالوا لمكتب المحاسبة العام انهم لم يحللوا مدى التهديد للأمن القومي لأن الحكومة الفيديرالية لا تملك المعلومات الصحيحة المناسبة لتحليل من هذا القبيل. ويدحض سيمور غودمن، كبير محرري التقرير، انتقادات مكتب المحاسبة العام للتحليل الذي يتضمنه التقرير بأن يقول: "لقد توافر لدينا مقدار كبير من الأدلة الحسية وقمنا بتحليل شامل كامل اختلف عن تحليلهم وركز على توافر الأنظمة المصنوعة في الولاياتالمتحدة". ودافع وليم رينش، وكيل وزارة التجارة الأميركية المولج بشؤون ادارة الصادرات، عن قيام الادارة الأميركية بتخفيف القيود التي كانت مفروضة على تصدير الأجهزة القوية، فقال ان مكتب المحاسبة العام طرح الأسئلة الخطأ فيما كان يدرس سوق الكومبيوتر. وأضاف رينش: "على رغم ان الولاياتالمتحدة تهيمن حالياً على سوق الأجهزة ذات الأداء الرفيع، ثمة حد للاداء لا نستطيع عملياً، اذا تدنى الأداء عنه ان نُبقي الضوابط على الأجهزة ما لم نقيّد مبيعات الأجهزة أيضاً الى أقرب الحلفاء إلينا". واستطرد رينش فقال ان مكتب المحاسبة العام أخطأ في وضع الأمن القومي في رأس الأولويات فيما كان يدرس هذه المسألة، اذ ان رأس الأولويات يجب أن يكون حقائق السوق حيث الأجهزة ذات الأداء القوي الرفيع "تتفلت بالتدريج وباطراد من الضوابط لأنها تصغر حجماً باطراد وتتدنى أسعارها باطراد وتزداد قوة وعولاً باطراد، ما يتطلب دعماً من البائع يقل عن الدعم الذي كان مطلوباً في السابق". ويذكر ان الرئيس بيل كلينتون أعلن عن تبديل السياسة الأميركية في أواخر عام 1995 وافياً بذلك بوعد كان قد قطعه على ادارته في وقت سابق لعام 1995 أمام كبار العاملين في قطاع الكومبيوتر. وساهم تغيير السياسة الأميركية في افادة دول مثل الصين التي أصبحت تستطيع، بعد تغيير السياسة الأميركية، شراء أجهزة اميركية أكثر تطوراً وتقدماً من الأجهزة السابقة من دون الاضطرار الى الحصول على رخصة فيديرالية طالما ان التكنولوجيا تستخدم في أغراض سلمية مدنية. لكن الأنظمة والقوانين الأميركية الجديدة جعلت المصدر الأميركي مسؤولاً عن تقرير ما إذا كان مضطراً أو مجبراً على الحصول على رخصة، بينما كانت الحكومة الفيديرالية في الماضي هي التي تقرر ما إذا كانت عملية التصدير تحتاج الى رخصة. ويقول تقرير مكتب المحاسبة العام ان هذه المسؤولية الجديدة كانت "صعبة الى حد كبير" بالنسبة الى شركات تبيع لدول كالصين حيث "يصعب التمييز بين الاستخدام المدني والاستخدام العسكري من دون توافر معلومات لا تتوافر احياناً إلا لحكومة الولاياتالمتحدة". وتدرس ادارة الرئيس بيل كلينتون حالياً ما إذا كان يتوجب عليها المضي في طريق التخفيف من القيود المفروضة على تصدير أجهزة الكومبيوتر. لكن الذين ينتقدون الادارة الأميركية لا "يزالون قلقين من أن السياسة خاطئة" على حد ما يقول الشيخ ثاد كوكران الجمهوري الذي يمثل ولاية ميسيسيبي والذي ترأس جلسات الاصغاء الأربعاء الماضي.