دخل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان على خط السجال بين قوى المعارضة والبطريرك الماروني نصرالله صفير على خلفية موقفه عشية الانتخابات بأن فوز المعارضة يهدد الكيان اللبناني والوجه العربي للبنان. وطالب قبلان صفير من دون أن يسميه، بتوضيح ما أثاره «كي لا يبقى ذلك مثار تفسيرات وتأثيرات نحن جميعاً بالغنى عنها»، بينما تواصل توافد الشخصيات السياسية إلى بكركي دعماً لمواقف صفير. وعقّب قبلان على السجالات الأخيرة ببيان أمس قال فيه: «كنا ولا نزال نرى في هذا الوطن نموذجاً فريداً نسعى دائماً إلى الحفاظ عليه وحمايته، وبلداً للتعايش والحوار والحرية والكرامة، وفي سبيله سقى خير أبنائه ترابه دماء طاهرة حفاظاً على هويته العربية، وصوناً لكيانه المهدد من عدو وحيد هو العدو الإسرائيلي». وأضاف: «لطالما كان جهدنا ولا يزال منصباً على انتظام اللبنانيين ضمن دولتهم التي يحكمها الدستور الضامن لشراكة كل الألوان اللبنانية في إدارة هذا البلد والنهوض به بعيداً عن منطق الربح والخسارة، لأن لبناننا محكوم بتعاون الجميع وتوافقهم». وتابع: «لطالما كنا نرغب ولا نزال في أن يكون دور المرجعيات الدينية فوق الانقسامات الطائفية والمذهبية، وبعيداً عن الاصطفافات السياسية أو عن تصنيف اللبنانيين الذين هم جميعاً أبناء لهذا الوطن، ومن حقهم اختيار ممثليهم في إطار من التنافس الحر والديموقراطي بعيداً عن التدخلات الخارجية أو انتهاج أساليب غير قانونية وغير أخلاقية لمصادرة إرادتهم». وزاد قبلان: «ما كنّا نرغب يوماً في أن نسمع ما سمعناه من اتهامات وأقوال، لأنه لا يحق لأي كان أن يفرّق بين اللبنانيين، أو يحدد مدى أصالة انتمائهم لوطنهم، وهي اتهامات لم يتم حتى الآن توضيحها، بل نرى إصراراً عليها، وهذا ما يثير القلق حيال النظرة إلى أبنائنا من اللبنانيين، والتحريض عليهم وعلى حرياتهم، بل وصل الأمر إلى التحريض على عقائدهم، وهذا ما نحذر الجميع من خطورته وانعكاساته على الوطن وأهله». وسأل: «هل ما سمعناه يعني اتهاماً لهؤلاء بهويتهم العربية؟ وهم الذين ينتمون دماً ونسباً ولساناً وفكراً وثقافة إلى العرب الأقحاح، قبل أن تطأ أقدام الكثيرين هذا الوطن، والذي شرع البعض أبوابه على شتى الهويات الأجنبية لاستلاب هويته العربية. وهل ما سمعناه يعني اتهاماً لأبنائنا بأنهم يهددون الكيان؟ وهم منذ تأسيس هذا الوطن دفعوا في سبيل قيامته ومن ثم تحريره وبناء مؤسساته أثماناً باهظة، من دماء غالية وتضحيات جسيمة، في وقت كان البعض يمعن في تهديم مؤسسات الدولة وسكوته عن الاحتلال الإسرائيلي وأطماعه في بلادنا». وتابع سائلاً: «ألا يدرك من يطلق هذه الاتهامات ما تثيره في النفوس من أسئلة وهواجس لم نجد ما يبرد من حرارتها؟ فإذا كان من حق أي منا أن يبدي رأياً سياسياً يحتمل الصواب والخطأ والنقد، فإننا من موقع الحرص على دور المرجعيات الدينية كصمام أمان لهذا الوطن، ندعو إلى توضيح ما أثارته كي لا يبقى ذلك مثار تفسيرات وتأثيرات نحن جميعاً بالغنى عنها». نشاط بكركي وفي بكركي التقى صفير نواباً وسياسيين أيدوا مواقفه، رافضين التعرض له. والتقى صفير نائبي «القوات اللبنانية» ستريدا جعجع وإيلي كيروز الذي تلا بياناً بعد اللقاء أكد فيه أن «بكركي هي المرجعية الوطنية الثابتة التي لا يتبدل خطابها ولا تتغير مبادئها مع تغير الأنظمة والظروف، وبالتالي فإن البطريرك صفير عندما يتكلم فوفق الرؤية التاريخية لبكركي الى لبنان كوطن سيد حر يحترم الحريات والتعددية والديموقراطية وحقوق الإنسان». وقال: «اننا نثني على المواقف الأخيرة للبطريرك الماروني قبل الانتخابات»، معتبراً أن صفير «يريد الحفاظ على لبنان». ورأى أن التعرض لصفير «يراد منه التعويض على الخسائر الانتخابية التي مني بها الفريق الآخر. ومع ذلك نحن لنا ملء الثقة بصمود البطريرك وتجاوزه بعض الإساءات التي لا بد وأن بعضها ارتد على أصحابها بعد اعلان النتائج... ان نتائج الانتخابات، ان دلت على شيء فعلى تعلق اللبنانيين والمسيحيين خصوصاً بخط بكركي التي كانت حاضرة دائماً في المراحل المفصلية، ولذلك نعتبر اننا وبكركي في موقف واحد، دفاعاً عن لبنان وخصوصيته، ورفضاً للرهانات المرتبطة بالخارج أياً كان». وقال عضو كتلة «المستقبل» النيابية هادي حبيش بعد لقائه صفير: «توافقنا على ضرورة ان تأخذ الديموقراطية مجراها وأن تحكم الأكثرية النيابية وتعارض الأقلية النيابية». وأوضح حبيش أن «لا قرار نهائياً حتى الآن في موضوع انتخاب الرئيس نبيه بري مجدداً لرئاسة المجلس»، معلناً تأييده «التفاهم والرئيس بري على بعض الأمور التي كانت عالقة بيننا وبينه في المرحلة السابقة». وقال: «مما لا شك فيه ان لدى نواب 14 آذار في شكل عام، الكثير من التعليق على آراء الرئيس بري خلال المرحلة السابقة، خصوصاً ان معظمهم سكنوا الفنادق نتيجة الاغتيالات، والرئيس بري لم يتصل اتصالاً واحداً بأحد خلال هذه الفترة للاطمئنان عنهم ، وهناك الكثير من القوانين التي تم اقتراحها لم تصل الى اللجان، لذلك ينبغي التوصل الى تفاهم مع رئيس المجلس على طريقة التعاطي خلال المرحلة المقبلة، وهذه ليست شروطاً بل اعتبرها تفاهمات للاتفاق معه». وعن الحكومة المقبلة، قال: «شخصياً رأيي ان تحكم 14 آذار و8 آذار الفريق الذي يراقب، ولكن اذا أرادت 8 آذار المشاركة في الحكم تحت ستار المشاركة فلا مانع ولكن لتكن من دون الثلث المعطل». وقال رئيس «حزب الاستقلال» ميشال معوض بعد لقائه صفير: «لماذا ممنوع على بطريرك الموارنة إعطاء رأيه السياسي المنبثق من الثوابت اللبنانية، بينما يملك الذين يتعرضون لبكركي وسيدها جيشاً خاصاً يحتلون بموجبه شوارع بيروت عند انتقادهم؟»، معتبراً أن «هذا المنطق مرفوض وغير مقبول».