يسابق السياسيون في منطقة اليورو عقارب الساعة في مواجهة أسواق المال ووكالات التصنيف الائتماني، مكررين بيانات العزم على مواجهة أزمة الديون السيادية من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المقررة، فيما واصلت أسواق المال حول العالم هبوطاً بدأته الأسبوع الماضي على إثر اتساع أزمة الديون السيادية في أوروبا والولاياتالمتحدة وشكوك وكالات التصنيف في قدرة واشنطن على الوفاء بالتزاماتها حيال حاملي سنداتها. وقال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي إن «الإجراءات التي اتخذتها إسبانيا وإيطاليا من أجل تصحيح أوضاع الموازنة وقرار المصرف المركزي الأوروبي التدخل في سوق السندات ستساهم في استقرار منطقة اليورو». وجدد في بيان التأكيد أن دول منطقة يورو تبذل ما في وسعها من أجل وضع الأدوات اللازمة لتنفيذ الخطة التي وضعتها القمة الأوروبية في 21 تموز (يوليو) الماضي لتفعيل «الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي». ودعت الدول الأعضاء في منطقة اليورو الهيئات التشريعية إلى العودة المبكرة من إجازاتها الصيفية مطلع الشهر المقبل لاستكمال المصادقة على الخطط المالية. وتفوق وتيرة ردود فعل الأسواق نسق عمل السياسيين. ولاحظ الناطق الرسمي الأوروبي أوليفي بايي أن «أسواق المال تتحرك في ثوان بينما الحكومات تخضع لمقتضيات الديموقراطية»، في إشارة إلى وجوب انتظار مصادقة البرلمانات على مقررات القمة الأخيرة حول تمكين اليونان من حزمة قروض إضافية بقيمة 110 بلايين يورو. وساهم المصرف المركزي الأوروبي في مطلع الأسبوع في خفض حدة انهيار الأسهم، إذ اشترى سندات حكومية بقيمة بليوني يورو، ما ساعد في تخفيف الضغط على أسعار فائدة السندات في إيطاليا وإسبانيا حيث سجلت 5.13 و5.05 في المئة على التوالي بعدما تجاوزت ستة في المئة الأسبوع الماضي. لكن مبلغ بليوني يورو يُعد رمزياً مقارنة بحاجة البلدين، فقد يحتاج المصرف إلى التدخل بما لا يقل عن 100 بليون يورو لمساعدتهما. وكان المصرف أنفق 70 بليون لشراء سندات البرتغال وإرلندا واليونان. ورأى مراقبون بأن نجاة إسبانيا وإيطاليا من الزوبعة قد يدفع المضاربين إلى التساؤل عن وضع الديون السيادية في فرنساوبلجيكا. وتبلغ قيمة الدَّين العام في فرنسا 87.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وفي بلجيكا إلى 97.3 في المئة. وشككت المفوضية في صدقية وكالات التصنيف الائتماني وقال بايي إنها «تضطلع بدور أساسي في تزويد الأسواق بالمعطيات لكن تأثيرها كبير للغاية» و «نشك في صدقيتها عندما يتعلق الأمر بتصنيف بعض الدول الأوروبية». وستقدم المفوضية الأوروبية تقريراً في الشهر المقبل حول إمكانات تحجيم دور وكالات التصنيف فيما يقترح البعض إنشاء وكالة أوروبية. وتشكل الخطوة غير المسبوقة لوكالة «ستاندارد أند بورز» للتصنيف الائتماني الجمعة بخفض علامة الدين الأميركي من «AAA» القصوى الى «AA+»، تحذيراً جدياً لواشنطن. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس إنه تلقى التحذير، مؤكداً أن «مشاكلنا قابلة للحل فوراً، ونحن نعلم ما الذي يجب أن نفعله لحلها»، ومجدداً ثقته في اقتصاد بلاده. لكن خطاب أوباما يخفي حقيقة أن بلاده تستدين من الخارج من أجل ضمان ريادتها في العالم، فيما أصبحت ديونها تساوي 100 في المئة من الناتج المحلي. وسيزيد فقدانها التصنيف الممتاز في شكوك كبار الدائنين مثل الصين واليابان. وتشير منظمة التجارة العالمية إلى تراجع حصة الولاياتالمتحدة في صادرات السلع في العالم من 12.1 في المئة عام 2000 الى 8.4 في المئة عام 2010. وأُغلق اكثر من 10 آلاف مصنع منذ 2003 في الولاياتالمتحدة بحسب تعداد مجلة «بلانت كلوزينغ نيوز» المتخصصة. ويعتقد خبراء بأن معطيات الصناعة والخدمات والبطالة والإنفاق في الولاياتالمتحدة تفسر تشاؤم أسواق المال إلى درجة تفوق مجرد تأثير وكالة التصنيف الائتماني.