تعدّ هذه السنة، سنة الحملات على وسائل الإعلام الاجتماعي، إذ بدأ الأمر مع حجبها في مصر لدى اندلاع «ثورة 25 يناير». ثم حدث الأمر نفسه في ليبيا، تماماً كما في مصر، وامتد أبعد من ذلك عندما قال رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون إنه يفكر في إغلاق قنوات الاتصال الرقمي خلال أعمال الشغب التي اجتاحت بلاده. ووراء كل هذه الحملات نظرية تكاد ان تكون مثبتة، وهي أن العصر الجديد لتكنولوجيا الاتصالات، من «فايسبوك» إلى «تويتر» و «بلاك بيري ماسنجر» وغيرها، ساعد الناس على التعبئة والتمرد ضد الحكومات. ويميل متابعو تطوّر تكنولوجيا الاتصالات إلى رؤية وسائل الإعلام الاجتماعية والإنترنت على أنها قوة تصنع الديموقراطية، وأدوات رقمية يمكن استخدامها لإسقاط الحكام المستبدّين وإحداث شرارة التغيير. وربما وضع وائل غنيم، الموظف في «غوغل» والذي ساعد في تنظيم ثورة شباب مصر على موقع «فايسبوك»، النظرية تلك في كلمات أفضل عندما قال: «إذا كنت ترغب في تحرير المجتمع، امنحه الإنترنت». لكن ماذا لو كانت هذه النظرية خاطئة؟ افتراض الخطأ كان حجة نافيد حسن بور، خريج العلوم السياسية في جامعة يال الأميركية، والذي كتب ورقة بحثية انتشرت على نطاق واسع وتحدث فيها عن أن وسائل الإعلام الاجتماعي تعرقل فعلاً فرصة جماعة معينة لتنظيم ثورة هادفة وناجحة. وقال: «وسائل الإعلام الاجتماعي يمكن أن تعمل ضد تعبئة القواعد الشعبية. إنها تثبط الحضور الجماهيري في الشوارع وجهاً لوجه، فهي تزيد الوعي حول الأخطار التي تهدد من يشاركون في الاحتجاجات، ولعلها تثني الناس عن المشاركة». واستخدم حسن بور النماذج الرياضية والحسابية لرسم خريطة يوضح فيها أن الحال في مصر كانت مشابهة لفرضيته، وفق ما نشر موقع «سي أن أن» الإلكتروني العربي. وقال: «الوضع هذا في سياق مختلف. فكّر في صور أصدقائك على فايسبوك، فعندما يمكنك رؤيتها دائماً ومتابعة نشاطاتهم، فإن ذلك يمنعك من لقائهم فعلياً والتواصل معهم في شكل شخصي، هذا التفاعل وجهاً لوجه هو المفتاح لتعبئة سياسية»، مشيراً إلى أن «الناس كانوا ينظمون أنفسهم قبل وجود كل هذا الضجيج الرقمي». وليس حسن بور أول من يزعم أن وسائل الإعلام الاجتماعي لا تساعد الثورات، إذ يرى يفغيني موروزوف، وهو باحث في جامعة ستانفورد ومؤلف كتاب «الجانب المظلم لحرية الإنترنت»، أن الطغاة استخدموا الاتصالات الرقمية لتعقب المعارضين وملاحقتهم. ويقول: «ربما نحن أفضل حالاً بكثير من دون الإنترنت، على افتراض الأسوأ، وهو أن الشبكات الاجتماعية ستعزز قوة الطغاة».