يعد هذا العام بلا شك عام الحملات على وسائل الإعلام الاجتماعية، إذ بدأ الأمر بحجبها في مصر مع اندلاع الثورة في يناير/كانون الثاني وسط احتجاجات أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. ثم حدث الأمر في ليبيا، تماما كما في مصر، وامتد أبعد من ذلك، عندما قال رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون انه يفكر في إغلاق قنوات الاتصال الرقمية خلال أعمال الشغب التي اجتاحت البلاد. ووراء كل هذه الحملات نظرية تكاد تكون مثبتة، وهي أن "العصر الجديد لتكنولوجيا الاتصالات، من فيسبوك وتويتر وبلاك بيري ماسنجر وغيرها، ساعد الناس على التعبئة والتمرد ضد الحكومات." ويميل المطلعون على التكنولوجيا إلى رؤية وسائل الإعلام الاجتماعية والإنترنت على أنها قوة تصنع الديمقراطية، وأدوات رقمية يمكن استخدامها لاسقاط الطغاة وإحداث شرارة التغيير. وربما وضع وائل غنيم، الموظف في غوغل والذي ساعد في تنظيم ثورة شباب مصر على موقع فيسبوك، النظرية تلك في كلمات أفضل عندما قال "اذا كنت ترغب في تحرير المجتمع، امنحه الإنترنت." ولكن ماذا لو كانت هذه النظرية خاطئة؟ افتراض الخطأ هذا كان حجة نافيد حسن بور، خريج العلوم السياسية في جامعة ييل، الذي كتب ورقة بحثية انتشرت على نطاق واسع، وتحدث عن أن وسائل الإعلام الاجتماعية تعرقل فعلا فرصة جماعة معينة لتنظيم ثورة هادفة وناجحة. وقال حسن بور "وسائل الإعلام الاجتماعية يمكن أن تعمل ضد تعبئة القواعد الشعبية.. إنها تثبط الحضور الجماهيري في الشوارع وجها لوجه.. فهي تخلق المزيد من الوعي للمخاطر التي تحيق بمن شاركوا في الاحتجاجات، والتي بدورها يمكن أن تثني الناس عن المشاركة." واستخدم حسن بور النماذج الرياضية والحسابية لرسم خريطة يوضح فيها أن الحال في مصر كانت مشابهة لفرضيته. وقال "لوضع هذا في سياق مختلف، فكر في صور أصدقائك على فيسبوك. فعندما يمكنك رؤيتها دائما ومتابعة نشاطاتهم.. فإن ذلك يمنعك من لقائهم فعليا والتواصل معهم بشكل شخصي." ويضيف "هذا التفاعل وجها لوجه هو المفتاح للتعبئة سياسية،" مشيرا إلى أن "الناس كانوا ينظمون أنفسهم قبل وجود كل هذا الضجيج الرقمي." ويقول حسن بور "اننا نصبح طبيعيين أكثر، عندما نعلم بالفعل ما الذي يجري، وعندما لا نعلم ذلك، فإن أعمالنا لا يمكن التنبؤ بها.. وليس لها آثار مثيرة للاهتمام." وليس حسن بور هو أول من يزعم أن وسائل الاعلام الاجتماعية لا تساعد الثورات، إذ يرى يفغيني موروزوف، وهو باحث في جامعة ستانفورد ومؤلف كتاب "الجانب المظلم لحرية الإنترنت،" أن الطغاة استخدموا الاتصالات الرقمية لتعقب وملاحقة المعارضين. ويقول "ربما نحن أفضل حالا بكثير بدون الإنترنت على افتراض الأسوأ.. وهو أن الشبكات الاجتماعية ستعزز قوة الطغاة."