إذا كتب لك أن تخرج من باب منزلك في إحدى الليالي الرمضانية المباركة، فأمامك حلان، الأول أن تعود إلى منزلك معززاً مكرماً، وهنا أمامك حلان، إما أن تتسمر أمام التلفزيون ومشاهدة المسلسلات الهابطة التي تعج بها الفضائيات، وتحتمل ضجيج أبنائك، أو أن تشاهد الأخبار، وإذا شاهدت الأخبار أمامك حلان، إما أن تصاب بالإحباط جراء ما تشاهده من جرائم ترتكب بحق الإنسانية، وإما أن تصبر إلى أن يحين موعد السحور، فتتسحر وتصلي وتنام إلى اليوم الثاني. أما إذا اخترت الخروج، فأمامك حلان، الأول أن تقود سيارتك بأدب وتتحمل نظرات التذمر من قائدي السيارات الأخرى، وإما أن تكون مثلهم فوضوياً، وتزاحم السيارات الأخرى، وإذا زاحمتهم أمامك حلان، إما أن تتعرض لحادثة تذهب بليلك كله إلى أن يأتي أصحاب المعالي من «نجم»، ويتكرم أحدهم بالنزول من سيارته وتخطيط الحادثة، وكل يذهب في حال سبيله، وإما أن تصل سالماً إلى الموقع الذي توجهت إليه وهو غالباً إحدى الأسواق أو المجمعات التجارية، إذا تم ذلك فهناك حلان، إما أن تكون وصلت متأخراً، فتذهب إلى «كوفي شوب» لاحتساء عصير يبرّد «كبدك»، أو أن تكون وصلت في وقت مناسب، إذا وصلت في وقت مناسب، فأمامك حلان، إما أن تعود محملاً بالأكياس، أو أنك ستتعرض لمضايقات من الزحام، والتواجد الشبابي المكثف. هنا أشار شهريار بيده وقال: اخبريني يا شهرزاد ماذا يفعل الصبية والغلمان في الأسواق المخصصة للنساء؟ فقالت بدلال، مولاي... «يغازلون»، فاشتعلت عينا شهريار، وصرخ صرخة مجلجلة، يحدث ذلك في رمضان، فقالت لكن يا سيدي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خصّصت 1880 عضواً ميدانياً للتصدي لهم، فقال كل هذا العدد في شهر تصفد فيه الشياطين؟ إذاً كم عضواً يحتاجون في الأشهر التي لا يصفدون فيها...؟ وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وسكتت عن الكلام المباح. [email protected]