لم يكد يركن السعوديون إلى الراحة بعد الهزة الأرضية الأولى التي ضربت القنفذة إلا ولحقت بها هزة أخرى، أعلنت عنها محطات الرصد الزلزالي التابعة للمركز الوطني للزلازل والبراكين بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية. وسجلت الهيئة هزة محسوسة شمال محافظة القنفذة بمسافة 33 كيلو متراً في تمام الساعة السابعة و11 دقيقة مساء أول من أمس (الإثنين) بقوة بلغت 3.4 درجة على مقياس ريختر وبعمق 10 كيلومترات تحت الأرض. وأكدت المديرية العامة للدفاع المدني في منطقة الباحة عدم وجود أية أضرار لتلك الهزة كما لم تسجل أي خسائر أو إصابات بشرية. وشددت على لسان الناطق الإعلامي باسمها جمعان الغامدي على أنه ما زال مركز القيادة والسيطرة يتلقى الكثير من الاتصالات والاستفسارات عن كيفية التعامل مع هذه الهزات، لافتاً إلى ضرورة الرجوع إلى موقع المديرية على الرابط «www.998.gov.sa/Ar/Enlightenment/Pages/default.aspx» للتوعية الوقائية. وتصدرت أحاديث السعوديين أمس (الثلثاء) حادثة الزلزالين في مجالس أعيادها لتتحول مجالس تهاني بالعيد السعيد إلى مباركة بالسلامة من وقع ما جرى في المنطقة. ويتوقع مراقبون أن تشهد الملاهي خفضاً طفيفاً في الإقبال عليها لدى الأهالي المتوجسين من معاودة الزلزال لهز منطقتهم في الباحة والقنفذة وأجزاء من عسير تجنباً إلى عواقب قد لا تحمد عقباها. وأضحى من الأكيد أن زلزالي القنفذة كانا كفيلين بكبح فرحة الأطفال في يوم عيدهم الأغر بالخروج واللهو في المدن الترفيهية التي أمسى اللعب فيها مجازفة نسبية، خصوصاً في ظل غياب التصريحات الرسمية التي تؤكد أو تنفي احتمال ظهور زلزال جديد. من جانبه، أوضح المختص في مجال البنايات والإنشاءات المهندس هشام أبو الخير أن غالبية المباني المصممة في السعودية لا تراعي عامل الزلازل على رغم أهميته البالغة في سلامة سكان المنشأة وكذلك الحفاظ على عمرها العمراني لأطول فترة ممكنة. وقال ل«الحياة»: «يجب أن تجري وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة في البلديات بالتعاون مع أصحاب البنايات تقويماً أولياً لكل منشأة من فرق بحث مختصة بعد وقوع مثل هذه الحوادث»، مشيراً إلى أن ذلك يجب أن يتم وأن يحدد بشكل سريع المستوى العام للأضرار التي قد تكون لحقت بأساسات المنشأة. واعتبر عملية البحث الأولي التي تأتي بعد عملية التقويم المبدئي تقويماً مستقلاً وأكثر شمولية، يتم إعداده من جانب مهندس مصمم يبدأ بعملية التحديد التفصيلي لطبيعة ودرجة الدمار والحاجة إلى اتخاذ إجراءات الطوارئ أو التدعيم للمنشأة في حال وقوع الضرر. وأردف: «تتطلب المرحلة الثانية البحث التفصيلي للأضرار بحيث يمكن تصميم ووضع تفاصيل إجراءات الإصلاح والتقوية بعد التحريات الأولية للبدء في الإجراءات الطارئة للحماية الموقتة وذلك بالتدعيم الفوري للبنايات والمنشآت التي تضررت أساساتها بشكل بالغ لكنها لم تنهر عند وقوع الزلزال». وتابع أبوالخير: «تهدف الحماية الموقتة إلى تأمين المقاومة أو التدعيم المرحلي للعناصر والوصلات المتضررة التي تتوقف عليها سلامة الجمل ككل، لذا يجب أن تؤمن إجراءات الحماية الموقتة لسلامة الناس في المناطق المجاورة، كما تقرر القيام بالتدعيم في حال وجود خطر بل يجب الأمر بهدم المنشآت التي يهددها». وأبان أن الإجراء الأول في عملية الحماية الموقتة هو تأمين تدعيم العناصر «الشاقولية» من أعمدة وجدران حاملة متضررة، وتكون الحاجة إلى ضرورة تأمين التدعيم الشاقولي ضمن الطابق من البناية واضحة عندما يكون العنصر الشاقولي متضرراً. وشدد على أنه يجب على المصمم تقدير الأضرار بشكل نموذجي، مستفيداً من معطيات التحريات التي تم توثيقها، ثم وضع إجراءات الإصلاح والتقوية التي تحسن تجاوب المنشأة في الزلازل اللاحقة من طريق تجنب ما يتعارف عليه هندسياً ب«الشذوذات» في المسقط الأفقي والتغيرات المفاجئة في القساوة بين البلاطات. ونصح أبو الخير بتقويم نتائج تقوية العناصر المضافة إلى المنشأ بحذر، وذلك للتأكد من أنها لن تؤدي إلى زيادة الأضرار في زلزال لاحق. وطالب وزارة الشؤون البلدية والقروية إقرار تنظيمات جديدة تفرض على الراغبين في الحصول على رخص للبناء ضرورة التقيد بالمعايير الهندسية في البنايات الجديدة مع ضرورة التحرك لإيجاد آلية لحماية البنايات المقامة حالياً خصوصاً على الشريط الساحلي المحاذي للبحر الأحمر.