بعد أن تسلمت النساء السعوديات زمام عملية بيع وشراء «ملابسهن الداخلية» بقوة النظام أخيراً، تحركت بكل قوة جهات مختلفة لإجهاض مشروع تأنيث محال المستلزمات النسائية، كما حدث عام 2006، عبر ترويج الإشاعات والأكاذيب على شكل أخبار تنشرها الصحافة والمواقع الالكترونية، بهدف إثارة الرأي العام ضد المشروع، وهي حيلة بائسة لم تعد تنطلي على أحد في عام 2012، أما طموح من يقفون خلفها فيمكن وصفه ب «حلم إبليس باللانجري». قبل أن أتحدث عن أطرف وآخر «رفسات» المعارضين للمشروع لابد من الإشارة إلى أنهم فئتان محددتان، إحداهما فئة «التجار الجشعين»، الذين لا يريدون أن يستبدلوا بالعمالة الآسيوية الرخيصة مواطنات، كون رواتبهن تأكل نسبة من هامش الربح العالي في هذه التجارة، والأخرى، هي الأشرس والأكثر صخباً، يمثلها «المتنطعون» الذين خاضوا معارك شرسة لإيقاف تطبيق القرار منذ صدوره في عهد الوزير الراحل الدكتور غازي القصيبي «رحمه الله»، وهؤلاء أجندتهم مختلفة عن أجندة التجار الجشعين، على رغم توحد هدف الفئتين، فأرباب التنطع والتشدد لديهم مشكلة أزلية مع عمل المرأة، وهم ذاتهم من حرّموا تعليم البنات في ستينيات القرن الماضي، ومازالوا يضعون العراقيل المختلقة في وجه كل محاولة لإشراك نصف المجتمع «الناعم» في عجلة التنمية الوطنية، كل هذا لأنهم لا يمكن أن يتصوروا أن تخرج المرأة من قالب الصورة الذي وضعوها فيه، فالمرأة في عرفهم أداة للاستخدام في الفراش وجارية لخدمة الرجل، أما أن تعمل وتستقل بذاتها فهذا يعني تهشيم القالب النمطي، وأكاد أجزم أن جميع من يصرخون ويعارضون عمل النساء في بيع مستلزمات بنات جنسهن، إنما يفعلون ذلك وأعينهم تنظر إلى نسوتهم في الخلف، وما يشهد على ذلك أن أحدهم يتهم كل من يدعم حقوق النساء في العمل والاستقلال بأنه يريد «إخراج النساء من بيوتهن»... نعم هذه هي الحكاية ومربط الفرس ومحور كل الصراع، باختصار «خروج المرأة من البيت»، أما مسألة عملها في البيع والشراء أو هندسة الطائرات فهذا أمر آخر وليس أساسياً... هم يريدونها «جارية» فقط، بينما خروجها للعمل يعني خروجها عن سلطة الذكر أو سيّدها في تصورهم، أما تعاليم الدين فهي بريئة منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب، مهما حاولوا استخدام الدين كوسيلة للحفاظ على امتيازاتهم الذكورية الموروثة، جرياً على المثل الشعبي المعروف «الدين طير حر (صقر) من صاده، صاد به». أعود للحديث عن آخر وأطرف «رفسات» المتنطعين التي تزامنت مع بداية تطبيق القرار، أحد أشهر هؤلاء خرج عبر صفحته في «تويتر» معلناً أنه تم القبض أخيراً على فتاة تعمل في محل لبيع المستلزمات النسائية في حال «خلوة غير شرعية» مع شاب تعرفت عليه أثناء تسوقه من المحل، وزيادة في التشويق كشف صاحبنا المتنطع أن الخلوة تمت في مواقف السيارات، والعياذ بالله، قبل أن يتساءل بقوله: إلى أين يقودنا وزير العمل؟! طبعاً وكعادة أقاصيص هؤلاء النواحين، كان لابد أن تختم الدراما بسؤال كالسابق يوضح الهدف من إيرادها، متوقعاً أن تثير هذه «الخبرية اللولبية» الناس ضد القرار، لكنه صُدم بسخرية الناس منه، فهم يعرفون جيداً عشرات القصص الحقيقية عن تحرشات واعتداءات الباعة الذكور على النساء قبل القرار، وجرائمهم التي طارت بها الركبان، ويعرفون أيضاً أن حلم هذا الشيخ المتنطع ب «اللانجري» اليوم بات كحلم إبليس بالجنة. [email protected] twitter | @Hani_AlDhahiry