نصيحة مجانية للقارئ: أفضل ان تكون ثري حرب من ان تكون فقير سلم. بما انني أتمنى ان يكون القارئ ثرياً الى درجة ان يكون لبيته أربعة رموز بريدية وثلاثة مفاتيح هاتف، ولسائقه سائق، فإنني أدعو اليوم الى سياحة مالية. صحيفة "واشنطن بوست" قدّرت ان قيمة اندماج شركات عالمية بعضها مع بعض، او في بعض، تجاوز 2.3 ترليون دولار هذه السنة، منها 115 بليون دولار في الايام العشرة الاخيرة فقط. هل هذه ارقام حقيقية؟ يبدو انها كذلك فعندما اشترى بنك دويتشه، اكبر بنوك المانيا البنك الاميركي بانكرز ترست، وجدت ان المبلغ المطروح هو عشرة بلايين دولار "فقط"، أي ترمس بلغة العصر. الا ان رقماً ثانياً لفتني بسرعة فالدمج رفع قيمة الودائع في البنك الجديد الى 850 بليون دولار. كنت مرة رأيت على التلفزيون 20 مليون جنيه نقداً، هي ما ربح مشترك في اليانصيب، وكانت بحجم حمولة شاحنة، لذلك أنصح القارئ ألا يتمنى لنفسه مبالغ كبيرة فهو إن لم يصب بفتق مزدوج، فسيموت سحقاً تحتها كما مات الجاحظ تحت كتبه. وقرأت والقارئ عن اندماج شركتي النفط الاميركيتين اكسون وموبيل، هما الاولى والثانية في الولاياتالمتحدة، فأصبحتا الاولى بامتياز وبقيمة تجاوزت 75 بليون دولار. غير ان الرقم الأهم هو ان الشركة الجديدة تنتج 2.5 مليون برميل في اليوم، ما يعني انها سبقت الكويت التي تنتج 2.1 مليون برميل في اليوم. وحمدت الله على وجود ارامكو في المملكة العربية السعودية فهي تظل اول منتج بفارق كبير ولها 8.9 مليون برميل في اليوم، تليها ايران ولها 3.7 مليون برميل كان العراق ينتج 3.5 مليون برميل قبل الحرب، وهو ينتج الآن حوالى مليوني برميل في اليوم ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء. في مثل هذا الوضع يصبح اندماج جي. تي. آي وبيل اتلانتك "عادياً" بمبلغ 52 بليون دولار، ويتراجع اندماج توتال الفرنسية مع بتروفينا الايطالية انتاجهما اليومي 1.5 مليون برميل او شراء دايملر بنز شركة كرايزلر الاميركية. وتذكرت على هامش عمليات الدمج هذه كلمة تاريخية لعضو في الكونغرس الاميركي قال يوماً "بليون هنا، بليون هناك. عما قليل سنتحدث عن مبالغ حقيقية". لا بد ان هناك خطأ عندما لا يعود البليون دولار اميركي مبلغاً مهماً. ومع ذلك لا خطأ في الواقع، فالبلايين والترليونات حقيقية، وكلها تجاوزت العرب، لذلك اخذت القارئ في سياحة، فقد اصبح العربي سائحاً في دنيا المال والاعمال بعد ان كان لاعباً اساسياً. وأتكلم كسائح مالي وأقول اللهم لا شماتة، وانا اعترف بأن اجمل خبر قرأت على هامش الموضوع كله كان عن الاخ. س. ه. مون وهو كوري جنوبي وصف بأنه "متسكع الكتروني"، او متشرد على صفحات الانترنت. مون هذا سمع ان اكسون وموبيل ستندمجان فسجل فوراً عنواناً له بالبريد الالكتروني هو "اكسون موبيل. كوم"، مع تغييرات بسيطة من ناحية النقطة، او الحركة او المدّة، ليضمن حقه في اي اسم يمكن ان تختاره الشركة الجديدة اكسون - موبيل عنواناً لبريدها الالكتروني. وقرأت ان مون دفع 70 دولاراً لشركة "نتوورك سوليوشنز" التي تحتفظ بفهرس عناوين البريد الالكتروني للعالم كله. وهكذا فالشركة الجديدة اما ان تختار لها عنواناً ليس له علاقة باسمها، ما يربك المراسلين الذين يقدّر عددهم بمئة الف في اليوم او تشتري عنوانها من الكوري مون، او ترفع عليه قضية على اساس ان تسجيله اسمها هدفه الابتزاز، لأن الرجل ليست له اي علاقة بالشركتين او بانتاج النفط. وكانت شركات اخرى دفعت الوف الدولارات لشراء عناوين الكترونية وجدتها مسجلة لآخرين، ودفعت شركة كومباك كومبيوتر كورب ثلاثة ملايين دولار ثمناً للعنوان الالكتروني "التافستا. كوم". كل ما سبق لا يعني انني اشجع القارئ على الاسراع لتسجيل اسم اي شركتين تندمجان بإسمه، فهو بدل ان يحصل على ثلاثة ملايين دولار، قد يواجه قضية يبيع في سبيلها سيارته. أرجو ان يكون القارئ ثرياً الى درجة ألا يكتفي بسيارة واحدة، بل تكون عنده اربع سيارات، واحدة لكل اتجاه. واؤكد له هنا ان الثراء ليس لعنة، الا عندما يكون الثري جارك. البرت بيل ليس جاري وقد سجلت اسمه بعد ان قرأت انه لاعب بيسبول وقّع عقداً مع فريق باليتمور اوريولز الاسبوع الماضي بمبلغ 65 مليون دولار لخمس سنوات، لا بد ان تزيد على 20 مليون دولار في السنة، مع دخله من الاعلانات… كل هذا لانه يضرب طابة صغيرة بعصا. مع العلم انه يشتم الاطفال الذين يحاولون أخذ توقيعه على "أوتوغراف"، و هو من سوء الاخلاق ان أُوقف عن اللعب ست مرات وأُمر بدفع غرامة مرتين. انا مستعد ان آكل الطابة من دون ملح مقابل 20 مليون دولار في السنة، وسأفعل هذا مع ادراكي التام ان الفلوس ليست كل شيء… فهناك بطاقة "الكريدت" والشبكات السياحية.