استعادت شوارع طهران هدوءها امس، رغم ورود انباء عن اطلاق نار متكرر ليلاً في بعض ضواحي العاصمة، فيما بذلت شخصيات بارزة جهوداً لجمع الفرقاء المتنازعين في الأزمة التي أثارتها نتائج الانتخابات الرئاسية في ايران، الى طاولة واحدة، فيما ظهرت مؤشرات بارزة الى حلول ممكنة من خلال زيارة لقم قام بها اعضاء في مجلس صيانة الدستور المعني بالبت في نتائج الإقتراع، لاستمزاج آراء المراجع الدينية ونيل موافقتها على مخرج يرضي الأطراف جميعا. وفي هذا الإطار، برزت دعوة رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني مجلس صيانة الدستور الى «تعزيز ثقة المواطنين بالإجراءات التي اتخذها للتحقق من نتائج الانتخابات»، فيما بدا ان اجراء دورة اقتراع ثانية بين الرئيس محمود احمدي نجاد والمرشح الإصلاحي الخاسر مير حسين موسوي، احد الحلول المطروحة للتسوية. وقالت مصادر ل»الحياة» ان جهوداً تبذل لعقد اجتماع يضم الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي وموسوي والمرشح الإصلاحي الثاني مهدي كروبي ووزير الداخلية السابق ناطق نوري، اضافة الى نجاد، على ان يكون الاجتماع في حضور مرشد الجمهورية علي خامنئي. وعقد موسوي وكروبي اجتماعاً امس وصف بال «مهم»، مع «جماعة رجال الدين المناضلين» الإصلاحية (روحانيون مبارز)، للاتفاق على آلية التحرك في المرحلة المقبلة، بعيداً من تأزيم الأوضاع واتفقا على عدم استخدام «خيار الشارع». ووضع مجلس صيانة الدستور المراجع الدينية البارزة في قم، في اجواء الخطوات التي يعتزم اتباعها من اجل ازالة الشكوك والقلق حول نتائج الانتخابات، كدلالة على تأكيد نزاهته في النظر في الطعون التي قدمها المرشحون الخاسرون الثلاثة: موسوي وكروبي ومحسن رضائي، خصوصاً ان خاتمي اعتبر ان المجلس ليس مؤهلاً لأداء دور الحكم، معتبراً ان الحل يكمن في «تعيين هيئة منصفة وحيادية وشجاعة تكون محل ثقة خصوصاً لدى المعترضين والقبول بحكمها المنصف». ونفت مصادر موسوي ان يكون شارك في تظاهرات السبت الماضي، وأن يكون تحدث عن «الشهادة» امام انصاره. وأكد المرشح الإصلاحي انه «ليس ضد النظام الإسلامي وقوانينه، ولكننا ضد الأكاذيب والانحرافات ونريد فقط الإصلاح «، فيما دعا رجل الدين المعارض آية الله حسين علي منتظري الى الحداد العام لثلاثة أيام اعتبارا من الاربعاء، بعد سقوط قتلى خلال الاحتجاجات. واستعادت شوارع طهران هدوءاً مشوبا بالترقب امس، بعد مقتل 10 اشخاص على الأقل وجرح اكثر من 100، في الصدامات التي شهدتها العاصمة السبت الماضي، في ظل قيود اضافية على وسائل الاعلام المحلية والغربية حالت دون وصول معلومات تفصيلية عن الاوضاع. وافادت شبكة «برس تي في» الإيرانية ان السلطات اطلقت اربعة من افراد اسرة الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني بعد اعتقالهم ليل السبت - الأحد خلال «تظاهرات غير قانونية». وأوضحت القناة ان فايزة هاشمي ابنة رفسنجاني، والتي اعتقلت مع هؤلاء، اطلقت لاحقا. واتهمت الشرطة الإيرانية «عملاء منظمة مجاهدين خلق الذي تسللوا» الى صفوف المتظاهرين، بالتسبب في سقوط الضحايا، فيما اعلنت وزارة الاستخبارات اعتقال عدد من اعضاء المنظمة الإيرانية المعارضة في المنفى، «الذين تدربوا في معسكر أشرف في العراق ودخلوا ايران للقيام بأعمال ارهابية». وكان لافتاً امس، الهجوم اللاذع الذي شنته ايران على بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، متهمة اياها بالتدخل في شؤونها الداخلية. واعتبر وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي امام اعضاء السلك الديبلوماسي، ان لندن «تآمرت على الانتخابات الرئاسية منذ اكثر سنتين» عبر عملاء لها في الأراضي الإيرانية. كما وصف متقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ب «القزم»، فيما نقلت وكالة انباء «مهر» عن لاريجاني تحذيره تلك الدول من ان طهران قد تُضطر الى «الرد عليهم في ساحات أخرى». لكن لندن نفت الاتهامات الإيرانية، معتبرة ان «تحميل الأجانب» مسؤولية الخلافات الداخلية «لا يمكن قبوله». وفي واشنطن، حضّ الرئيس الأميركي باراك اوباما طهران على وقف «اعمال العنف والظلم ضد شعبها». وأمهلت طهران مراسل هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» 24 ساعة لمغادرة اراضيها، بسبب «دعمه مثيري الشغب»، فيما وصف الناطق باسم الخارجية الإيرانية حسن قشقوي إذاعة صوت اميركا الممولة من الكونغرس الأميركي و»بي بي سي» بأنهما «مركز قيادة اعمال الشغب». كما أعلنت منظمة «مراسلون بلا حدود» ان ايران باتت «أول سجن في العالم للصحافيين»، مشيرة الى احتجاز 33 صحافياً ومعارضاً ناشطاً على الإنترنت. على صعيد آخر، افادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية بأن القوات الجوية الإيرانية ستبدأ اليوم مناورات في الخليج وبحر عمان، لرفع «قدراتها في مجال العمليات والدعم». وأوضحت الوكالة: «ستشارك في هذه المناورات مقاتلات تحلق لمسافات طويلة تصل الى نحو 3600 كيلومتر، مع اعادة التزود بالوقود جواً». وأضافت: «ستكون هناك ايضاً طائرات تحلق على ارتفاعات منخفضة فوق مياه الخليج وبحر عمان، الى جانب مقاتلات ايرانية تصل لمسافات تزيد عن 700 كيلومتر».