هل يمكن أن تتحول سنة نبوية إلى معصية إلهية؟ هل يمكن أن تتخذ وسيلة شرعية ذريعة لارتكاب محرمات؟ (الرقية الشرعية) وهي سنة محمدية في الاستشفاء والاستطباب جعلها «بعض» الرقاة مدخلًا لمخالفات شرعية مثل الاختلاء بالنساء، وملامسة أجسادهن، والاسترسال معهن في أحاديث خاصة قد تكشف فيها أسرارًا وخبايا. (الرسالة) استطلعت آراء بعض الرقاة والشرعيين حول (الرقية الشرعية) وممارسات بعض الرقاة الخاطئة أثناء ممارستها، وكيفية التقليل من هذه المحاذير في ثنايا الاستطلاع التالي: أوضح الراقي الشرعي إبراهيم عبدالرحمن الردة المشرف على دار الرقية الشرعية بالربوة أن هناك لجنة تعمل منذ فترة لمراقبة عملية الرقاة الشرعيين في جميع مناطق المملكة، وتتكون من الإمارة وهيئة الأمر بالمعروف ووزارة الشؤون الإسلامية والشرطة في كل منطقة، وكشف الردة عن أن هذه اللجنة تقوم بمراقبة الرقاة وضبط المخالفات التي يرتكبها بعضهم؛ حيث تضبط هذه المخالفات وترفع لإمارة المنطقة ويتم إيقافهم عن ممارسة عملية الرقية لعدم توفر الضوابط الشرعية المنصوص عليها، ويتم أخذ تعهد على المخالفين بعدم العودة إلى ممارسة عملية الرقية، مشيرًا إلى أن اللجنة تقوم بزيارتها لتلك الدور المعدة للرقية زيارات مفاجئة ودون مواعيد مسبقة؛ وذلك لمراقبة عملهم واتخاذ الاجراء المناسب مع المخالفين للأنظمة المعمول بها في عملية الرقية ومنعًا لحدوث مخالفات في هذا المجال. كما أن هذه اللجان لديها وسائل وأدوات مختلفة تطلع من خلالها على الرقاة وتصرفاتهم. إلى جانب أن هناك ضوابط صادرة من هيئة كبار العلماء تحدد عمل الرقاة ويستعان بها في تحديد الرقاة الشرعيين. وأكد الردة أنه لا بد من وضع تنظيم متكامل لعملية الرقية في السعودية من إيجاد التراخيص إلى التعامل مع المخالفات وصولًا إلى المنع من ممارسة الرقية بشكل نظامي. كما أكد أن الهدف الأساس من الرقية الشرعية نفع الناس والاحتساب بدون أن يكون المقصد الإيراد المادي، موضحًا أن المادة إذا دخلت في المهنة تحيلها إلى تجارة بحتة لا تجعل الراقي يؤثر في المقروء عليه. علم مستقل من جانبه أوضح إمام وخطيب جامع معاوية بن أبي سفيان محمد سعيد زارع أن الرقية الشرعية علم مستقل وتخصص لا يعلمه كل الناس، فليس كل شيخ راقيًا، وليس كل راق شيخًا، وأفاد زارع أن الرقية الشرعية تحتاج إلى هيئة رقابية تختص بالرقابة، وتكون هذه الهيئة مستقلة أو مرتبطة بوزارة الشؤون الإسلامية، ويجب تشديد الرقابة على بعض التجاوزات التي قد يقع فيها الرقاة، وكذلك المحاذير الشرعية التي قد تحدث من بعضهم، وذكر زارع أن هناك من وقعت منهم مخالفات عقدية. وشدد قائلًا: لا بد من إخضاع هؤلاء الرقاة لدورات تأهيلية قبل منحهم التراخيص لمزاولة الرقية الشرعية، كما طالب زارع برفع مستوى تأهيلهم في الجانب الشرعي وفي مهارات التعامل مع الآخرين. وبين زارع أن المخالفات التي تحدث من الرقاة كثيرة، منها ما يكون في الجانب الشرعي، وبعضها في طلب الربح التجاري، والبعض الآخر في السلوك المستخدم في العلاج. داعيًا إلى ضرورة أن توضع حدود وضوابط للرقية والرقاة للحد من التجاوزات التي تحدث من بعض الدخلاء على هذه المهنة. وأكد زارع أن العلماء أجمعوا على جواز الرقية عند اجتماع ثلاثة شروط، أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي وما يعرف معناه، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى، وأضاف زارع أن أفضل الرقى ما كان ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما «قل هو الله أحد»، و«قل أعوذ برب الفلق»، و«قل أعوذ برب الناس»، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات. ونصح في ختام حديثه بأن يرقي الشخص نفسه بنفسه من خلال قراءة القرآن الكريم والأدعية الواردة في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والإلحاح على الله في الدعاء وعدم التعلق بالغير. اختلاط وفي سياق متصل أوضح الراقي علي المطيري من المدينةالمنورة أن بعض الرقاة من يكون لديهم اختلاط بالنساء أو ملامسة أجسادهن، وأكد أن تعاليم الإسلام صريحة في مسألة الخلوة والاختلاط وبخاصة عند الرقية، واعتبر المطيري أن هذا الأمر يعد من مصائد الشيطان لبعض الرقاة؛ لذا فلا يجوز التساهل في الأمر بوجه من الوجوه، كما أنه يجب على المرأة أن تأخذ معها من المحارم من يكون مدركًا لمثل هذه الأمور. وأكد المطيري أن بعض النساء تتساهل بالحديث مع الرقاة، وتحدثهم عن كل صغيرة وكبيرة في حياتها، وتشكي إليهم وكأنه العارف بكل شكوى، أو المنقذ من كل مشكلات الحياة، موضحًا أن من الرقاة من ليس له خبرة بالأساليب النفسية أو الحلول التربوية لذا تجده يقدم على حلول غير واقعية وغير عملية. وشدد المطيري على أن الجمع بين النساء والرجال في الرقية الجماعية مثلما يحدث عند بعض الرقاة يعد محذورًا شرعيًا، ولا يجوز بأي حال من الأحوال،؛ لأنه لو جاز الجمع بين الرجال والنساء لكان ذلك في الصلاة. وهذه الاماكن يراد بها الاستشفاء وطلب الشفاء من الله عز وجل والله جل وعلا لم يجعل شفاء أمته في محرمًا.