حُلت أمس الأزمة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر بسبب رفض الأخيرة استقبال وفد الترويكا بسبب تدني مستوى تمثيله. إذ وافقت أوروبا على رفع مستوى التمثيل في الترويكا ليصبح على مستوى وزراء الدولة للشؤون الخارجية بدل المدراء. واعلنت وزارة الخارجية الجزائرية مساء أمس ان وفد الترويكا سيزور الجزائر الاثنين. وجاء في بيان مقتضب للوزارة ان "هذا الموعد تقرر بعد مشاورات بين الحكومة الجزائرية والرئاسة البريطانية" للاتحاد الاوروبي. وكانت الحكومة الجزائرية اكدت في وقت سابق موافقتها على زيارة الوفد الذي سيضم وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية ديريك فاتشيت ونظيرته النمسوية بينيتا فيريرو فالدنر ووزير الدولة للشؤون الخارجية في لوكسمبورغ جورج فولفارت. وكان وزير الخارجية البريطاني روبن كوك اعلن في بيان وزع أمس في لندن انه أجرى اتصالات مع وزير الخارجية الجزائري السيد أحمد عطاف مساء الاربعاء وصباح أمس انتهت بالاتفاق على أن يقوم وفد "وزاري" يمثل الترويكا النمساوبريطانيا ولوكسمبورغ بزيارة الجزائر "الاسبوع المقبل" ل "استكمال الحوار السياسي بين الاتحاد الأوروبي والجزائر والذي بدأ خلال المحادثات بين الوزير عطاف ووزير خارجية لوكسمبورغ جاك بوس في تشرين الثاني نوفمبر الماضي". وأوضح ناطق باسم الخارجية البريطانية ان وفد الترويكا سيرأسه وزير الدولة في الخارجية ديريك فاتشيت. لكنه قال ان برنامج الزيارة لم يتحدد بعد، لكن تقرير الترويكا سيكون جاهزاً ليدرسه وزراء خارجية الاتحاد في اجتماعهم المقرر في 26 كانون الثاني يناير الجاري. وفي بروكسيل، أعلنت رئاسة الاتحاد الأوروبي ارتياحها لقرار ايفاد الترويكا "الوزارية" الاسبوع المقبل الى الجزائر. وكان وزير الخارجية أحمد عطاف رفض استقبال ترويكا اوروبية تتألف من كبار الديبلوماسيين لسبب تدني تمثيلها السياسي وما أسماه بتغيير الاتحاد قاعدة الاتفاق مع الجزائر على اجراء حوار يهدف الى اقامة تعاون لمكافحة الارهاب. وذكرت مصادر أوروبية أمس في بروكسيل ان الترويكا الوزارية ستبحث مع المسؤولين الجزائريين "كافة القضايا ومنها مكافحة الارهاب من أجل وضع حد لآلام السكان المدنيين". وأشارت الى مداخلة أكد فيها وزير الخارجية البريطاني روبين كوك، قبل يومين أمام البرلمان الأوروبي، بأن الاتحاد "يتطلع لايجاد سبل المساعدة". وذكر ناطق أوروبي بأن مفوض الشؤون المتوسطية مانويل مارين "ينتظر أن تؤكد الترويكا الوزارية تضامن الاتحاد واستعداده لمساعدة الجزائر على انهاء الأزمة". واستبعد ناطق باسم الاتحاد احتمال إثارة فكرة "لجنة تحقيق دولية" في المذابح. وذكر "بأن الاتحاد لم يدعم هذه الفكرة". وتمثل مسألة التعاون لمكافحة الارهاب احدى القضايا الرئيسية التي ستبحث في الاجتماعات الجزائرية - الأوروبية. وقال مصدر أوروبي رفيع المستوى ل "الحياة" ان الجزائر تنتقد منح حق اللجوء السياسي لأنصار التيارات الاسلامية" وتنتقد في شكل خاص كلا من بريطانيا والسويد لأنهما تؤويان عدداً مهماً من انصار الجبهة الاسلامية للانقاذ". وشكك المصدر في وجود "اجماع" على الصعيد الأوروبي للتعاون مع الجزائر من أجل مكافحة الارهاب "لأن لكل بلد عضو في الاتحاد أوضاعه الخاصة التي يمنحها كل أولوياته. فليس من مصلحة فرنسا اقامة تعاون مطلق ومحصور مع الحكومة الجزائرية لأنها تخشى انفجار أعمال انتقامية من جانب الجماعات المسلحة"، كما لا يمكن بريطانيا "مسايرة طلبات الحكومة الجزائرية والاستجابة لها مئة في المئة لأن غالبية الجالية الاسلامية تحظى بحقوق المواطنة الكاملة وتمثل محيطاً مناسباً لنشاط مختلف التيارات الاسلامية ومنها المتطرفة". وفي باريس أ ف ب، قال الوزير أحمد عطاف في حديث مع محطة الاذاعة الفرنسية الخاصة "اوروب 1" ان رفض السلطات الجزائرية الاربعاء استقبال وفد من كبار موظفي الترويكا لا يعني رفضاً لاستقبال وفد أوروبي. ورداً على سؤال حول ما اذا كانت الجزائر مستعدة لأن تستقبل سريعاً وفداً من ثلاثة وزراء اوروبيين من مستوى سياسي كبير، قال عطاف "نعم بالتأكيد. لقد قلنا ذلك منذ البداية. وعلى جدول اعمالنا يجب ان ترد مسألة التعاون في مجال مكافحة الارهاب". وأوضح ان موقف الجزائر الذي اعلنته الاربعاء "لا يعني على الاطلاق رداً للمبادرة ورفضاً. لقد انطلقنا من قاعدة معينة ثم تغيرت هذه القاعدة. انطلقنا من قاعدة سياسية هي ان المهمة يجب ان تكون استكمالا للحوار القائم بين الجزائر والاتحاد الاوروبي، خصوصاً حول مسألة مكافحة الارهاب. لكن هذه القاعدة التي كانت واضحة تماماً بالنسبة الينا شوهت وتحولت مبادرة على مستوى كبار الموظفين تستبعد مسألة الارهاب التي تعتبر بالنسبة الينا اساسية في هذا الحوار". وأضاف "ان دعوتنا ما زالت قائمة وكذلك استعدادنا لاجراء نقاشات ومشاورات بهدف ايجاد ارضية تفاهم يجب، في نظرنا، وفي كل الاحوال، ان تمر عبر مهمة على مستوى سياسي لا تستبعد مسألة الارهاب".