تداولت بعض وسائل الإعلام السعودية أخيراً خبراً طريفاً عن الحكم على أحد ممارسي «الرقية الشرعية» في العاصمة السعودية بالسجن مدة ستة أشهر والجلد 200 سوطاً ومنعه من ممارسة هذه المهنة لإدانته بمحاولة تطليق مواطنة من زوجها عبر تشويه سمعتها رغبة في الاقتران بها على سنة الله ورسوله. ويبدو أن الراقي الذي أرسل، بحسب الخبر، رسائل نصية عدة إلى هاتف زوج المرأة ليشككه في سلوكها قبل أن يضع أوراقاً على سيارته تتضمن معلومات عما وصفه بفسادها، أغرم بالضحية بعد جلسة «رقية» معتبرة وقرر ألا يفارقها طوال حياته وهذا ما يمكن وصفه ب «الحب من أول رقية»، ومن المؤكد بالطبع أن حادثة كهذه ليست حادثة استثنائية أو نادرة في ظل انتشار ظاهرة «الرقاة والمسترقين» بكثافة في مدن وقرى السعودية، وتحول المسألة إلى سوق ضخمة للدجل والضحك على الذقون وممارسة الحب أيضاً. لا بد من الإشارة هنا إلى أن معظم من اتخذوا من هذا النوع من الدجل مهنة لهم، ينشطون في المدن الكبرى التي يتميز كثير من سكانها بكونهم متعلمين وعلى قدرٍ من الوعي يُفترض أن يجنبهم الوقوع في مثل هذه الألاعيب القديمة، لكن هذا لا يحصل للدرجة التي بات يتحول معها بعض اللصوص والمجرمين إلى أثرياء ووجهاء بفضل مهنة بيع الماء «المقروء فيه» ب50 ضعف سعره قبل القراءة، وهذه الأرباح لا يمكن تسجيلها حتى في أكبر صفقات الاتجار بالممنوعات، أضف إلى ذلك الأرباح غير المادية من علاقات واسعة ووجاهة اجتماعية، أي أن هذه التجارة من السهل أن تفوز بلقب أكثر تجارة ربحاً في العالم. إن مناقشة قضية مكافحة الدجل بالممارسات ذات الخلفية الدينية لدينا باتت أمراً بلا جدوى، فلا التوعية قادرة على تحصين زبائن هؤلاء الدجالين، ولا العقوبات كافية لردع من يربح أرباحاً بهذا الحجم، ذلك لأن المريض الذي وصل إلى مرحلة اليأس التام من العلاج بالطب الحديث كالغريق الباحث عن قشة، وإن كانت وهماً، ولن يتورع عن خوض أي حماقة من هذا النوع، أيضاً العقوبات الصارمة لم تمنع تجارة المخدرات المربحة في أي بقعة من بقاع هذا الكوكب، فكيف يمكن أن تمنع تجارة تدر ربحاً أعلى، ولذلك فإن كل ما يمكن وسائل الإعلام فعله في هذا الشأن هو نشر حكايات ومغامرات الرقاة كمادة طريفة لتسلية القراء الذين تشبعوا بأخبار النزاعات السياسية، والمستجدات الاقتصادية، وأخبار العلاقات العامة التي تصفعهم بشراسة كل صباح ومساء، وبما أن الحال كذلك فيجدر بنا أن نبدأ بالحديث عن الأشياء التي من الممكن أن تحدث «من أول رقية»، غير الحب طبعاً، هناك مثلاً البصق من أول رقية، وفي هذه المسألة تتفوق المسترقيات على المسترقين، كونهن يتمتعن غالباً بغطاء الوجه الذي يمنع بصاق الراقي من اختراق أجهزتهن التنفسية مباشرة، وهذا يقودنا إلى اكتشاف فائدة جديدة تضاف لفوائد غطاء الوجه، وقد نجد أحدهم يدرجها مستقبلاً في كتاب بعنوان «الإعجاز الخلاب في البرقع والنقاب». أيضاً هناك «الخنق» من أول رقية، و«الصفع» من أول رقية، و«الحضن» من أول رقية، وأترك لكم تعداد ما شابه ذلك وما خالفه، لأتذكر المقولة الشهيرة للزعيم المصري الراحل «سعد زغلول» حين يئس من الحياة ومن تعديل وضع شعبه فردد: «غطيني وصوّتي يا صفية»، وأتخيل أن صفية أخرى في الرياض أو الدمام أو جدة تجلس بجوار زوجها في وضع كوضع سابقتها وهو يردد «ارقيني ونامي يا صفية»، فتنصحه بزيارة الشيخ أبو فلان الراقي في منزله المجاور لمنزل الشيخ أبو علاّن المعالج بالقرآن، المقابل لمكتب الشيخ أبو حلمان مفسر الرؤى والكوابيس، حرسنا الله وإياكم منها. [email protected] twitter | @Hani_AlDhahiry