اختبر امس عدد من الطلاب اللبنانيين معظمهم من احزاب يسارية، اضافة الى مشاركة خجولة من حزب الله قرار الغاء منع التظاهر الذي أصدرته الحكومة اول من امس، فتظاهروا امام السفارة الاميركية في بيروت احتجاجاً على قصف العراق. المتظاهرون الذين لم يبلغ عددهم الألف، كانوا وكأنهم يحتفلون بعودتهم الى التظاهر اكثر منهم متظاهرين غاضبين. كذلك كانت القوى الامنية التي منعتهم من الوصول الى مكان قريب من السفارة، فأقامت حاجزاً عند ساحة عوكر، أي على بعد نحو الف متر من السفارة، فتقابل المتظاهرون مع فرقة مكافحة الشغب المدعومة بفرق من الجيش اللبناني من دون ان تؤدي المواجهة الى اي صدام، لا بل ان مودة واضحة تبادلها المتظاهرون والقوى الامنية. سار في واجهة التظاهرة عدد من مسؤولي المنظمات الشبابية للاحزاب، وما ان وصلت التظاهرة الى قبالة قوة مكافحة الشغب، حتى تراجع عناصرها مفسحين في المجال امام الطلاب الذين شرعوا يهتفون "يا عراق ويا حبيب إقصف إقصف تل أبيب". "ولا يحل القضية الا الوحدة العربية". و"الموت لساترفيلد" السفير الاميركي في بيروت. لكن هذا الهتاف بقي مضبوطاً ومسيطراً عليه من قبل "حكماء" التظاهرة اي مسؤولي المنظمات الشبابية. لكن كلاماً بدأ يتسرب عن نية جهات طالبية بتصعيد الهياج وترافق ذلك مع هتافات بدأت تلمح الى دور العسكر في منع الطلاب من الوصول الى السفارة، وقيل ان طلاب الحزب التقدمي الاشتراكي كانوا الاكثر حماسة ورغبة في تخطي حاجز قوة مكافحة الشغب. كما احتج عدد من الطلاب على حركة "أمل" لعدم مشاركتها في التظاهرة على رغم ان عناصرها في الجامعات وعدوا بالمشاركة. الصحافيون الاجانب شاركوا في شكل كثيف في تغطية حدث التظاهرة، وقالوا ان مشاركتهم ليست للاحتفال بعودة التظاهر الى لبنان، وانما تحسباً لحوادث مشابهة لتلك التي حصلت في دمشق قبل ايام كاقتحام السفارة واحراق العلم الاميركي خصوصاً ان العدوى ممكنة والقابلية موجودة. عدد من المتظاهرين ومعظمهم طلاب في الجامعات الخاصة ارتدوا كوفيات فلسطينية على رغم ان التظاهرة لا تمت بصلة مباشرة للقضية الفلسطينية. وهتف عدد من هؤلاء ضد اتفاق أوسلو، وضد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ولا بأس ايضاً ببعض الهتافات المستعادة ك"رصّوا الصفوف درب النضال طويل طويل مع العمال والفلاحين". لم تكن هتافاتهم مستفزة، وكان هدوء القوى الامنية وتفهمها يوحي، ان الطرفين يحتفلون بعودة التظاهر، وإن كان على حساب أميركا. اما الصحافية الفرنسية التي جاءت لتغطية الحدث ولاحظت ان ابناء منطقة عوكر ينظرون باستغراب وتساؤل الى المتظاهرين العابرين بالقرب من منازلهم، سألت "هل يمكننا اعتماداً على هذا العدد من المتظاهرين اعتبار ان اللبنانيين تظاهروا امام سفارة أميركا في بلدهم احتجاجاً على قصف العراق"... ولكنها عادت وأجابت هي عن سؤالها... "اعتقد انهم حزبيون وحسب"