القادسية يعمق جراح الاتفاق بثنائية في ديربي الشرقية    الصحة.. الاستثمار والمستقبل    لبنان: استمرار العدوان..ورفض لمساعي وقف النار    ترمب وهاريس.. سباق محموم وتصعيد كلامي    إرسال 10 آلاف جندي إسباني إلى فالنسيا    زيلينسكي يطلب بوقف القوات الكورية الشمالية    ولي العهد.. ورؤية المملكة حول ما يجري في المنطقة    الفتح يتعادل مع الفيحاء إيجابياً في دوري روشن السعودي للمحترفين    القبض على 5 أشخاص في جدة لترويجهم مواد مخدرة    التوتر خلال الاختبارات طبيعي    وجاء رجل    المملكة تستعرض جهودها لحماية البيئة    التعاون يواصل التعثر في «دوري روشن» بالتعادل مع الخلود    فتيات ينتجن مستحضرات من التمور    دعوة لتبني تقنياتٍ جديدة لتعزيز استدامة البيئة البحرية    الهلال الأحمر بالجوف يرفع جاهزيته    طلاب جازان يتفننون بالابتكارات والبحوث    المُدن السعودية.. تنميةٌ واستدامة    خطيب المسجد الحرام: الزموا حفظ كرامة البيوت    خطيب المسجد النبوي: املؤوا قلوبكم بحُب الرسول والشوق إليه    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُنقذ "ستينية" مصابة بالسكري من بتر الساق    «سعود الطبية» تنفذ 134 ألف زيارة رعاية منزلية في خمس سنوات    أول صور ثلاثية للغدة الزعترية    المملكة تعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف بالسودان    بالإجماع.. إعادة انتخاب عبدالله كامل رئيساً لإدارة مجلس «عكاظ» ل 5 سنوات    أودية ومتنزهات برية    مخالفو الإقامة الأكثر في قائمة المضبوطين    حين تصبح الثقافة إنساناً    "فيفا" ينهي تقييمه لملف ترشح المملكة لإستضافة مونديال 2034    مجلس إدارة رابطة أندية الدرجة الأولى للمحترفين يعقد اجتماعه 11    ميقاتي يتابع قضية اختطاف مواطن لبناني    فرع الصحة بجازان ينظم مبادرة "مجتمع صحي واعي" في صبيا    بلدية محافظة البكيرية تنفذ فرضية ارتفاع منسوب المياه وتجمعات سطحية    في الجوف: صالون أدب يعزف على زخات المطر    وزير الإعلام يرعى ملتقى المسؤولية المجتمعية الثاني في 20 نوفمبر    منطقة الجوف تكتسي بالبياض إثر نزول البرد مع هطول الأمطار الغزيرة    الهلال يطوي صفحة الدوري مؤقتاً ويفتح ملف «نخبة آسيا»    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تعقد المؤتمر العالمي لطب الأعصاب    اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر    الأردن: لن نسمح بمرور الصواريخ أو المسيرات عبر أجوائنا    إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية    وسم تختتم مشاركتها في أبحاث وعلاج التصلب المتعدد MENACTRIMS بجدة    حقيقة انتقال نيمار إلى إنتر ميامي    مرثية مشاري بن سعود بن ناصر بن فرحان آل سعود    مثقفون يناقشون "علمانيون وإسلاميون: جدالات في الثقافة العربية"    معدل وفيات العاملين في السعودية.. ضمن الأدنى عالمياً    أمانة القصيم تقيم المعرض التوعوي بالأمن السيبراني لمنسوبيها    الكلية التقنية مع جامعة نجران تنظم ورشة عمل بعنوان "بوصلة البحث العلمي"    ماسك يتنبأ بفوز ترمب.. والاستطلاعات ترجح هاريس    المذنب «A3» يودِّع سماء الحدود الشمالية في آخر ظهور له اليوم    الرياض تشهد انطلاق نهائيات رابطة محترفات التنس لأول مرةٍ في المملكة    حائل: إطلاق مهرجان هيئة تطوير محمية الملك سلمان بوادي السلف    البدء في تنفيذ جسر «مرحباً ألف» بأبها    أمير المدينة يرعى حفل تكريم الفائزين بجوائز التميز السنوية بجامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان ملك إسبانيا إثر الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق بلاده    مدير هيئة الأمر بالمعروف في منطقة نجران يزور مدير الشرطة    أمير منطقة تبوك ونائبه يزوران الشيخ أحمد الخريصي    لا تكذب ولا تتجمّل!