يعود الالماني هانز - يواكيم كلاين 51 عاماً قريباً ليمثل امام القضاء في بلاده بتهمة المشاركة في عملية احتجاز وزراء نفط دول "اوبك" في فيينا عام 1975، واضعاً بذلك حداً لحوالي 23 عاماً امضاها متخفياً وراء هوية مستعارة. ووافق كلاين امس خلال جلسة مقتضبة عقدتها محكمة كان جنوبفرنسا ان تسلمه السلطات الفرنسية الى السلطات الالمانية التي كانت اصدرت بحقه مذكرة اعتقال دولية عام 1976 بصفته شريكاً للارهابي ايليتش راميريز سانشيز الملقب بكارلوس والمعتقل في باريس، في عملية احتجاز وزراء نفط "اوبك". وافادت هيئة المحكمة ان موعد تسليم كلاين للسلطات الالمانية سيحدد لاحقاً. وكان كلاين اقام على مدى السنوات الخمس التي سبقت اعتقاله من قبل الشرطة الفرنسية في الثامن من ايلول سبتمبر الماضي، في بلدة سانت - اونورين - لاغيوم في النورماندي، حيث كان يقدم نفسه على انه مراسل صحافي. وابتعاده عن كارلوس اثر عملية الاحتجاز التي اسفرت عن سقوط 3 قتلى وتوجيهه على الاثر رسالة في هذا الشأن مرفقة بمسدسه الى صحيفة "درشبيغل" الالمانية، لم يلغ بنظر اجهزة الامن المختلفة دوره فيها، ولم يكن امامه سوى العيش متنقلاً بين الدول التي تقبل باستقباله. وبعد الجزائر، حيث اقام فور عملية فيينا وعولج من الجروح التي اصيب بها، انتقل مزوداً بجواز سفر بوليفي الى جنوب اليمن وثم الى يوغوسلافيا وبعدها العراق وايطاليا. اينما حلَّ، كان كلاين يشعر بأنه مطارد ليس من قبل اجهزة الامن فحسب بل كذلك من كارلوس ومعاونيه الذي لم يغفر له ابتعادهم عنه، فانهك من جراء ما وصفه في كتاب اصدره في فرنسا سنة 1980 "حياة مليئة بالاخطاء والاكاذيب والفرار الدائم". وفي المقابل، حظي كلاين على امتداد هذه السنوات بمساعدة بعض اليساريين والمثقفين الذين شكلوا منذ سنة 1978 ما يشبه شبكة الدعم لمصلحته بناء مبادرة من النائب الاوروبي دانيال كوهين بنديت. وضمّت هذه الشبكة شخصيات فرنسية بارزة ليس اقلها الفيلسوف الفرنسي الراحل جان بول سارتر الذي تولى عملية جمع تبرعات لصالح كلاين في الوسط الفكري والفني الفرنسي. وعقب صدور كتابه الذي حمل عنوان "موت مرتزق" تولى الكاتب الفرنسي اندريه غلوكسمان جمع عائدات الكتاب وتوجيهها سراً الى كلاين في مكان اقامته. وفي غضون ذلك، كان كوهين بنديت يعمل على مخرج يتيح لكلاين الخروج من السرية، مستفيداً من الاستراتيجية التي اعدتها الاستخبارات الالمانية للتعامل مع الارهابيين السابقين. وتقضي بادلائهم بشهادات مفصلة حول ما قاموا به. وكادت هذه الاتصالات التي بدأها كوهين - بنديت سنة 1993 ان تتوصل الى نتيجة تقضي بأن يسلم كلاين نفسه للقضاء الالماني لقاء تسهيلات معينة في التعامل معه، لولا ان اجهزة الامن الفرنسية تمكنت من كشف هويته الحقيقية وأقدمت على اعتقاله. واعد كلاين خلال الاشهر التي سبقت اعتقاله كتاباً سيصدر قريباً ويحمل عنوان "بعث حلياً" "Ressucitژ".