"الإرهابي العربي" انتقل من الشاشات الاميركية الى التلفزيون الروسي الذي دأب على نفض الغبار عن ملفات طويت في الغرب ليعاود تركيب صورة الشرق الأوسط، ويلغي "الانحياز" السابق الى العرب. وقد يكون من حسن حظ العرب ان الاعلام الروسي الذي يسيطر على أهم مرافقه اللوبي الصهيوني، دخل الآن معركة مع... الروس والبرلمان الفيديرالي بعدما رفض الأخير المصادقة على قرار يستنكر تصريحاً للنائب البرت ماكاشوف وصف بأنه "معاد للسامية". وثمة ثارات قديمة بين ذلك اللوبي والجنرال ماكاشوف الذي قاد اثناء المواجهة بين رئيس الدولة والبرلمان عام 1993 عدداً من انصاره وتوجه نحو مبنى التلفزيون للمطالبة بوقف الحرب الاعلامية ضد الهيئة الاشتراعية، ووصف التلفزيون آنذاك بأنه "استمرار لتل ابيب". واثر قصف البرلمان ذكر عدد من قادته ان منظمة "بيتار" اليهودية شاركت في الهجوم على مجلس النواب الروسي. وبعدما أمضى بضعة اشهر في السجن انتخب ماكاشوف عضواً في البرلمان الجديد على قوائم الحزب الشيوعي، وكان محسوباً على الجناح المتشدد فيه. وانتقد زعيم الحزب غينادي زيوغانوف رفيقه لأنه استخدم كلمة "جِيد" التي تعتبر كناية تحقير في الحديث عن اليهود، لكنه قال ان ثمة من "يؤجج هستيريا" العداء للروس مستغلاً زلة لسانه، وطالب بمحاسبة المسؤولين عن "الحرب الاعلامية" التي تشنها قنوات التلفزيون وبينها القنوات الحكومية ضد... الحكومة والروس. ماذا قال الجنرال؟ "إذا أرادوا اليهود قتلى سآخذ معي الى العالم الآخر عشرة من هؤلاء الجِيد". لكن الجزء الأول "ضاع" وأخذ الاعلام يتحدث عن نية الجنرال "قتل عشرات من اليهود". واستغرب نواب المطالبة بمحاسبة ماكاشوف على أقواله من دون اهتمام بتصريحات عدد من الراديكاليين المناوئة للروس. فقنوات التلفزيون غدت منبراً للسياسية فاليريا نوفود فورسكايا المتحالفة مع رئيس الوزراء السابق يغور غايدار، والتي قالت عن الروس ان "مكانهم في المراحيض"، ودعت الى ذبح المعارضين للتوجهات الليبرالية. وظهرت على التلفزيون وفي يدها سكين طويلة لپ"تقطيع" كعكة صنعت على شكل خريطة العراق، والشوكولا تسيل منها كالدم. لكن الحملة الحالية تحت شعار مكافحة "العداء للسامية" لها أغراض عدة، قد يكون بينها تشجيع الهجرة الى اسرائيل. اذ طرأ انخفاض في نسبة المهاجرين بعدما سيطر اليهود على أهم المرافق المالية والاعلامية في روسيا، وصارت لهم نسبة تفوق النصف في الديوان الرئاسي. وكان لافتاً تعليق لأحد اشهر الكتاب اليهود، ليونيد رادزيخوفسكي اعتبر فيه ان موقف البرلمان الروسي كان محكاً وان اليهود الذين يقررون البقاء في روسيا الآن "لن يكون بإمكانهم القول ان احداً لم يحذرهم". ومن المقاصد الأخرى إلغاء الحزب الشيوعي الذي ألصقت به تهمة معاداة اليهود، وذلك كخطوة اولى لإقصاء حكومة يفغيني بريماكوف والعودة بالراديكاليين الليبراليين الى السلطة. واللافت ان حملة المطالبة بمنع نشاط الشيوعيين قادها البليونير اليهودي بوريس بيريزوفسكي الذي يشغل منصب سكرتير الكومنولث، وايدته قناة "او.آر.تي" التي يسيطر عليها وقناة "ان.تي.في" التي يملكها فلاديمير غوسينسكي رئيس المؤتمر القومي اليهودي في روسيا. واضطر بريماكوف الى خوض المعركة والتحذير من ان "منع حزب له أكبر كتلة برلمانية سيؤدي الى زعزعة الاستقرار". واستغرب عدد من رجال الدين المسلمين بياناً أصدره مفتي الجزء الأوروبي من روسيا طلعت تاج الدين، طالب فيه ب"الرد فوراً" على ما وصفه بمعاداة السامية.