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تداعيات الدعاوى الفيديرالية على مصارف أميركية كبرى
نشر في الحياة يوم 08 - 09 - 2011

عندما تقدمت الحكومة الفيديرالية الأميركية بدعاوى قضائية على 17 مصرفاً رئيساً في الولايات المتحدة وأوروبا تطالب فيها بتعويضات تُقدر ببلايين الدولارات بسبب عدم تعامل تلك المصارف مع القروض العقارية بشفافية وصدقية وعدم أخذ الضمانات الأساسية في مقابلها، لا بد أن نعي بأن ملف أزمة الديون العقارية الثانوية أو المحفوفة بأخطار لم يُغلق، وهناك ضرورة لإصلاح سياسات التمويل العقاري، علماً أن جل تلك القروض العقارية قُدِّم لمستفيدين خلال انتعاش الأسواق العقارية في الولايات المتحدة، خصوصاً السكن الخاص، وتضخم قيمة المنازل، في وقت حذّر مختصون بأن هناك فقاعة لا بد من أن تنفجر في تلك الأسواق.
ومعلوم أن مؤسستي « فاني ماي» و «فريدي ماك» للرهن العقاري، تكبدتا خسائر فاقت 30 بليون دولار، وبما أن الوكالتين حكوميتان، اضطرت الحكومة الأميركية إلى التدخل وضخ الأموال لإنقاذهما من الإفلاس. وسبق للسلطات المختصة في الولايات المتحدة أن استدعت مسؤولين في المصارف للاستجواب في شأن السياسات الإقراضية التي اتُّبعت لتقديم التمويل ومدى تيقن إدارات المصارف من ملاءة المقترضين وقدرتهم على مواجهة الالتزامات المستحقة على القروض. وتتشكل الدعاوى المشار إليها على خلفية الضمانات في شكل أساسي إذ اتضح أن كثيرين من المقترضين لم يكونوا مؤهلين في شكل مناسب لأداء خدمة الديون التي نالوها من تلك المصارف.
وإذا كانت مسألة القروض غير الجديرة تمثل الشرارة التي سببت الأزمة المالية العالمية عام 2008 فلا بد من الإشارة إلى أن كثيراً من السياسات المتعلقة بالتمويل تتحمل الأوضاع الصعبة التي تعانيها المصارف والمؤسسات المالية. ومن الأمور اللافتة أن أزمات القروض تتكرر منذ عقود. علينا أن نتذكر أزمة الديون السيادية التي عانت منها بلدان أوروبا الشرقية ودول أميركا اللاتينية وعدد من البلدان الأفريقية خلال ثمانينات القرن الماضي. وقُدِّمت القروض آنذاك، إلى البلدان لإسعافها وتمكينها من تمويل التجارة الخارجية وتسديد قيمة الاستيراد، وأحياناً لتغطية العجز في الموازنات الحكومية، وأحياناً أخرى لتسديد خدمة ديون قديمة أخرى.
وهناك كذلك قروض كثيرة قُدمت لتمويل الاستهلاك الشخصي والعائلي ولم تأخذ في الاعتبار قدرة المقترضين من المستهلكين وملاءة مداخيلهم عند توسعهم في الاستهلاك الترفي أو الكمالي. ويعيش العديد من البلدان الأعضاء في منطقة اليورو، أزمة ديون سيادية حادة ستؤدي إلى تآكل القدرات المالية في النظام المالي الدولي وتحرم العديد من البلدان من التمول من أجل دعم التنمية، ناهيك عن أزمات اليابان مع القروض المصرفية وانكشاف تلك المصارف على مقترضين غير جديرين بالثقة في اليابان وعدد من البلدان الآسيوية ما حمّل الحكومة اليابانية التزامات كبيرة لتعويم تلك المصارف والمؤسسات المالية خلال العقدين الماضيين.
