اعترض اختصاصيون في الشريعة وعلم الاجتماع على انتشار مصطلح «النحس» واعتقاد وجوده بين كثير من أفراد المجتمع السعودي، معتبرين أن هذا الوصف الذي يطلقه الإنسان على نفسه أو على ما حوله، مخالف للشريعة الإسلامية ومنطق التفكير السليم، خصوصاً إذا بلغ حدود السلبية والتشاؤم والتشكي من الأقدار. وقال أستاذ العقيدة في جامعة أم القرى المدير التنفيذي لملتقى العلماء الدكتور سعد الشهراني «إن كلمة النحس أو صفة المنحوس مصطلح غير صحيح، وهو من الألفاظ الدارجة في المجتمع التي تنتشر بسبب الجهل وليس لها أي أصل شرعي، موضحاً أن الاعتقاد بها يدخل ضمن التشاؤم الذي ينهى عنه الإسلام». ولفت إلى أن انتشار مصطلح النحس بين الأفراد يعود إلى ثقافة المجتمع نفسه، عاداً ذلك من الألفاظ الدارجة والرائجة جراء الجهل والتقليد. وشدد على أن من يصف نفسه بالنحس أو يصف غيره بالمنحوس آثم، «لأن هذا قدر والقدر غيب لا يعلمه إلا الله». ووافقه الرأي أستاذ الفقه بجامعة الطائف الدكتور جميل اللويحق بأن النحس ليس له أي أصل في الشرع، موضحاً أن «ما يجري للإنسان أقدار مكتوبة، وأن ما يصيب الإنسان كله خير علم به أو جهله، ظهر له في الدنيا أو في الآخرة». وزاد: «لا يوجد شيء اسمه نحس وما يصيب الإنسان من خذلان أو عدم توفيق قدر من الله على هذا الإنسان، ولله في مقاديره حكمة، وقد يكون الخير له بصرفه عنه»، مشيراً إلى أن تقول الإنسان على نفسه بأنه منحوس مغالطة لواقعه وتشك من القدر لا يجوز شرعاً. ومنوهاً إلى أن مصدر انتشار مثل هذه الكلمات قد يكون من وسائل الإعلام، إذ إن الإنسان المؤمن يعلم كل العلم أن كل شيء مكتوب ومقدر له، كما قال الرسول صلوات الله وسلامه عليه «عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له»، مضيفاً أن الإنسان لا يعلم ما تحمل له الأقدار. وأكد أن هناك الكثير من الناس الذين يصفون أنفسهم بأنهم منحوسون، ويجب تذكير هؤلاء بأن أمر الله كله خير، ولا يعلم الإنسان أين الخيرة. أما الاستشارية النفسية والأسرية في مركز استشارة للتطوير الذاتي والنفسي الدكتورة فوزية اشماخ فأوضحت أن النحس من المعتقدات الخاطئة التي تصل إلى الإنسان أثناء الطفولة ومن خلال التنشئة الاجتماعية والبيئة المحيطة. وأكدت أن بعض الأسر تعاني هوساً بمعتقدات معينة خاطئة، فينشأ عليها الأطفال ويتشربونها ومن ثم تسيطر عليهم حتى يصلوا إلى مرحلة من اليأس أو عدم الثقة بأنفسهم، ويصبح اعتقاداً راسخاً لديهم أنهم مهما فعلوا فإنهم غير محظوظين أو منحوسون. وحذرت اشماخ الآباء والأمهات من عدم تسريب تلك المعتقدات الخاطئة لأطفالهم، كأن يقول بعض الوالدين لطفله أنت منذ قدومك ووجهك لم يكن خيراً علينا. وقالت: «يجب أن نكون حذرين ونبتعد عن تلك الأمور التي تجعل العقل يفكر بطريقة غير موضوعية وغير منطقية». وأبدت أسفها من انتشار الاعتقاد بمثل هذه المصطلحات في المجتمعات العربية، وهو ما يشكل مستقبلاً شخصية الشعوب ووجهتها.