ثمة إذاً خلل في قواعد عمليات التحويل، ومنذ زمن طويل، ولم تتم المعالجات المنهجية المستحقة. واللافت أن الأزمات المالية والاقتصادية تنشأ بفعل عجز المدينين عن مواجهة التزامات أو استحقاقات الديون التي اقترضوها. ولا شك في أن القضية برمتها تعود بالأساس إلى الاقتراضات غير المنطقية أو الواقعية لمشاريع وأعمال. وفي الولايات المتحدة يصل معدل الديون إلى الأموال الذاتية إلى 1:4 أي أن الديون تساوي 80 في المئة أو أكثر من قيمة التكاليف، وهي تصل أحياناً إلى 100 في المئة عندما يكون المقترض أكثر جدارة، أو هكذا يُعتقد.
وتُقرَض أموال كثيرة إلى حكومات بزعم أنها ستسدد في الأوقات المحددة ولن تتأخر، وبطبيعة الحال، لا توجد ضمانات للقروض الحكومية أو السيادية وكذلك للسندات التي تُشترى وتصدر لحساب حكومات أو بلديات محلية. هناك فقط الثقة بالجدارة الائتمانية أو تصنيفات الجهات المتخصصة. لكن ما حدث من تمويلات لشراء المنازل في الولايات المتحدة، وربما في العالم، حيث مُنحت قروض من دون دراسات تُذكر في ظل افتراضات بأن الانتعاش مستمر إلى الأبد، وتلك افتراضات خادعة وغير منطقية بموجب القراءة المتأنية للتاريخ الاقتصادي للولايات المتحدة وغيرها من بلدان رأسمالية وصناعية متقدمة. وحدثت انهيارات في الماضي القريب والبعيد، خصوصاً خلال القرن العشرين. أين إذاً دور الجهات الرقابية؟
هنا لا بد من التذكير بأن تلك الأخطاء المنهجية في عمليات الإقراض لم تقتصر على المصارف في الولايات المتحدة أو أوروبا أو اليابان بل امتدت لتشمل بلدان ناشئة ونامية، منها بلدان عربية تشمل عدداً من بلدان الخليج. ولافت أن جل تلك القروض في البلدان الخليجية توجهت إلى عمليات تمويل المشاريع العقارية وعمليات اقتناء الأسهم في الأسواق المالية المحلية. ويمكن أن نذكر بأن معدل التمويل للأموال الذاتية في بلدان الخليج للمشاريع العقارية ربما لم يزد عن 50 في المئة من التكاليف الإجمالية لأي من هذه المشاريع أو 1:1، وهو معدل مناسب. لكن هناك مشاريع لم يكن يجب أن تُنجز نظراً لمحدودية الطلب والقدرات الاستيعابية الضعيفة في هذه الاقتصادات مما جعل من المشاريع بعد إنجازها «فيلة بيضاء» التي لا تفيد.
وهكذا نعود إلى الخلل الأساسي وهو غياب دراسات الجدوى الاقتصادية ذات الصدقية والتي تبين حساب التكاليف والإيرادات المتوقعة والتكاليف الجارية ومن ثم حساب الأرباح والخسائر بموجب افتراضات واقعية وليست وردية. وحتى لو وجدت تلك الدراسات الجديرة بالوثوق فإن عدداً من المستثمرين لا يأخذ بها ما دام ظل مقتنعاً بمشاريعه، بل كان على المصارف أن تجري دراساتها وحساباتها في شكل مستقل وبما يؤكد لها إمكانات تلك المشاريع وأصحابها. ومهما يكن من أمر فإن المرء يأمل من هذا التطور، التحقيق مع إدارات المصارف الرئيسة، في الولايات المتحدة أن يؤدي إلى مراجعات شاملة لفلسفة التمويل وأسس عمليات الاقتراض. ونأمل في أن يستفيد النظام المالي في بلدان المنطقة من تلك المراجعات.
كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية - الكويت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.